الرئيسيةالتسجيلمكتبي  الرسائل الخاصةالبحثالخروج

  
 


  
أهلا وسهلا بك إلى منتديات ابداع نت.
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
 


الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

منتديات ابداع نت :: الآقسام الترفيقية :: قسم المنتديات العامة :: القسم الاسلامي

  
شاطر
 

  
السيرة - شمائل الرسول 1995 - الدرس (30-32) : جوامع الأدعية Empty2011-07-09, 02:40
المشاركة رقم:

avatar

إحصائية العضو

الجنس : ذكر
المساهمات : 1253
نقاط : 3423
العمر : 30
السمعة : 0
http://noor9.com/vb/
مُساهمةموضوع: السيرة - شمائل الرسول 1995 - الدرس (30-32) : جوامع الأدعية


السيرة - شمائل الرسول 1995 - الدرس (30-32) : جوامع الأدعية


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد
لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، الصادق الوعد الأمين،
اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما
ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علما، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه،
وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون
أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الإخوة المؤمنون ؛ مع الدرس الثلاثين من
دروس شمائل النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كان الدرس الماضي حول آدابه صلى
الله عليه في الدعاء، وننتقل إلى الفقرة الثانية من الدرس وهي نماذج من
جوامع أدعيته صلى الله عليه وسلم.
أيها الإخوة الكرام... بادئ ذي بدء، أعلى درجةٍ في العبادة أن تدعو الله
عز وجل، لذلك أتمنى على إخوتنا الأكارم أن يقتنوا كتيِّباً في بيوتهم حول
أدعية النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يقرؤوا هذا الكتيِّب كثيراً إلى أن
يحفظوه، فإذا حفظوه كان الدعاء وسيلةً من وسائل اتصالهم بالله في كل
أحوالهم.
كما قلت في الدرس الماضي ؛ إذا استيقظ أحدكم،
إذا دخل إلى المسجد، إذا خرج من المسجد، إذا دخل بيته، إذا خرج من بيته، في
كل أحواله، إذا دخل السوق، إذا عقد صفقةً، إذا اشترى ثوباً، إذا ارتدى
ثوباً، إذا دخل إلى الخلاء، إذا دُعي إلى طعام، ما من حركةٍ وسكنةٍ في حياة
النبي إلا ولها دعاءٌ من جوامع الكَلِم.
وحينما تتوجه إلى الله جل جلاله بدعاء رسول
الله فأنت على الصراط المستقيم، لا تبتدع في الأدعية، ترك لنا النبي صلى
الله عليه وسلم جوامع من أدعيته، وأدعيته فيها جوامع الكَلِم، والدرس اليوم
بعض النماذج من أدعية النبي صلى الله عليه وسلم.
جاء في الصحيحينِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ:

(( كَانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا
حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ))

ولعل الذين اعتمروا أو حجّوا بيت الله الحرام، يسمعون بآذانهم أن أكثر دعاءٍ يُدعَى به في الطواف وفي السعي:

(( اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ))

فما هي حسنة الدنيا ؟ سيدنا علي بن أبي طالب قال: " هي المرأة الصالحة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:

(( الدنيا كلها متاع وخير متاعها المرأة الصالحة التي
إذا نظرت إليها سرتك، وإذا غبت عنها حفظتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا
أقسمت عليها برَّتك ))

وقال قتادة: " حسنة الدنيا هي العافية والكفاف ".
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ
الْخَطْمِيِّ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(( مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ
مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ
الدُّنْيَا))

إخواننا الكرام ؛ الذي آتاه الله عز وجل سلامة
في صحته، وكفافَ يومه، وأمنًا في أهله، واللِه لا أبالغ فقد حيزت له
الدنيا بحذافيرها، صحيح الجسم عنده قوت يومه، لأنه:

(( خذ من الدنيا ما شئت، وخذ بقدرها همًّا - كلما كبر حجمك في الدنيا كبر همك - " خذ من الدنيا ما شئت وخذ بقدرها هماً))


( من كشف الخفاء )


(( ومن أخذ من الدنيا فوق ما يكفيه أخذ من حتفه وهو لا يشعر))

