align=center]
الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده، يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك
سبحانك اللهم لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه وخليله، خير نبي أرسله، أرسله الله إلى العالم كلِّهِ بشيراً ونذيراً، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وعلي أصحابه صلاةً وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين،
وأوصيكم أيها المسلمون ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى، أما بعد
سب الصحابة رضوان الله عليهم هدم للملة
ليس من المؤمنين بعد الأنبياء والمرسلين أحق بالثناء والمحبة من أصحاب النَّبيّ صلى الله عليه وسلم و رضي عنهم ، الذين بذلوا الأموال والمهج لرفع راية لا إله إلا الله . فهم : أحق الناس بكلمة التقوى وأهلها كما قال تعالى :
|
| بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِوَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا } . | |
وقد أثنى الله عليهم فقال تعالي:
|
| بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانا}. | |
وقال تعالي في سورة الفتح :أيضاً
|
| بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ{لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً} . | |
ومن رضي الله عنه لن يسخط عليه أبداً ولا يمكن موته على الكفر.
وقال تعالى في سورة التوبة :
|
| بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}. | |
قال محمد بن زياد: قلت يوماً لمحمد بن كعب القرظي رضي الله عنه: ألا تخبرني عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بينهم ؟، وأردت الفتن.
فقال: إن الله قد غفر لجميعهم محسنهم ومسيئهم، وأوجب لهم الجنة في كتابه، فقلت له: في أي موضع أوجب لهم؟ فقال : سبحان الله ألا تقرأ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ إلى آخر الآية فأوجب الله الجنة لجميع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم . وقال: وشَرَطَ في التابعين شريطة وهي أن يتبعوهم في أعمالهم الحسنة دون السيئة. قال حميد: فكأني لم أقرأ هذه الآية قط . ( الرياض النضرة في مناقب العشر للطبري (1/33).
وقال تعالى :
|
| بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ{لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ }. | |
وقال عز وجل :
|
| بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ{ الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ } | |
ولا خلاف أن الذين استجابوا لله والرسول هم المهاجرون والأنصار الذين حضروا معه صلى الله عليه وسلم وقعة أحد، أجابوا في ثاني يومها حين دعاهم إلى الخروج وراء قريش.
وقال تعالى :
|
| بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ{ لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} | |
فالذين أخرجوا من ديارهم هم المهاجرون ، {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ } هم الأنصار .
قال القرطبي: هذه الآية دليل على وجوب محبة الصحابة لأنه جعل لمن بعدهم حظاً في الفيء ما أقاموا على محبتهم وموالاتهم والاستغفار لهم. ( الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (8/6511).
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الناس خير ؟. قال : قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجيء قوم تبدر شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته". رواه ابن ماجة بسند صحيح.
أخبر صلى الله عليه وسلم أن المد من أحدهم أفضل من مثل جبل أحد ذهباً ممن بعدهم .عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه ". رواه ابن ماجة بسند صحيح .
وعن أبى بريدة عن أبيه قال: رفع صلى الله عليه وسلم رأسه إلى السماء وكان كثيراً ما يرفع رأسه إلى السماء فقال : "النجوم أمنة للسماء ، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبتُ أتى أصحابي ما يوعدون ، وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون" . رواه مسلم وأحمد.
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : إن الله عز وجل نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه، وابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد صلى الله عليه وسلم ، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه صلى الله عليه وسلم.
عن ابن عمر رضي الله عنهم قال: كان أصحاب رسول الله خير هذه الأمة قلوباً، وأعمقها علماً ، وأقلها تكلفاً ، قوم اختارهم الله عز لصحبة نبيه ونقل دينه.
من هو الصحابي ؟.
الصحابي هو من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به، ومات على الإسلام سواء طالت مجالسته للنبي صلى الله عليه وسلم أو قصرت، ومن روى عنه أو لَم يرو، ومن لَمْ يره لعارض كالعمى .
ويخرج بقيد الإيمان من لقيه كافراً ولو أسلم بعد ذلك ، إذا لَمْ يجتمع به مرة أخرى.
وخرج بقولنا "ومات على الإسلام" من لقيه مؤمناً به ثم ارتد ومات على ردته .
قال البخاري في صحيحه: ومن صحب النبي صلى الله عليه وسلم أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه . (فتح الباري 7/3).
أفضل الصحابة
أفضلهم الخلفاء الراشدون .عن سفينة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" الخلافة ثلاثون عاماً ثم يكون بعد ذلك الملك ". قال سفينة : أمسك ، خلافة أبي بكر رضي الله عنه سنتين ، وخلافة عمر رضي الله عنه عشر سنين ، وخلافة عثمان رضي الله عنه اثني عشر سنة ، وخلافة علي رضي الله عنه ست سنين . رواه أحمد وأبو داود والترمذي .
