علي الطنطاوي.. أديب الأمّة..! [أهلاً بأيّ إضافة].
حديثي اليومَ يختلف عن كُلِّ الأحاديث, يتناول أديباً عظيماً جليلاً, متناهياً في الروعة والأناقة والقوّة, إنه ذلك الأديب الذي حمل من كلِّ جميلٍ, ووضعه في كلامه "أدبه" الذي تفجّر جمالاً وسموّاً منذ القدم إلى الآن, من ذا الّّذي يوازيه أو يساويه في علو شأن قلمه, وفي روعة ما رسمه, أخذنا في كتبه وحروفه إلى مدنٍ ما كُنَّا يوماً نتخيّلها, أسلوبه جليل أنيق, يتسامى عن سفاسف الألفاظ ليلحق بأعالي التعابير سهل ممتنع, محبّب للجميع, لا هوَ بالغريب المتسمِّ بالطلاسم والرموز, ولا بالسهل الركيك, الذي يغدو ويروح عليه أيّاً كان, إنه كالذي يأخذك للبحرِ فيجعلكَ تتأمله وتتعجب لجماله, وتشعرُ وكأنّه قد حيْزَ لكَ وهو بالحقيقة لا يكون إلا بحيازة صاحب المداد الأزرق, ذلك الأديب الذي يعطي أهل الفِكر والأدب مجالاً من الروعة, مداً من الثقافة التي تأخذهم هي بنفسها إلى منابع الأدب وروائع النثر..! لا تقف على كِتاب من كتبه إلا وتشعرُ براحة نفسية, وكأنَّ حروف هذا الرّجل قد صّبت صبّاً في نبضكَ, تقرأ بشغف لا ينتهي, وتلاحق الحروف حيثما كانت, لتلتقط الخيط الضائع وتصله ببقية الحديث وتحوز بالنهاية على الجمال بأكمله, كانت مواضيعه متعددة حملَ همَّ الدين واللغة ولكن لم يكن متزمتاً ولا فاحشاً متفحّشاً, كان رقيقاً ليناً في كلامه, رائعاً جذّاباً في ترتيب أفكاره وسردها بوضوح, فتشعرُ معه وكأنّك قد ذهبت في رحلة أو نزهة فكرية أنيقة, لا يصيب ملل أو كدر, ولا تعقب القراءة حسرة..! بل فرح وتكليل لمجهود النظر والعقل, بما استفدته وأخذته منه..! حينما يتحدّث عن أمّته وأبناء أمته فإنك ترى ذلك الأب الرحوم الذي يخاف على مستقبل الأمة والأجيال وقد أوصاهم بالتمسك بعرى الإسلام, ومن ثمّ إن تحدث عن لغته, فهو قد ارتفع بها فوق السحاب, ووضع جمالها زينة على ناصيته, وأشاد بها بكلِّ حديثٍ وبيّن أهميتها, سواء كانت نحواً أم تعبيراً أم بلاغةً, وذهب في أحاديثه أيضاً إلى النفس الإنسانية وما يعتمل بداخلها, لتشعر معه بالراحة والهدوء, وكأنّه حينما يبوح لكَ بكلماته تلك, يعطيك دواءٍ لداءٍ أعياكَ دون أن تشعر..! فيدخل السرور والغبطة لقلبك ويمنحَ عينيكَ بعداً جديداً تكتشف به ألوان ما حولك, ويعطي قلبكَ دماً جديداً من شرايين الأدب لتحيا به على حروفه..! وأمّا حديثه عن ذكرياته فذلك هو الجمال بعينه, وخاصة أنّه قد تنقل في بلدان عديدة ولكن لكلٍّ منها جمال وروعة ونصيب في أحاديثه الشيقة الّتي لا تمل..! من كتبه التي أحبها : فِكَرٌ ومباحث..! "بفتح الكاف" هذا الذي أعشقه, وهناك "حديث النفس"..! وأُخرى..! لا تعدُّ ولا تحصى..! وللحقِّ فإنه أديب كبير لا يشق له غبار, بل هو فخرٌ للأمة الإسلامية والعربيّة وقلمه هبة من الله أدخلت لقلوبنا الجمال, وعلمتنا التهذيب والأدب منذ نعومة قرأتنا, إنه ذلك الذي أخذ من عذوبة بلاد الشام ورقّة أهلها وجمال ملامحهم, ومن فلسفة النيل ونبض مصر, ومن روعة شبه الجزيرة العربية وسموّها..! ! هذا والسلام عليكم.. وبانتظار عذب أحاديثكم عن تلك الهامة الجليلة التي أخذت بأدبنا العربي نحو الجمال والرقي في سلم الأدب والفِكر..! : زهراء