لذلك سيدنا علي كرم الله وجهه يرى أن هناك
ثلاث نعمٍ على التسلسل ؛ إن كانت فلا تأس على شيءٍ فاتك من الدنيا، إيمانٌ
صحيح، وعافيةٌ وكفاف، ولا معنى للعافية من دون إيمان، ولا معنى للكفاف من
دون عافية، على التسلسل ؛ إيمانٌ، وعافيةٌ، وكفاف، فمن حيزت له هذه الثلاث
ما فاته شيءٌ من الدنيا، والله هو الملك، وهناك ملكٌ جبار سأل وزيره:
" من الملك ؟ من شدة خوفه قال الوزير: أنت الملك، قال له: لا، الملك رجلٌ
لا نعرفه ولا يعرفنا، له رزقٌ يكفيه، وزوجةٌ ترضيه، وبيتٌ يؤويه، إنه إن
عَرَفنا جَهِد في استرضائنا، وإن عرفناه جهدنا في إذلاله "
.
لا نعرفه ولا يعرفنا، له زوجةٌ ترضيه، وبيتٌ
يؤويه، ورزقٌ يكفيه، هذا هو الملك، فإذا أخٌ من إخواننا الكرام عافاه الله
في بدنه، وأمتن عليه بالإيمان والاستقامة على منهج الله، وعنده ما يكفيه،
فقد فاز بكل شيء.
لذلك قبل ثلاثين عاماً فيما أذكر، قرأت كتاباً
عن سيدنا الصديق رضي الله عنه، الكتاب من أروع ما كتب عنه، ولفت نظري في
حياته كلمات قالها المؤلِّف عنه في مقدمة الكتاب، قال: هذا الصحابي الجليل
ما ندم على شيءٍ فاته من الدنيا قط.
قبل أن آتي إليكم كنت في عيادة مريض، قلت له: سيدنا عمر كان إذا أصابته مصيبةٌ قال: " الحمد لله ثلاثاً ؛ الحمد لله إذ لم تكن في ديني، والحمد لله إذ لم تكن أكبر منها، والحمد لله إذ ألهمت الصبر عليها ".
وأنا أحبكم أن تتفاءلوا، أن تبتسموا، أن تنطلقوا، إيمان، واستقامة، وصحة، وكفاف.
إذاً سيدنا قتادة يقول: حسنة الدنيا هي العافية والكفاف.
الحسن البصري قال: حسنة الدنيا العلم والعبادة،
عبادةٌ بلا علم فيها نكسات، لعالمٌ واحدٌ أشد على الشيطان من ألف عابد،
العابد مقاومته هشَّة، فتاةٌ تفتنه، ومبلغٌ يُسقطه، المقاومة عنده هشَّة،
لذلك عالمٌ واحد أشد على الشيطان من ألف عابد، العلم والعبادة، علمٌ بلا
عبادة كالشجر بلا ثمر، وعبادةٌ من دون علم هشةٌ ضعيفة سريعاً ما تسقط.
الحسن البصري قال: حسنة الدنيا العلم والعبادة، وقتادة قال: العافية والكفاف. وسيدنا علي قال: " المرأة الصالحة "، لا زلنا في حسنة الدنيا، وقال السُدِّي: حسنة الدنيا المال الحلال.

(( نِعْم المال الصالح للعبد الصالح))

سيدنا أبو ذر الغفاري يقول: حبذا المال ـ لماذا ؟ ـ أصون به عرضي، وأتقرب به إلى ربي ". ولو يعلم الأغنياء أن مالهم يمكن أن يرفعهم عند الله وفي الجنة إلى أعلى عليين، لمَا بخِلوا في الإنفاق في سبيل الله.
قبل ساعتين كنا في حفل افتتاح مسجدٍ في يعفور،
مسجد جميل، معتنى به، وألقى الخطباء كلماتهم، وألقيتُ كلمةً معهم، وبينما
كانت عيني على الذي بنى المسجد كله على نفقته الخاصة، سبحان الله، حانت مني
التفاتةٌ إلى الطرف الآخر، في الطرف الآخر نادٍ ليلي من أشهر النوادي في
الصبورة، ترتكب فيه كل أنواع الموبقات في العالم، قلت: سبحان الله على هذه
الضفة بيتٌ من بيوت الله، وعلى تلك الضفة نادٍ من نوادي المعاصي والآثام.
الذي بنى هذا النادي افتتحه وبعد أسبوعٍ توفاه
الله، فأصبح لعنةً جاريةً إلى يوم القيامة، والذي بنى هذا المسجد فهو في
صحيفته، كل من صلى فيه إلى يوم القيامة في صحيفته، فشتان بين أن تترك
ملهىً، وبين أن تترك مسجداً، وشتان بين من يترك غناءً ومن يترك قرآناً،
فالمغني مات وبقيت أشرطته، والقارئ مات وبقيت أشرطته.
فالقضية قضية تفكير عميق، لا بدَّ من ملاقاة الله عز وجل، الحسن البصري: العلم والعبادة، السُدي: المال الصالح،
بالمال يمكن أن تعمِّر مسجداً، يمكن أن تبني مستوصفًا، يمكن أن تنشئ
مستشفىً، يمكن أن ترعى الأيتام، يمكن أن تنفق على الأرامل، يمكن أن ترسم
البسمة على وجوه الفقراء، كل هذا بالمال، حبذا المال أصون به عرضي وأتقرب
به إلى ربي، المال الصالح هو حسنة الدنيا عند السدي.
أما عند ابن عمر: حسنة الدنيا الأولاد الأبرار، الولد البار بوالديه، ولد مستقيم، عالم، سمعته عطرة، بارٌ بوالديه، هذه حسنة الدنيا وهو قُرة عين والديه.
وعند أحد العلماء حسنة الدنيا ثناء الخلق، لأن ألسنة الخلق هي أقلام الحق، فرأس مال كبير أن تتمتع بثقة الناس ومحبتهم وثنائهم.
وقال جعفر الصادق: حسنة الدنيا صحبة الصالحين والعلماء،
والمحروم من حُرِمَ صالحي زمانه، في كل زمن تجد صالحين، وكلُّ زمن فيه
علماء، أتقياء، فقهاء، فأهل القُرب، أهل المحبة، أهل الوداد مع الله تعالى.
سوف نجمعهم، حسنة الدنيا ؛ المرأة الصالحة،
والعافية، والكفاف، والعلم، والعبادة، والمال الصالح، والأولاد الأبرار،
وثناء الخلق، وصحبة الصالحين.
العلاَّمة الألوسي من كبار علماء اللغة، قال: كلمة " حسنة" هذه
نكرةٌ جاءت في حيِّز الإثبات، تفيد أنها مطلقة، وتنصرف إلى الكمال من كل
شيء. هذا المعنى اللغوي، إذاً حسنة الدنيا كل هؤلاء ؛ امرأةٌ صالحةٌ،
وعافيةٌ، وكفافٌ، وعلمٌ، وعبادةٌ، ومالٌ صالحٌ، وأولادٌ أبرار، وثناء
الخلق، وصحبة الصالحين،