ــــ فأفضلهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه. ومما ورد في مناقبه وفضله :
ما رواه الشيخان في صحيحهما عن ابن عباس قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه عاصباً رأسه بخرقة فقعد على المنبر ثم حمد الله عز وجل وأثنى عليه ثم قال: إنه ليس من الناس أمنَّ علي بنفسه وماله من أبي بكر بن أبي قحافة، ولو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ، ولكن خلة الإسلام أفضل سدوا كل خوخة في المسجد غير خوخة أبى بكر".
و عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: أتت النبي صلى الله عليه وسلم امرأة فكلمته في شيء فأمرها أن ترجع إليه، قالت يا رسول الله أرأيت إن رجعت فلم أجدك؟ كأنها تعنى الموت، قال : "إن لم تجديني فأتي أبا بكر" . رواه البخاري والترمذي .
ـــ أما عمر رضي الله عنه فمما ورد في فضله ومناقبه :
ما رواه الشيخان عن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنه كان فيما خلا قبلكم من الأمم ناس محدثون فإن يكن في أمتي أحد فهو عمر بن الخطاب" .
وأخرج البخاري ومسلم عن عمر رضي الله عنه قال : وافقت ربي في ثلاث : قلت يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى ؟. فنزلت { واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى } . وآية الحجاب ، قلت يا رسول الله لو أمرت نساءك أن يحتجبن فإنه يكلمهن البر والفاجر فنزلت آية الحجاب .واجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في الغيرة عليه فقلت لهن { عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزوجاً خيراً منكن } فنزلت هذه الآية . رواه البخاري ومسلم .
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله وضع الحق على لسان عمر وقلبه" . رواه أحمد والترمذي .
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : وُضع عمر بن الخطاب رضي الله عنه على سريره فتكنفه الناس يدعون ويصلون قبل أن يرفع وأنا فيهم ، فلم يرعني إلا رجل قد أخذ بمنكبي من ورائى ، فالتفت فإذا هو علي بن أبي طالب، فترحم على عمر وقال : ما خلفت أحداً أحب إليَّ أن ألقى الله عز وجل بمثل عمله منك، وأيم الله إن كنت لأظن ليجعلنك الله مع صاحبيك، وذلك لأني كنت ما أكثر ما أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "فذهبت أنا وأبو بكر وعمر" فإن كنت لأظن ليجعلنك الله معهما. رواه البخاري ومسلم .
ــــ أما القانت ذو النورين، والخائف ذو الهجرتين، والمصلي إلى القبلتين، عثمان بن عفان رضي الله عنه . فمما ورد في مناقبه :
قول النبي صلى الله عليه وسلم : "ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة". رواه مسلم .
عن كعب بن عجرة قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر فتنة فقربها ، فمر رجل متقنع فقال: هذا يومئذ على الهدى، قال: فاتبعته حتى أخذت بضبعيه فحولت وجهه إليه وكشفت عن رأسه فقلت : هذا يا رسول الله؟ قال : نعم فإذا هو عثمان ابن عفان . رواه أحمد وابن ماجة.
عن عبد الرحمن بن سمرة قال : "جاء عثمان بن عفان إلى النبي صلى الله عليه وسلم بألف دينار في ثوبه حين جهز النبي صلى الله عليه وسلم جيش العسرة، قال : فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقلبها وهو يقول، "ما ضر ابن عفان ما عمل بعد اليوم، يردد ذلك مراراً" . رواه أحمد والترمذي .
ــــ أما علي بن أبي طالب ليث بني غالب ، أبو تراب الأواه الأواب ، رضي الله عنه. فمما ورد في مناقبه :
عن ذر بن حبيش قال: سمعت علياً يقول : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي صلى الله عليه وسلم إليَّ أنه "لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق". رواه مسلم والنسائي .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر : "لأعطين الراية غدا رجلاً يفتح الله على يديه". قال : فبات الناس يدوكون أيهم يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها، فقال : "أين علي بن أبي طالب؟" فقالوا : يشتكي عينيه يا رسول اله . قال : "فأرسلوا إليه فأتوني به". فلما جاء بصق في عينيه ودعا له فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع فأعطاه الراية... إلى أن قال :" فوالله لأن يهدى الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم" . متفق عليه .
