الفقر يحرم الأطفال من حقوقهم بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كلما جعلنا حياة اطفالنا أكثر اشراقا كان مستقبل بلادنا أكثر اشراقا.. إذا كانت هذه المقولة تعبر عن المفهوم الواسع للتنمية والرخاء الذي تسعي إليه كل الدول
دعونا نتساءل: كيف يتحقق هذا وملايين الأطفال ـ الذين يمثلون مستقبل أي دولة ـ يعيشون في فقر مدقع يحرمهم من حقوقهم ويضعف البيئة الحامية لهم ويرتبط بالاساءة إليهم واستغلالهم ويصيبهم بالامراض وسوء التغذية ويمنعهم من الالتحاق بالتعليم ويهدر طاقاتهم في العمل في سن صغيرة ويدفعهم للزواج المبكر ويفقدهم المهارات اللازمة لإعالة انفسهم في أسواق تتسم بضراوة التنافس والثقة في غد أكثر اشراقا.
هذه الصورة القاتمة التي تعكس وضع الاطفال في العالم اليوم دفعت منظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسف إلي إجراء دراسة عن فقر الاطفال والتفاوت في مستوي معيشتهم في مناطق مختلفة من العالم(50 دولة) من بينها مصر وستة بلدان أخري في منطقة الشرق الأوسط وقام مركز الدراسات الاقتصادية والمالية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة برئاسة الدكتورة عالية المهدي عميدة الكلية بإعدادها بالتعاون مع اليونيسف ووزارة الأسرة والسكان.
تجسد هذه الدراسة كما تقول سيجريد كاج, المدير الاقليمي لمنظمة اليونيسف في الشرق الأوسط وإفريقيا الاولوية التي توليها المنظمة لمعالجة فقر الأطفال من خلال نهج شامل وقائم علي الادلة, لذلك تعد الأولي في رصد واقع الاطفال الفقراء في مصر والأولي التي تتناول الطفولة والفقر في نفس الوقت وتركز علي المكاسب التي تحققت لصالح الاطفال خاصة في مجال التشريعات وتشير إلي أنه بالرغم من التقدم الاقتصادي الذي حدث فلايزال خمس عدد اطفال مصر تقريبا يعانون من الفقر ويواجهون خطر توريث الفقر للجيل المقبل مما يؤدي إلي تباطؤ معدلات التنمية في البلاد.
تتميز الدراسة المصرية بأنها استندت علي آراء الاطفال الفقراء انفسهم عن الفقر ليس فقط علي أساس فقر الدخل وإنما من منظور الحرمان ايضا من ابسط الحقوق مثل الغذاء والسكن والرعاية الصحية والتعليم والصرف الصحي والمياه النظيفة إضافة للمعلومات التي التي توفرها وسائل الإعلام المختلفة والحرمان من فرص متساوية تؤهلهم لحياة كريمة. ومن الترفيه وممارسة الرياضة.
هذه الدراسة المدعومة بأحدث الاحصائيات والبيانات اظهرت انه بالرغم من التقدم الذي تحقق في مجالات عديدة فإن الدولة في حاجة أن تضع في سياساتها عنصر الاطفال كأحد المكونات الاساسية في خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتخصيص اعتمادات له في الموازنة العامة للدولة مع الأخذ في الاعتبار انه لا يمكن القضاء علي الفقر بزيادة الدخل وحده, وإنما باتباع عدة استراتيجيات لمكافحته من بينها زيادة الوعي بأهمية التعليم بصفة عامة وتعليم الفتيات بصفة خاصة ـ امهات المستقبل ـ حيث ان تعليمهن ضمان قوي ضد الفقر, كذلك الاهتمام بجودة التعليم بعد أن ثبت انه أفضل سبيل للإفلات من براثن الفقر والعمل ايضا علي التمكين الاقتصادي للاسر حتي نمنع اطفال اليوم الفقراء من أن يكونوا فقراء الغد البالغين.. ويعتمد كسر دائرة الفقر ايضا علي الاستثمار من جانب الحكومات والمجتمع المدني والاسرة في حقوق الأطفال والنساء, حيث ان منظمة اليونيسف تؤمن بأن خفض معدلات الفقر يبدأ بالاطفال, وان التنمية الحقيقية تعني الاستثمار فيهم, فإنفاق الأموال علي صحة الاطفال وتغذيتهم وتعليمهم وتحقيق المساواة بينهم ومراعاة حقوقهم يعني الاستثمار في مجتمع يتمتع بصحة أفضل ولا يعاني من الأمية بل ويحقق مستوي إنتاجية أعلي, لذلك فالاستثمار في الأطفال مطلوب من أجل الحفاظ علي التقدم الذي حققته مصر علي المستوي الاقتصادي ومطلوب ايضا ان تعالج السياسات التي تستهدف الفقر عنصر الاطفال بشكل مباشر وتعرفهم بحقوقهم والقوانين التي تحميهم لاننا إذا أردنا ان نكسر حلقة الفقر كما قالت سيجريد كاج فيجب علينا أن نضع الاطفال في قلب السياسات الانمائية للدولة.
من هنا تأتي أهمية هذه الدراسة التي اسهمت في اضافة مجموعة الدلائل والمؤشرات المطلوبة لوضع السياسات العامة المراعية لحقوق الأطفال بهدف ان يؤدي هذا النهج ونتائج الدراسة وتوصياتها إلي مراعاة ان تكون هناك سياسات صديقة للطفل والمساهمة في بناء البنية الاساسية الاجتماعية لمستقبل مصر. فالاستثمار في الاطفال ورفاههم يحددان إلي حد كبير رفاهة الدولة في المستقبل.