(( ربنا آتنا في الدنيا حسنة))

أما الآخرة، ما حسنة الآخرة ؟ كلمة واحدة هي
الجنة ؛ فيها ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر، الدنيا
محدودة، والآخرة ممدودة، من هو الطموح ؟ لا الذي يطمح في الدنيا ؛ لكن الذي
يطمح في الآخرة..

﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55)﴾


( سورة القمر )

الطموح مَن وصل إلى مرتبةٍ ساميةٍ عند الله عز
وجل، والله مرة في حفل عقد قران، قام أحد الخطباء، وذكَّر الناس بقول رسول
الله صلى الله عليه وسلم لسيدنا معاذ بن جبل، ماذا قال النبي له ؟ أنا
شعرت بنشوةٍ ما بعدها نشوة قال:

(( إِنِّي لأُحِبُّكَ يَا مُعَاذُ))


( من سنن الترمذي: عن " معاذ بن جبل " )

والله بقيت أسبوعاً وأنا في نشوة هذه الكلمة،
نبي الله، سيد الخلق، يقسم بالله إنه يحب معاذ بن جبل !! معنى هذا أن
مكانتك عند من ؟ عند الله ورسوله، فإذا كان الله راضياً عنك، فاسمَعْ ما
قاله الشاعر:

فليتك تحلو والحياة مريـــرة وليتك ترضى والأنام غضابُ
وليت الذي بيني و بينك عامـرٌ وبيني وبين العالمين خـرابُ
إذا صح منك الوصل فالكل هينٌ و كل الذي فوق التراب ترابُ
أقول لعذَّالي مدى الدهر اقصروا فكل الذي يهوى سواه يعـابُ
* * *

مرة قلت في خطبة: ليس البطولة أن تحب، كل
إنسان يحب، لأن الحب من أخص خصائص الإنسان، لكن البطولة أن تعرف من ينبغي
أن تحب، أن تحسن الاختيار، رجل صالح مر على قبرٍ وعليه من يبكي فقال: لمَ
تبكي يا أخي ؟ قال: أبكي على حبيبٍ فارقته، قال: لقد ظلمت نفسك بأنك أحببت
حبيباً يموت، فلو أحببت حبيباً لا يموت لما تعذبت بفراقه.

﴿وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ﴾


( سورة البقرة: من آية " 165 " )

vيا أيها الإخوة الكرام ؛ واللهِ لا يليق بنا أن نحب غير الله، واللهِ
إنّه من الغبن الفاحش أن نجَيَّر لغير الله، من الغبن الفاحش أن نكون لغير
الله، من الغبن الفاحش أن يكون عقلك، وبيانك، واهتمامك، وطاقاتك لغير الله،
أن تكون ذَنَباً لإنسان، أن تكون تابعاً لمخلوق، أن تكون عبداً لعبدٍ
لئيم، كن عبدًا للَّه، فعبد الله حر، لا تكن عبداً لعبد، قال والي البصرة
للحسن البصري: " ماذا أفعل ؟ جاءني من يزيد توجيه إن نفذته أغضبت الله وإن لم أنفذه أغضبت يزيد فماذا أفعل يا إمام ؟ "، ببساطة، وببلاغة، وبروعة، قال: " إن الله يمنعك من يزيد، ولكن يزيد لا يمنعك من الله"، وهذه طبقوها على حياتكم ؛ إنسان ضغط عليك، إن الله يمنعك منه، ولكنه لا يمنعك من الله، كلمةٌ بليغةٌ.
قالوا: حسنة الآخرة هي الجنة، وقالوا: هي
السلامة من هول الموقف وسوء الحساب، وقيل: الحور العين، فليس مِن امرأة
كاملة في الحياة الدنيا، تتفوق بجهة إلاّ وتنقص بجهة، أخلاق عالية جمال
وسط، جمال عالٍ أخلاق شرسة، لا تُحتمل، النَسَب قد يقابله شيء مرذول،
والجمال يقابله نشوز، والفقر قد يقابله سماحةٌ وطيب، والذكاء والكياسة
يقابله نقص بجهة ثانية، شاءت حكمة الله أن تكون الدنيا هكذا، لئلا نتعلق
بها، لذلك أحد الصحابة الكرام حينما طالبته زوجته بحظٍ من حظوظ الدنيا قال:
"اعلمي يا فلانة أن في الجنة من الحور العين ما لو أطلَّت إحداهن على
الأرض لغلب نور وجهها ضوء الشمس والقمر، فلأن أضحي بكِ من أجلهن أهون من
أضحي بهن من أجلكِ ".

