أذهبي إلي حبيبك فورا فورا إذا ضقتي بتصرفات زوجك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جارتنا في كل مرة تزورنا فيها إلا وتتحدث عن معاناتها من معاملة زوجها لها منذ زواجها
وكيف أنها تزرع بالصبر على كل ما تلقاه من زوجها الذي قالت إنه يدقق ويتابع كل شيء ويسأل عن كل صغيرة وكبيرة فهو لا يتغاضى ولا يتسامح ولا يلين ذكرت أنها كثيراً ما كانت تشعر برغبة في ترك كل شيء البيت والأولاد والزوج ولكن إلى أين؟
لم تكن تدري! كل ما كان يملأ نفسها،شعور بأنها ما عادت قادرة على الصبر وأن الأعباء ما عادت محتملة لديها وأن طاقة التصبر عندها وصلت حدها
وفي إحدى زيارتها لنا كانت والدتي تزور جدي لأبي حيث كان مريض
أنتهزت الفرصة
وسألتها أن تحدثني عن زوجها غير ما ذكرته عنه من تدقيق وتفتيش ومتابعة وعدم مسامحة
نظرت لي بدهشة وتعجب وتمتمت بكلمات غير مفهومة وكأني بها تقول لنفسها وماله علي سبيل الفضفضة
وقالت:إنه قاس لسانه حاد لا أسمع منه ثناء علي أو على طبخي أو على تربية أبنائي لا أسمع منه كلمة حب أو عطف أو حنان لقد تعبت تعبت تعبت لا أعني تعب الجسد فهذا أحتمله وأصبر عليه إنما أعني تعب النفس تعب الأعصاب تعب الوجدان
قلت لها:هل جربتي أن تكلمي أحد من أهلك أو من أهله ليراجعوه في ذلك وينصحوه؟
قالت:فاتحه والدي , نفى كل شيء وقال إنه غير مقصر في بيته ويوفر لنا كل ما نحتاجه !
إنه ينظر إلى الجوانب المادية وأنا أريد الجوانب النفسية والعاطفية والروحية؟
قلت لها:هل تريدين نصيحتي؟
عادت مرة أخرى لنظرة تعجب واستغراب كأنها تقول أمن هذه التي لم تمر بتجارب أو تدخل دنيا أأخذ نصيحة وترددت لحظات وهي مندهشة
وقالت: قولي أدينا عم نفضفض يضع سره في أضعف خلقه
قلت لها:أعلم أن نصيحتي قد لا تلقى قبولاً كبيراً في نفسك لكني أرى العمل بها إن شاء الله مفيد
قالت: قولي
قلت:لو أراك الله ما أعد لك من أجر على صبرك واحتسابك لقلت هذا كله لي!
لو رأيت مقعدك في الجنة جزاء احتمالك ما تلقينه من عناد زوجك وشدته وقسوته وجفائه ثم قلت لها ما رأيك لو جعل الله تعالي لك زوجك مثلما تريدين , ولكن نقص من أجرك وأنزلك إلى مرتبة أقل في الجنة
قلتِ:لا إني أصبر على زوجي وأبقى علي منزلتي في الجنة
فقلت لها أيهما تفضلين:
أن يصلح الله زوجك ولكن منزلتك في الجنة ستكون أدنى
أم تواصلين صبرك عليه مع علو منزلتك في الجنة؟
سكتت ولم ترد وبكت
قلت لها:لاشك أنك تفضلين أن يكون زوجك كما تريدين وأن تبقى منزلتك في الجنة أي أن تفوزي بالأمرين معاً نعم هذا ما تتمناه كل زوجة ولكن الله أقسم على أن يبلونا في هذه الحياة الدنيا وفي الوقت نفسه بشرنا إذا صبرنا على هذا البلاء
قال عز وجل (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون)
ثم قلت :ماذا اخترتِ ؟
قالت:لقد اخترت مواصلة الصبر ولكني أرجوك أن ترشديني إلى ما يعينني على ذلك
قلت لها:بارك الله فيك لاختيارك مواصلة الصبر على زوجك
أما ما يعينك على ذلك هو كلما سمعت من زوجك ما يؤلمك أو يحزنك وكلما وجدت إعراضاً وصدوداً وكلما ضاقت الدنيا عليك من شدة زوجك وقسوته
أذهبي إلى حبيبك , نعم حبيبك واشكي إليه زوجك!
قاطعتني مستنكرة:أنا ماليش حبيب؟
قلت لها: لا تتسرعي !
أليس الله حبيبك؟ ألا تحبين الله تعالى؟
ولولاه ما كنتِ ,
قالت:ونعم بالله حبيبا ونعم الحبيب هو ربي
قلت:إذا إلجئي إليه سبحانه وناجيه جل شأنه وقولي
اللهم إني أحبك وأحب أن أقوم بكل عمل يرضيك وأنا أعلم أن صبري على زوجي يرضيك عني
اللهم فألهمني حسن الصبر عليه وامنحني طاقة أكبر على احتماله وأعني على مقابلة إساءته بالإحسان
اللهم ولا تحرمني الأجر على هذا الصبر وأجزل لي ثوابك عليه وابن لي عندك بيتا في الجنة
اللهم اجعل زوجي لي كما أحب واجعلني له كما يحب واجعلنا لك كما تحب
ابتسمت ورددت هذا الدعاء وكأني أحسه يخرج من كل قلبها
وانصرفت تاركة سلاما حارا ودعوات صادقة من القلب لي ولوالدتي