أمي أم إبني؟ ضع نفسك في نفس الموقف!
فأيهما كنت ستختار؟
أمي أم إبني ... أيهما أختار؟
عمارة كان أسفلها مستودعات وفي أعلاها شقق سكنية، وفي إحدى الشقق ترقد في جوف الليل إمرأة غاب عنها زوجها في تلك الليلة، وهي تحضن بين يديها طفلها الرضيع .. وقد نام بجوارها طفلتيها الصغيرتين، وأمها الطاعنة في السن، وفي جوف الليل تستيقظ تلك المرأة على صياح وضوضاء، أبصرت .. وإذا بحريق شب في أسفل تلك العمارة، وإذا برجال الإطفاء يطلبون من الجميع إخلاء العمارة إلى السطح .. قامت تلك المرأة وأيقظت صغيرتيها، وصعدت الصغيرتان إلى أعلى العمارة، ثم بقيت تلك الأم في موقف لا تحسد عليه، لقد بقيت تنظر إلى صغيرها الرضيع الذي لا يستطيع حِراكا، وإلى أمها الطاعنة في السن العاجزة عن الحركة .. والنيران تضطرب في العمارة .. وقفت متحيرة، وبسرعة قررت بأن تبدأ بأمها قبل كل شيء وتترك صغيرها، حملت أمها وصعدت بها إلى سطح العمارة، وما إن سارت في درج تلك العمارة إلا وإذا بالنيران تداهم شقتها وتدخل على صغيرها وتلتهم تلك الشقة وما فيها .. تفطر قلبها وسالت مدامعها وصعدت إلى سطح العمارة لتضع أمها، وتتجرع غصص ذلك الإبن الذي داهمته النيران على صغره .. أصبح الصباح وأخمد الحريق وفرح الجميع .. إلا تلك الأم المكلومة، لكن مع بزوغ الفجر .. وإذ برجال الإنقاذ يعلنون عن طفل حي تحت الأنقاض بفضل الله. إنه البر وإنه جزاء البارين، فيا عباد الله .. أين نحن من بر الآباء والأمهات؟ أين نحن من ذلك الباب من أبواب الجنة؟