إذًا " حسنة الآخرة" قيل: الحور العين، وقيل: السلامة من هول الموقف وسوء الحساب. وقيل: الجنة. وقيل: لذة الرؤية. أي رؤية الباري عز وجل..

﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22)﴾


( سورة القيامة )

متألقة.

﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)﴾


( سورة القيامة )

ورد في الأثر أن أهل الجنة إذا نظروا إلى وجه الله الكريم يغيبون خمسين ألف عامٍ من نشوة النظر.
ووَرد أن الله عز وجل حينما قال:

﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾


( سورة يونس: من آية " 26 " )

الزيادة رؤية وجه الله الكريم، الحسنى هي الجنة، والزيادة رؤية وجه الله الكريم.
والحقيقة نلخص حسنة الآخرة في كلماتٍ معدودة،
كما فعلنا في حسنة الدنيا ؛ كل أولئك ؛ رؤية وجه الله الكريم، الحور العين،
السلامة من هول الموقف، الجنة بكل ما فيها.
وفي الصحيحين عَنْ أَنَسٍ

(( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عَادَ رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَدْ خَفَتَ فَصَارَ مِثْلَ
الْفَرْخِ ـ ضعيفًا، هزيلاً، مريضًا ـ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ كُنْتَ تَدْعُو بِشَيْءٍ أَوْ تَسْأَلُهُ
إِيَّاهُ قَالَ نَعَمْ كُنْتُ أَقُولُ اللَّهُمَّ مَا كُنْتَ مُعَاقِبِي
بِهِ فِي الْآخِرَةِ فَعَجِّلْهُ لِي فِي الدُّنْيَا فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُبْحَانَ اللَّهِ لَا
تُطِيقُهُ أَوْ لَا تَسْتَطِيعُهُ أَفَلَا قُلْتَ اللَّهُمَّ آتِنَا فِي
الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
قَالَ فَدَعَا اللَّهَ لَهُ فَشَفَاهُ))

فهل على الله كثير في الدنيا والآخرة أنْ
يريحك ؟! دعاء فيه جهل: ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا،
قال له: لا، لا تقل هذا الكلام، أحيانًا بعض الإخوة عن جهل يدعو: يا رب
ابتلِني وأنا أصبر، ومن قال لك إنك تصبر ؟‍! قد لا تصبر، قد تنهار مقاومتك،
قد تكفر بربك، كن أديباً مع الله، تأدب بأدب النبي صلى الله عليه وسلم:

(( إن لم تكن ساخطا علي فلا أبالي، غير أن عافيتك
أوسع لي مِن أن تحل علي غضبك، أو تنزل علي سخطك، ولك العتبى حتى ترضى، ولا
حول ولا قوة إلا بك))


( من الجامع الصغير: عن " عبد الله بن جعفر " )

سل الله العافية: " سل الله العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة ".
من أجمل الأدعية، كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم:

(( اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي))


( من سنن الترمذي: عن " عائشة " )

وكان يدعو عليه الصلاة والسلام:

(( اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ))


( من سنن ابن ماجة: عن " أبو هريرة " )

من أدعية النبي صلى الله عليه وسلم الجامعة:

(( اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي))


( من صحيح مسلم: عن " أبي هريرة " )

وهذه مداخلة في الموضوع... قرأت خبرًا في
الجريدة أن فكرةً لمعت في ذهن بعض دور النشر أن يقلب الكتاب من كتاب مقروء
إلى كتاب مسموع، فأتى بكبار المذيعين، وسجلوا هذا الكتاب على أشرطة، فهذا
الكتاب كما سمعت حقق أرباحًا تقدر بتسعين مليون دولار ـ أرباح كتاب سجل على
أشرطة ـ قالوا: لماذا ؟ لأن فئةً مِن الناس عندهم ساعتان في اليوم ؛
الساعة الأولى ساعة الرياضة والجري، والساعة الثانية ساعة قيادة السيارة،
وهاتان الساعتان وقتٌ ميت، لذلك فمعظم هؤلاء يستمعون إلى الأشرطة عند قطع
مسافة الوصول إلى أعمالهم في السيارة وفي أثناء الرياضة - شيء جميل - ممكن
إذًا في أثناء الرياضة أنْ يقرأ الشخصُ كتابًا، يسمعه بمسجلات صغيرة، وفي
السيارة يستمع إلى أشرطة سجلت الكتاب.
فهذا المؤمن إذا كان يعمل في مجال الرياضة، أو
يتمشى فمعه أدعية، ومعه أذكار، أنا سُقت هذه القصة لأصِل إلى هذا، فأنت
أيها المسلم أنيسُك الأول ذكر الله سبحانه، فممكن في أثناء مشيك من أجل
الرياضة، وممكن في أثناء قيادة مركبتك من بيتك إلى معملك، ممكن أن تستمع
إلى درس علم وتستفيد، ويمكن أن تذكر الله في هذا الوقت، ومن الممكن أن
تدعوه، أن تسبحه، أن تستغفره، أن تكبِّره أن تهلل، أن توحِّد، أن تضرع
إليه.
قالوا: إذا أردت أن تحدث ربك فادعه، وإذا أردت أن يحدِّثك الله فاقرأ القرآن، تحدثه ويحدثك، تدعوه وتقرأ كلامه.
من أدعيته الجامعة ما روى مسلم في صحيحه عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ:

(( اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ
عِصْمَةُ أَمْرِي وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي
وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي وَاجْعَلْ الْحَيَاةَ
زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ وَاجْعَلْ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ
كُلِّ شَرٍّ))

شيء جميل..

(( اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي))


(( ابن عمر: دينك ينك إنه لحمك ودمك))


( من كنز العمال: عن " ابن عمر " )


(( إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ))


( من صحيح مسلم: عن " محمد بن سيرين " )


(( وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي))


( من صحيح مسلم: عن " أبي هريرة " )

فأنت تحتاج إلى مال، وعندك زوجة وأولاد،
ويترتَّب عليك مصروف، تحتاج إلى الصحة، تحتاج إلى مأوى، تحتاج إلى طعام
وشراب، تحتاج إلى ثمن دواء، إلى ثمن كساء.

(( وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي))

ماذا بقي ؟

(( اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ
عِصْمَةُ أَمْرِي وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي
وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي وَاجْعَلْ الْحَيَاةَ
زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ وَاجْعَلْ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ
كُلِّ شَرٍّ))

أحياناً الموت رحمة، قال: إذا كان أمراؤكم
شراركم، وأغنياؤكم بخلاءكم، وأمركم إلى نسائكم، صرنا في زمان يقول أحدهم:
هل شاورت الخانوم ؟ شاورها ثم تعال، الأمر ليس بيده بل بيدها، أخي أحضر معك
الخانوم، أريح لنا،

(( وَإِذَا كَانَ أُمَرَاؤُكُمْ شِرَارَكُمْ
وَأَغْنِيَاؤُكُمْ بُخَلاءَكُمْ وَأُمُورُكُمْ إِلَى نِسَائِكُمْ فَبَطْنُ
الأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ ظَهْرِهَا))


( من سنن الترمذي: عن " أبي هريرة " )

أحد الشعراء رثى يوسف العظمة، الذي كان وزير
الدفاع في أوّل عهد الاستقلال، هو دارس دراسات عليا في أوروبا، ويعلم علم
اليقين أن هذا الجيش المتواضع لن يقابل جيش فرنسا، ومع ذلك خرج، واستشهد
وكان بهذا الاستشهاد بطلاً، فمدحه شاعر قائلاً:
هذا الذي اشتاق الكرى تحت الثرى كي لا يرى في جلق الأغراب

* * *


(( إِذَا كَانَ أُمَرَاؤُكُمْ خِيَارَكُمْ
وَأَغْنِيَاؤُكُمْ سُمَحَاءَكُمْ وَأُمُورُكُمْ شُورَى بَيْنَكُمْ فَظَهْرُ
الأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ بَطْنِهَا وَإِذَا كَانَ أُمَرَاؤُكُمْ
شِرَارَكُمْ وَأَغْنِيَاؤُكُمْ بُخَلَاءَكُمْ وَأُمُورُكُمْ إِلَى
نِسَائِكُمْ فَبَطْنُ الأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ ظَهْرِهَا))


( من سنن الترمذي: عن " أبي هريرة " )

لذلك من أدعية النبي:

(( اللَّهُمَّ تَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ وَأَحْيِنَا مُسْلِمِينَ وَأَلْحِقْنَا بِالصَّالِحِينَ غَيْرَ خَزَايَا وَلا مَفْتُونِينَ))


( من مسند أحمد: عن " ابن رفاعة " )

وهذا دعاءٌ رائعٌ، ومِن أدعية النبي الجامعة:

(( رَبِّ أَعِنِّي وَلا تُعِنْ عَلَيَّ وَانْصُرْنِي
وَلا تَنْصُرْ عَلَيَّ وَامْكُرْ لِي وَلا تَمْكُرْ عَلَيَّ وَاهْدِنِي
وَيَسِّرِ الْهُدَى لِي وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ رَبِّ
اجْعَلْنِي لَكَ شَكَّارًا لَكَ ذَكَّارًا لَكَ رَهَّابًا لَكَ مِطْوَاعًا
لَكَ مُخْبِتًا إِلَيْكَ أَوَّاهًا مُنِيبًا رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي
وَاغْسِلْ حَوْبَتِي ـ أي خطيئتي ـ وَأَجِبْ دَعْوَتِي وَثَبِّتْ حُجَّتِي
وَسَدِّدْ لِسَانِي وَاهْدِ قَلْبِي وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ صَدْرِي ))

السخيمة الحقد.