قال معاوية ابن أبى سفيان لضرار بن حمزة : صف لي علياً فقال : أو تعفيني : قال: بل تصفه. فقال : أو تعفيني . قال : لا أعفيك قال: أما إن لابد فإنه كان بعيد المدى شديد القوى يقول: فصلاً ، ويحكم عدلاً ، يتفجر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه ، يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل وظلمته، كان والله غزير الدمعة، طويل الفكرة ، يقلب كفه ويخاطب نفسه ، يعجبه من اللباس ما خشن ومن الطعام ما جشب، كان والله كأحدنا؛ يجيبنا إذا سألناه، ويأتينا إذا دعوناه، ونحن والله مع تقريبه لنا وقربه منا لا نكلمه هيبة له ، ولا نبتديه تعظيماً له ، فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤة المنظوم، يعظم أهل الدين ويحب المساكين، لا يطمع القوى في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله، فأشهد بالله لرأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه، وقد مثل في محرابه قابضاً على لحيته يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين ، وكأني أسمعه وهو يقول : يا دنيا ألي تعرضت أم لي تشوفت؟ هيهات غري غيري ، قد بتتك ثلاثاً فلا رجعة لي فيك ، فعمرك قصير ، وعيشك حقير، وخطرك كبير ، آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق.قال : فذرفت دموع معاوية فما يملكها وهو ينشفها بكمه وقد اختنق القوم بالبكاء ثم قال معاوية: رحم الله أبا الحسن كان والله كذلك ، فكيف حزنك عليه يا ضرار؟ قال : حزن من ذبح ولدها في حجرها فلا ترفأ عبرتها ولا يسكن حزنها.( التبصرة لابن الجوزي 1/ 442 ، 445) .
وبعد الراشدين الأربعة يأتي بقية العشرة ثم أهل بدر وأهل الشجرة
ثم عامة الصحابة ممن أسلموا قبل الفتح وقاتلوا ثم من أسلموا بعد الفتح وقاتل .
وبالجملة نتقرب إلى الله بحبهم ، ومن له قرابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فمحبته أكثر للقرابة والمنزلة دون طعن أو نقص في بقية أصحابه .
وإذا أحببنا غير الأفضل أكثر من محبة الأفضل لأمر دنيوي كقرابة وإحسان ونحوه فلا تناقض في ذلك ولا امتناع .
ويكفى لبيان فضلهم أن الله عز وجل جعلهم شهداء على الناس يوم القيامة كما في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري عن أبى سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يدعى نوح يوم القيامة فيقول : لبيك وسعديك يا رب. فيقول: هل بلغت فيقول : نعم. فيقول لأمته: هل بلغكم؟ فتقول: ما أتانا من نذير. فيقول : من يشهد لك؟ فيقول : محمد وأمته فيشهدون أنه قد بلغ، ويكون الرسول عليهم شهيدا. فذلك قوله عز وجل { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا } .
بعد هذا الثناء والتزكية من الله ورسوله للصحابة رضي الله عنهم ، هل يعقل أن يسبهم أحد؟.
قيل لليهود : من خير أهل ملتكم؟ قالوا: أصحاب موسى، وقيل للنصارى : من خير أهل ملتكم؟ قالوا: أصحاب عيسى، وقيل لبعض من ينتسبون إلى الإسلام : من شر أهل ملتكم؟ قالوا: أصحاب مُحمَّد صلى الله عليه وسلم ، ولَمْ يستثنوا منهم إلا القليل.
إن سب الصديق طعن في اختيار الله عز وجل له صاحباً وصديقاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة .
فالله تعالى جعل جسده بجوار الجسد الشريف حتى تتم الصحبة كذلك في البرزخ.
وسبه طعن وتكذيب لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لو اتخذت من أهل الأرض خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكن أخوة الإسلام ومحبته ".
من الكفر من يعتقد أن الله أقر الظالمين ومكن الكافرين من دينه وشرعه وكتابه الذي تكفل سبحانه وتعالى بحفظه فقال:
|
| بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ{ إِنّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}. | |
ومن الكفر الاعتقاد بأن الله أثنى ومدح شرار الخلق وجعل سفلة الناس خير أمة أخرجت للناس ، وأظلم الناس أصحاب وأحباب خير البشر.
أليس من الضلال والكفر الزعم بأن الرسول صلى الله عليه وسلم تزوج بنات المنافقين والكافرين وأن عائشة وحفصة ظلتا في عصمته مع كفرهما حتى مات الرسول صلى الله عليه وسلم في حُجرة عائشة على صدرها بين سَحْرها ونَحرها ، كل هذا وهي وأبوها كافرين منافقين .
أين هم من رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي غضب لغضب أبي بكر حتى جثا أبو بكر على ركبتيه وقال : أنا كنت أظلم يا رسول الله ، ومع ذلك قال صلى الله عليه وسلم : " هل أنتم تاركون لي صاحبي ؟ " .
إن تكفير الصحابة رضي الله عنهم هدم للإسلام كله وإبطال لشريعته لأن الصحابة هم الذين نقلوا لنا كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم ، ولم يكتف البعض بذلك بل طعنوا في كتاب الله : يشككون في صحته ويسودون المطولات في إثبات تحريفه، وبلغت بهم الجرأة أن وضع احدهم كتاب " فصل الخطاب