الأمانة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سعيد وحبات التوت
كان سعيد يزور جدته في الأجازة الصيفية، وفي أحد الأيام، دعته ليذهب معها إلى السوق لشراء بعض الطلبات المنزلية، ففرح سعيد بذلك فرحا عظيما، وفي وقت قصير كانا في طريقهما إلى السوق.
دخلت الجدة إلى دكان البقالة فاستقبلها صاحبه بتحية حارة، فتقدمت منه الجدة وأخذت تطلب الطلبات التي تحتاج إليها، وكان سعيد يطوف بصره هنا وهناك في الدكان، فيرى فيه كل ما لذ وطاب من الحلوى والفواكه، وكلها مرتبة ومعروضة بشكل جذاب، فهناك علب الحليب، وصناديق الجبن والزبدة موضوعة في وعاء زجاجي كبير وعلى الرفوف كل أنواع العلب الملونة مرصوفة بطريقة رائعة
وفي وسط الدكان كانت سلال الخضر كالجزر والفجل والقرنبيط، وإلى جانبها سلال الفواكه من كل ما تشتهيه النفس وتلذ له العين، لم يستطع سعيد أن يدفع عنه كل هذا الإغراء لنفسه، فلم يشعر إلا ويده تمتد لتتناول حبة من التوت، وإذ به يسمع صوتاً من داخله يقول:
لا.. لا.. يا سعيد إن فعلك يعتبر سرقة، ليست الثمار لك، ولكن كان التوت شهياً، وكان سعيد يحب التوت كثيرا، ولا يشبع حتى يأكل منه، وها هو الآن أمامه كميات كبيرة، فلماذا لا يأكل حبة واحدة منه ولهذا لم يسمع صوت ضميره، فمد يده وتناول حبة واحة وتذوقها، فكانت لذيذة جدا، فأخذ أخرى وكانت أيضا لذيذة.
وإذا كانت السلة ممتلئة، أخذ الحبة الثالثة والرابعة وأتبعها بالخامسة والسادسة، إلى أن أتى على كمية كبيرة، وبينما هو مسرور بأكل التوت إذا به يسمع جدته تناديه بأن يستعد للذهاب، فقد اشترت كل ما أرادته.
فأسرع سعيد يمسح يديه بثيابه، وينسل بين السلال إلى حين كانت جدته واقفة فسألته أن يحمل معها بعض الحوائج.
وفجأة نظرت الجدة إلى سعيد وقالت له:قف يا سعيد وانظر إلي
فنظر إليها وحاول أن يظهر بمظهر البريء الذي لم يفعل شيئا خاطئا، فسألته:
ما هذه العلامات السوداء التي أراها على وجهك يا سعيد ؟
- أية علامات سوداء يا جدتي؟
- تلك التي أراها حول فمك، ليست سوداء تماما، بل هي سوداء تميل إلى الحمرة.
- لا أعلم يا جدتي
- لقد أكلت توتا يا سعيد.. أليس كذلك!
- نعم أكلت حبة أو حبتين.
- وأين وجدت التوت؟
- في الدكان.
- هل سمح لك صاحب الدكان بأكله؟
- لا.
- إذن أخذته دون إذن؟
- نعم.
- إذن كنت ولداً شريرا يا سعيد فإنني أخجل منك ومما فعلت.
لنرجع الآن إلى البيت، وهناك نتدبر حل المشكلة.
وفي البيت أجلست الجدة سعيد في حجرها، وأخذت تشرح له الخطأ في أخذ ما هو للغير ثم قالت له: أمامك الآن أمران لإصلاح ما ارتكبه من الخطأ وللتكفير عما تناولته من حبات التوت الحرام، أولهما أن تسال الله أن يسامحك على ما اقترفته من خطيئة والثاني أن تعود إلى البقال، وتدفع له ثمن التوت.
فأجاب سعيد باكيا: يسهل علي أن أطلب الصفح من الله، ولكن من الصعب علي الذهاب إلى البقال.
- أعرف أنه صعب عليك ذلك، ولكن هذا ما يجب أن تفعل، فأذهب إلى صندوق توفيرك الآن، وأخرج منه ما معك من نقود.
- هل أدفع من مالي الخاص ثمن التوت؟
- بالتأكيد هذا ما يجب أن تفعل.