( من سنن الترمذي: عن " ابن عباس " )

فهذا من أدعية النبي، وهناك دعاء مقتبس من هذا الدعاء:

(( اللَّهُمَّ زِدْنَا وَلا تَنْقُصْنَا
وَأَكْرِمْنَا وَلا تُهِنَّا وَأَعْطِنَا وَلا تَحْرِمْنَا وَآثِرْنَا ولا
تُؤْثِرْ عَلَيْنَا وَارْضَ عَنَّا وَأَرْضِنَا))


( من مسند أحمد: عن " عمر بن الخطاب " )

أروع ساعات الإنسان مع الله ساعات الدعاء.

﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55)﴾


( سورة الأعراف )

ما أمرنا أن ندعوه إلا ليستجيب لنا.. من
أدعيته صلى الله عليه وسلم ما رواه مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ:

(( يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى))

الهدى والتقى، الهدى الهداية، والتقى الطاعة، ما قيمة الفكر النيِّر من دون عمل مستقيم،:

(( يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى))

المؤمن عفيف، المؤمن الفقير متجمِّل، والغني سخي، وكلاهما تحبهما.
من أدعية النبي صلى الله عليه وسلم:

(( اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ
وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وَبِكَ خَاصَمْتُ اللَّهُمَّ
إِنِّي أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ أَنْ تُضِلَّنِي، أَنْتَ
الْحَيُّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَالْجِنُّ وَالإِنْسُ يَمُوتُونَ))


( من صحيح مسلم: عن " ابن عباس " )

لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت..

اجعل لربك كـل... .. عزك يستقر ويثبت
فإذا اعتززت بمن.. يموت فإن عزك ميت
* * *

إذا ربط الإنسان نفسه بالحق من خير إلى خير،
ومن مقام إلى مقام، من منزلة إلى منزلة، من رفعة إلى رفعة، أما إذا ربط
نفسه بالباطل، لا يحتاج ربطًا، فهو مربوط، وم ثَمّ فهو زاهق.

﴿إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً (81)﴾


( سورة الإسراء )

أحياناً الإنسان كل كيانه يتلاشى إذا ربط نفسه
بالباطل، قد يربط نفسه بمبدأ أرضي وضعي، هذا المبدأ إذا انهارَ انهار معه،
قد يربط نفسه بشخص قوي، فإذا مات فجأةً مات معه.

﴿إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً (81)﴾


( سورة الإسراء )

فالمؤمن العاقل يربط نفسه بالحق، والحق ثابت،
فبصراحة المؤمنُ بالله ليس عنده مفاجأة في حياته إطلاقاً، فلن يكون مبدؤه
مغلوطًا ولا خاطئًا، ومِن المستحيل أنْ تنهار قيمه، فهو مع الحق، والحق
أبديٌ سرمدي، الله هو الحي الباقي، من أدعية النبي صلى الله عليه وسلم:

(( اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي جَسَدِ))


( من سنن الترمذي: عن " عائشة " )

أحياناً نلوذ بهذا الدعاء:

(( اللهم إنا نعوذ بك من الفقر إلا إليك، ومن الذل
إلا لك، ومن الخوف إلا منك، نعوذ بك من عضال الداء، ومن شماتة الأعداء، ومن
السلب بعد العطاء))

فهذا شيء صعب ؛ السلب بعد العطاء، عضال الداء، شماتة الأعداء،

(( اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي جَسَدِي))


( من سنن الترمذي: عن " عائشة " )

قال له: يا سيدي ما هذه الصحة ؟ بعد ستة
وتسعين سنة يتمتع بقامةٍ منتصبة، وبصرٍ حاد، وسمعٍ مُرهف، وأسنانه في فمه،
وهو قويٍ نشيط في السادسة والتسعين، وزوجته في التسعين، وصحتها كصحته،
تلاميذه عجبوا من هذه الصحة، فقال أحدهم: يا سيدي ما هذه الصحة ؟ فقال هذا
العالم الجليل: يا بني حفظناها في الصغر، فحفظها الله علينا في الكبر، من عاش تقياً عاش قوياً.
إخواننا الكرام ؛ بشرى للجميع ؛ ما مِن إنسان
يشتغل بالعلم الشرعي، يقرأ القرآن، يحفظ القرآن، يجوِّد القرآن، يفسِّر
القرآن، يقرأ سُنَّة النبي، يحضر مجالس العلم، يصلي الصلوات الخمس، يصوم
رمضان، يحُج البيت، يعتمر، وهذا كله نشاط فكري، إلا متعه الله بعقله حتى
يموت، نعوذ بالله من أرذل العمر.
قال لي أخ: والدتي نضجعها على سرير ونربطها من
يديها ورجليها، لأنها إذا أطلقت يداها خلعت ثيابها كلها، وأكلت من غائطها،
وبقيت على هذه الحالة عشر سنوات، بينما المؤمن تجده متألِّقًا، وهو في
التسعين، كأنه كوكب دري.
إخواننا الكرام ؛ إخواننا الشباب، البطولة
ليست في الشباب، بل البطولة في خريف العمر، المؤمن له خريف رائع، له خريف
عمر، كالكوكب الدري متألق، احفظها في الصغر، ليحفظها الله عليك في الكبر،
اقرؤوا القرآن ليمتعكم الله بسمعكم وأبصاركم وعقولكم، ألا تسمعون دعاء
النبي عليه الصلاة والسلام:

(( وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا))


( من سنن الترمذي: عن " ابن عمر " )

أي أنه مات وعينه سليمة، وسمعه سليم، وذوقه
سليم، وعقله سليم، أما الآخر وهو حي، يفقد بصره، يفقد سمعه، يفقد توازنه،
يفقد ذاكرته، يفقد قوته، فهذه مشكلة، بل مصيبة المصائب.

(( وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا))


( من سنن الترمذي: عن " ابن عمر " )

هذه العين سماها الله كريمة، في الأعم الأغلب
ولا أتألَّى على الله عينٌ غضَّت عن محارم الله، عينٌ بكت في سبيل الله،
نرجو الله أن يحفظها لنا إلى آخر الحياة، عينٌ تغض عن محارم الله، تستحيي
من وجه الله الكريم أن تنظر إلى عورة مسلم، هذه العين لها معاملة خاصة عند
الله، عينٌ غضت عن محارم الله، أما هذا الذي يملأ عينيه من الحرام ملأهما
الله من جمر جهنم.
لي صديق مقيم في أحد أحياء دمشق، وله جار بيته
ملاصقٌ له، قال لي هذا الصديق: جاره متزوج، وعنده أولاد وبنات، وقد زوج
بناته كلهن، أي أنه عنده خمسة أصهار، ومع ذلك عنده هوايةٌ غريبة، والقصة
قديمة، بيته في حي المزة، ينزل إلى مركز المدينة ليسير في طريق الصالحية،
ذهاباً وإياباً عصر كل يوم، ليمتع عينيه بحسناوات هذا الطريق، نظر فقط، قال
لي هذا الصديق: فجأةً أصيب هذا الجار بمرضٍ نادر، اسمه ارتخاء الجفون،
الجفنان ارتخيا، لا يرى إلا أن يمسك جفنيه بيديه ويرفعهما، فإذا تركهما
أُغلقا على العينين.
كل شيء بثمن، سنواتٍ طويلة، عصرَ كل يوم يمشي
في هذا الطريق ليملأ عينيه من الحرام، ليستمتع بمنظر الحسناوات الغاديات
الرائحات، الكاسيات العاريات، المائلات المُميلات، الملعونات، لذلك عاقبَه
الله عز وجل بعقابٍ من جنس العمل ؛ ارتخاءٌ في الجفون، فهو مرض موجود يصيب
بعض الناس، أمّا أنت فمرتاح، وجفنك مفتوح، هذا المرض ؛ ارتخاء الجفون، لا
يستطيع الشخص أن يرى إلا أن يُمسك جفنه ويفتحه بيده، فهذه حالة تستدعي
الاعتبار.
لذلك حين طلب النبي العافية، واللهِ هو محقٌ
بها، من أدبٍ النبي اللهم صلِّ عليه أنه كان يطلب موجبات الرحمة، موجبات
العافية الاستقامة على أمر الله، هذه موجبات العافية.
ومن أدعية النبي صلى الله عليه وسلم:

(( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ
وَالْحَزَنِ وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ وَضَلَعِ
الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ))


( من صحيح البخاري: عن " أنس بن مالك " )

قهر الرجال، شيء لا يحتمل، أحياناً تأتي المصيبة من الله مباشرةً، لأنها من الله تُحْتَمل، أما قد تأتي على يد إنسان..

(( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ
وَالْحَزَنِ وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ وَضَلَعِ
الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ))

هذا من الأدعية الجامعة المانعة.
ومن أدعية النبي صلى الله عليه وسلم:

(( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لا يَنْفَعُ))


( من صحيح مسلم: عن " زيد بن أرقم " )

دخل النبي إلى مسجده، فرأى رجلاً تحلَّق الناس حوله فقال:

(( من هذا ؟ وهو يعلم من هذا، سؤال العارف المعلم
قال: من هذا ؟ قالوا: هذا نسابة، قال: وما نسَّابة ؟ قال: يعرف أنساب
العرب، فقال عليه الصلاة والسلام: ذلك علمٌ لا ينفع من تعلمه ولا يضر من
جهل به))

الوقت ثمين، فمِن العبث أن تقرأ قصة في
ثمانمئة صفحة، فإذا فيها لعقة عسل ممددة بخمس جوابي كبيرة، من أجل أن تدخل
هذه اللعقة لجوفك يجب أن تشرب كل هذا الماء، الوقت ثمين، وقراءة مثل هذه
القصة هدرٌ للوقت، يجب أن تختار من الكتب ما ينفعك، من الأصدقاء ما يرشدك،
لا تصاحب من لا ينهض بك إلى الله حاله، ومن لا يدلُّك على الله مقاله، اختر
أفضل الأصدقاء، واقرأ أحسن الكتب، واستمتع بأجمل الأوقات فيما يرضي الله
عز وجل.
إذاً:

(( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لا
يَنْفَعُ وَمِنْ قَلْبٍ لا يَخْشَعُ وَمِنْ نَفْسٍ لا تَشْبَعُ وَمِنْ
دَعْوَةٍ لا يُسْتَجَابُ لَهَا))


( من صحيح مسلم: عن " زيد بن أرقم " )

قلبٌ غير خاشع، وعينٌ لا تبكي من خشية الله،
وأذنٌ لا تصغي إلى الحق، ونفسٌ طمَّاعة، جمَّاعةٌ طماعة، ودعوةٌ لا يستجاب
لها، فالعياذ بالله من كل هذا.
وأحياناً يكون الإنسان في بحبوحة، في سعادة،
في يُسر، فجأةً تنقلب الأمور، فجأةً يسحب البساط من تحت قدميه، فجأةً،
ينهار بيته، فكان من أدعية النبي صلى الله عليه وسلم:

(( اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجأة نقمتك، وجميع سخطك))

وأحياناً يرخي الله الحبل، فجأةً يشُد الحبل
فإذا هذا الإنسان قد انهار، إما مرضٌ عضال، أو شقاقٌ زوجي كبير، أو أولادٌ
عاقّون، يقول لك: الأمر انقلب فجأةً،

(( اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجأة نقمتك، وجميع سخطك))


(رواه مسلم )

بقي علينا دعاءان قصيران:

(( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ مُنْكَرَاتِ الأَخْلاقِ وَالأَعْمَالِ وَالأَهْوَاءِ))


( من سنن الترمذي: عن " زياد بن علاقة " )


(( اللهم إني أعوذ بك من يوم السوء ـ يوم مشؤوم ـ ومن ليلة السوء، ومن ساعة السوء، ومن صاحب السوء، ومن جار السوء في دار المقامة))

وكان يدعو النبي الكريم يقول:

(( تعوذوا بالله من مجاورة جار السوء إن رأى خيرا
كتمه وإن رأى شرا أذاعه، وتعوذوا بالله من زوجة سوء إن دخلت عليها لسنتك،
وإن غبت عنها خانتك، وتعوذوا بالله من إمام سوء إن أحسنت لم يقبل، وإن أسأت
لم يغفر))


( من كنز العمال: عن " أبي هريرة " )

وبهذا ينتهي هذا الدرس، وننتقل في درسٍ آخر
إلى مختاراتٍ من أدعيته في مناسباتٍ متعددة، وهذه الأدعية التي وقفنا عندها
أدعيةٌ من دون مناسبات تدعون بها في أي وقت، ولكن الدرس القادم إن شاء
الله تعالى نتبادل أدعية النبي في المناسبات المتكررة التي نوَّهت إليها في
أول الدرس.
والحمد لله رب العالمين




الموضوع الأصلي : السيرة - شمائل الرسول 1995 - الدرس (30-32) : جوامع الأدعية // المصدر : منتديات أحلى حكاية // الكاتب: سهم مكسور


توقيع : سهم مكسور




 

  
السيرة - شمائل الرسول 1995 - الدرس (30-32) : جوامع الأدعية Empty2012-03-23, 18:49
المشاركة رقم:

ۈهَم ♫

إحصائية العضو

الجنس : انثى
المساهمات : 6305
نقاط : 7151
العمر : 28
السمعة : 1
مُساهمةموضوع: رد: السيرة - شمائل الرسول 1995 - الدرس (30-32) : جوامع الأدعية


السيرة - شمائل الرسول 1995 - الدرس (30-32) : جوامع الأدعية


يسسلمو عالطرح
ربي يعطيك الف عافية





توقيع : ۈهَم ♫




 

  
السيرة - شمائل الرسول 1995 - الدرس (30-32) : جوامع الأدعية Empty2012-03-23, 18:50
المشاركة رقم:

MĜїúÕ

إحصائية العضو

الجنس : ذكر
المساهمات : 6272
نقاط : 2147483647
السمعة : -8
http://www.ebda3net.com الابداع نت
مُساهمةموضوع: رد: السيرة - شمائل الرسول 1995 - الدرس (30-32) : جوامع الأدعية


السيرة - شمائل الرسول 1995 - الدرس (30-32) : جوامع الأدعية



يسسلمو عالطرح
ربي يعطيك الف عافية





توقيع : MĜїúÕ




 


  
الإشارات المرجعية
 

  
التعليق على الموضوع بواسطة الفيس بوك
 

  
الــرد الســـريـع
..

 



  
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 3 والزوار 17)
 



السيرة - شمائل الرسول 1995 - الدرس (30-32) : جوامع الأدعية Collapse_theadتعليمات المشاركة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



Loading...

  
 

السيرة - شمائل الرسول 1995 - الدرس (30-32) : جوامع الأدعية Cron