وللرجال عليهن درجة سم الله الرحمن الرحيم
حمدا لله تعالي وصلاة وسلاما علي من أصطفي , سيدنا محمد رسول الله وعلي آله وصحابته ومن ساره وتبعهم بإحسان إلي يوم الدين
السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته
من أبرز الإعتقادات الجاهلية الموروثة حتى أجيالنا هذه هي أفضلية الذكر على الانثى دائماً
فمع يكرره الرجال من ذكر
{وللرجال عليهن درجة} البقرة:228
يسلم أغلب الرجال بالمعنى الظاهري لهذا الجزء من الآية بأن الرجل أعلى وأرفع منزلة من الأنثى ولكن كالعادة يا سادة آن الوقت لنزيل هذا الفهم الخاطىء ونوضح المعنى الصحيح للآية
والآية 228- من سورة البقرة
{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}
قال المفسرون في تفسير هذه الآية :
النساء اللاتي طلقهن أزواجهن {يتربصن بأنفسهن} أي: ينتظرن ويعتددن مدة {ثلاث قروء} أي: حيض،أو أطهار ، على اختلاف العلماء في المراد بذلك
{ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر} وحرم عليهن كتمان ذلك من حمل أو حيض ، لأن كتمان ذلك يفضي إلى مفاسد كثيرة ، فصدور الكتمان منهم دليل على عدم إيمانهن بالله واليوم الآخر
{وبعولتهن أحق بردهن في ذلك} أي: لأزواجهن ما دامت متربصة في تلك العدة ، أن يردوهن إلى نكاحهن {إن أرادوا إصلاحاً} أي: رغبة وألفة ومودة
{ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف} أي: وللنساء على أزواجهن من الحقوق واللوازم مثل الذي عليهن لأزواجهن من الحقوق اللازمة والمستحبة
كما أتضح لنا الآن بأن الآية تناقش قضية شرعية عن بعض أحكام الطلاق ، نكمل الآن تفسير باقي الآية
{وللرجال عليهن درجة}أختلف المفسرون في تفسير هذه الآية فمنهم من قال بأن الدرجة هي القوامة والولاية ، ومنهم من قال بأنها حقه في الطلاق ، فلنر كيف فسر الصحابي الجليل سيدنا ابن عباس رضي الله عنه أعلم الناس بتأويل وتفسير كتاب الله هذه الآية
قال ابن عباس " ما أحب أن أستنطف (أي آخذ) جميع حقي عليها لأن الله تعالى يقول {وللرجال عليهن درجة} والدرجة إشارة إلى حض الرجال على حسن العشرة ، والتوسع
للنساء في المال والخلق ، أي أن الأفضل ينبغي أن يتحامل على نفسه" أي أن الله تعالى يحث الرجال إلى فضيلة وهو أن يتغاضى عن بعض حقوقه لأمرأته ، فإذا فعل ذلك بلغ من مكارم الأخلاق منزلة تجعل له درجة على امرأته ، و نلاحظ أن ما سبقها من قول الله {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} تبين أن الأصل هو المساواة في الحقوق والواجبات
ولكن العامة تتبع الأهواء في {ولا تقربوا الصلاة} ولا يتم الآية
{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء:34]
يظن عامة الناس بأن الآية تمدح الرجل وترفعه عن المرأة لأنه قوام عليها ولذلك فضله الله عليها ولكن الواقع والحقيقة عكس هذا الظن
فالله سبحانه وتعالى له سنة في التفاضل شملت كل شيء فالأنبياء فضلهم الله بعضهم عن بعض فمنهم من كلمه ومنهم من اتخذه خليلا ومنهم من اصطفاه على سائر الخلق
وكذلك الصحابة فمنهم من بشر بالجنة ومنهم من صار أمين الأمة ومنهم من أعلمهم بالتأويل وهكذا0000
وكذلك فضل الله الرجال على النساء في أمور وفضل النساء على الرجال في أمور أخرى
وكذلك فضل الله المرأة على الرجل في فضلها كأم حيث جعل الجنة تحت أقدامهن وهذا ما لم يناله الرجال ، وأحل لهن لبس الذهب وحرمه على الرجال ، وفضل المرأة في حمل الجنين و الرجال في حمل الجنازة
والمقصود من الآية أن العلاقة بين الرجل والمرأة في الدنيا علاقة تكاملية ولكل منهما وظيفة محددة خُلق من أجلها ، ولذلك تفاضلت أحوالهما واختلفت صفاتهما في الدنيا فقط مع الاحتفاظ بالمساواة التامة بينهما في الآخرة ، والدليل على ذلك {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}
فالله عز وجل اسقط فوارق الذكورة والأنوثة في هذه الآية وجعل الفارق الوحيد هو العمل فقط
وأما القوامة فالحديث عنه وتوضيحه لا يكفي هذا الموضوع ولكن بإختصار شديد
هو راباط بين الزوج والزوجة وليس عبودية ، فالقوامة لا تعني قهر المرأة وإلغاء شخصيتها وإهمال رغبتها وحاجاتها
بل القوامة وظيفة إدارية داخل مؤسسة خطيرة ألا وهي الأسرة ، لأن هذه الأسرة تخرج لنا منها الأجيال القادمة فإذا ما كانت الأسرة إدارتها جيدة أخرجت لنا أجيال مثالية
وإذا كانت غير ذلك أخرجت لنا كما نراه اليوم ماثل أمامنا من جيل لا هوية ثقافية له ولا يعلم شيئاً من أمور الدين وكل همه أن يقلد ويتميز في التقليد و معاكسة النساء إلا من رحم الله من عباده
فلهذا وجب على الزوج توفير كل ما يلزم المرأة من ملبس ومسكن ومشرب وعطف ورعاية وحماية لكي تتفرغ هي لتربية الرجال والنساء أي الأجيال بشكل عام
هذا باختصار شديد
وأسال الله تعالي أن يوفقنا لما فيه خير الدنيا والآخرة , وصلي الله علي سيدنا محمد وآله وصحابته
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته