لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون
--------------------------------------------------------------------------------
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على نبينا الكريم و على آله و صحبه أجمعين
تحية طيبة لكم إخوتي الكرام :
وقفتنا اليوم مع آية في سورة الحجر و هي
بسم الله الرحمن الرحيم :
(( لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون ))
قرأناها كثيرا و مرت معنا لكننا دائما نقرأ تلك الآية على أنها قيلت عن قوم لوط عندما حاولوا أن يراودوه عن ضيفه الملائكة فقال لهم تزوجوا من بناتي فهذا أطهر لكم
فكان الرد الإلهي الكريم : ( لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون )
و لكنني سمعتها أمس بصوت القارئ الرائع أبو بكر الشاطري الذي بكى عندما تلاها و جعلني أتساءل لماذا بكى الشيخ ؟
و لأول مرة أشعر بأن تلك الآية تنبيه لنا جميعا
السكرة هي انشغال العقل بالملذات و الأهواء و الشهوات و غياب المسؤولية و التركيز
شعرت بأن أغلبنا نعيش في تلك السكرة بانشغالنا عن الآخرة بالدنيا و بجرينا وراء رغباتنا و أهوائنا
أصابنا الوهن و تعلقت قلوبنا بدنيا زائلة و كرهنا الموت و نسينا الآخرة إلا ما رحم ربي
يقول تعالى في سورة يونس : (( إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا و اطمأنوا بها و الذين هم عن آياتنا غافلون ** أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون ))
فعندما تسعى فقط لأجل الدنيا و تأمن و تطمئن بها و تنسى الآخرة فأنت ترمي بنفسك إلى النار و العياذ بالله
نجري وراء المال بكل قوتنا و لو حتى على حساب قيمنا و مبادئنا و كرامتنا
فكم من أخ أكل مال إخوته و كم من صديق نصب على صديقه و باع ضميره لأجل المال
و كم من مرتشٍ و آكل ربا يسعى فقط لكسب المال بأي طريقة كانت ناسياً لقاء ربه معمياً وراء سكرته و حبه للدنيا
و كم من ظالم و مستبد متعلق بالمنصب و الكرسي غير آبه بالناس و ناسيا الموت و راضيا بالدنيا فقط
و كم من إنسان أهان كرامته و رضي بالذل و المهانة لأجل مال و لأجل دنيا ناسياً الآخرة
و كم من إنسان يسوف التوبة و يؤجلها لأجل الدنيا و المال و الشهوات
يبتعد عن كل شيء يذكره بالآخرة و الموت كي لا يصحو ضميره و يتوب و يقلع عن ذنوب يحبها و يريدها لأجل الدنيا و إرضاء الشهوات
تقول له ابتعد عن العلاقات المحرمة فيرفض سماعك كونه يستلذ بها و كأنه مخمور سكران فقد عقله
تقول له توقف عن الكذب و الغش فيرفض سماعك لأنه تائه و أعمى بسبب شهواته التي تعمي بصيرته
صدقوني كثيرون منا و لا حول و لا قوة إلا بالله يعيشون كالسكارى في هذا العالم
لاهثين وراء الرغبات و الشهوات و الأطماع غير آبهين بالآخرة متجاهلين كل القيم و المبادئ و الأخلاق
أعماهم حب الدنيا و أفقدهم عقولهم و ضميرهم
و ما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي
لم أكن هنا في تفسير لتلك الآية الكريمة بل هي تأملات و أفكار خطرت لي و أردت نقلها لكم
و ما كان من توفيق فمن الله وحده و ما كان من خطأ أو نسيان فمني و من الشيطان و أعوذ بالله أن أذكركم به و أنساه
و الحمد لله رب العالمين
بتوفيق الله ثم بقلمي