لماذا يكذب الأطفال؟!
حمداً لله تعالى مشفوعاً بالتوحيد والتقديس0
حمداً لله الذي خَصّ نبيَّه محمّداً وأهلَ بيته عليه وعليهم أفضل الصلوات والتسليم بالاجتباءِ والاصطفاء، والتطهيرِ والتكريم، وأمرَ بالصلاةِ عليه وعليهم كما أمرَ بالصلاةِ على إبراهيم وآلِ إبراهيم، وجعل معرفتَهم براءةً من النار، ومحبّتَهم جوازاً على الصراط، وولايتَهم أمْناً مِن العذابِ الأليم.
والصلاة والسلام على سيدنا محمّدٍ النبيِّ الأُمّيِّ الذي هو على خُلُقٍ عظيم، وبالمؤمنين رؤوفٌ رحيم.
وعلى ذريّتهِ وأهل بيته وعترته , الذين بذِكْرهم تُستدفَعُ نوازلُ البلاء والضرر، ويُستعاذُ من سوء القضاء وشرّالقَدَر، ويُستنزل بهم في المُحول نَوافعُ المطر، ويُستقضى بهم على غلَبات اليأس وجوامعِ الوَطَر, جَمالُ ذي الأرضِ كانوا في الحياةِ , وهُم بـعـد المـمـاتِ جـمالُ الكُتْـبِ والـسِّيَـرِ
إن وصف الكذب من أسوأ الصفات التي يمكن أن يكتسبها الطفل؟
وحين يستهل الوقوع في الكذب فإنه يصبح قادرًا على ارتكاب كل الأخطاء الكبيرة والصغيرة
وهذا واضح في قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: [إن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابًا]
كما أنه يكون إنسانًا غير موثوق به فيفقد بذلك التقدير من الآخرين.
لماذا يكذب الأطفال؟
سؤال محير يتردد في أذهان الآباء فيقفوا مكتوفي الأيدي عاجزين عن الإجابة أو اتخاذ الإجراء المناسب.
مع أن الآباء لم يقصروا معهم في شيء ولم يبخلوا عليهم بشيء بل قدموا لهم الغالي والنفيس، وأغدقوا عليهم المحبة والعطف والحنان، بل تنازلوا عن حقهم من أجل إرضاء أبناءهم وبعد هذا كله يكذبون عليهم.
فلماذا يكذبون؟
الكذب عند الأطفال ما هو إلا محصلة لعوامل بيئية وعوامل ذاتية دفينة داخل نفس الطفل , وكلما قرب البيت من مكارم الأخلاق وحرص عليها قل تأثير العوامل البيئية في غرس صفة الكذب عند الطفل
تأثير العوامل البيئية المحيطة بالطفل من البيت و المدرسة والمجتمع
البيت:إن الطفل الذي ينشأ في أسرة تلتزم الصدق على نحو تام تقوى لديه الحاسة الخلقية، ويكتمل لديه الالتزام الخلقي
والأسرة التي تمارس الكذب لا تساعد أبناءها على امتلاك فضيلة الصدق
ومثال ذلك: عندما يرد الطفل على التليفون ويسأل الطالب عن الأب فيشير الأب إلى ابنه بأنه غير موجود، ويظن الأب أن الطفل لا يتأثر بهذا الموقف، وهو لا يعلم أن كل هذه المواقف تنطبع في نفس الطفل الشفافة لتخرج بعد ذلك ليكذب على والده.
وكذلك عندما يرى الأم تكذب عل الأب خوفًا من غضبه، والأب يكذب على الأم، وإخوته الكبار يكذبون على بعض حتى ولو على سبيل المزاح
كل هذه الصور تنطبع في ذاكرة الطفل، لأنه في هذه السن يعتاد الالتقاط والتقليد
align=center]
المدرسة:هذا إضافة إلى ما يراه الطفل في المدرسة سواء من زملائه الذين يكذبون على المدرس حتى لا يضربهم، أو المدرس الذي يكذب عليهم حتى يخيفهم ويزيد هيبته عندهم، والمدرس يكذب على المدير، والمدير يكذب على ولي الأمر وهكذا.
كل هذه الصور السيئة تنطبع في نفس الطفل الشفافة وتغرس جذور هذه الصفة الذميمة الكذب فيه.
المجتمع: وكذلك ما يراه الطفل في الشارع، فمثلاً في السوق يجد البائع يكذب ليزين سلعته وهي رديئة
وما يراه الطفل على شاشات التلفاز من كذبات تلو كذبات وألعاب سحرية خفة يد ومن تمثيليات وقصص كاذبة، ومن أخلاق خرافية سبحت في بحار الخيال , باتمان ـ سوبر مان, .كل هذه العوامل المحيطة بالطفل تؤثر على نفسيته مع غياب القدوات الصالحة التي تحثه على مكارم الأخلاق وغياب أصدقاء الصدق.
أعزائي أولياء الأمور :
عزيزي الأب .. عزيزتي الأم..
هناك فرق بين الكذب والمراوغة وبين الكياسة أو الفطنة.
فكيف ذلك؟
للأسف إن المجتمع ينظر إلى الصادق غالبًا على أنه طيب القلب لا يستطيع أن يراوغ أو يحاور، وبالتالي ينظرون إليه أنه لن يكون ناجحًا في حياته.
وعلى العكس تمامًا ينظر المجتمع إلى الكاذب بأنه المعجزة الداهية الذي يستطيع أن يلف ويدور ويداهن ويكسب ويربح أو كما يقولون , يلعب بالسمكة وذيلها.
وغاب عن أنظار الناس أن هناك فارقًا كبيرًا بين الكذب والكياسة أو الفطنة، فالمؤمن كيس فطن ولكنه ليس بكذاب كما قال سيدنا عمر رضي الله عنه: [لست بالخب ولا الخب يخدعني].
ولكن هذا لا يعني أن نعزل الطفل تمامًا عن المجتمع حتى لا يتأثر بهذه العوامل فآثار العزلة السلبية أكبر بكثير من آثار الخلطة على الطفل
ولكن الوسط هو حال الراشدين، وإنما الحل باتخاذ الوسائل العملية التي تحول دون ثائر الطفل بهذه العوامل
الكذب بسبب دوافع نفسية ليس لها علاقة ببيئة الطفل: للطفل دوافع ذاتية للكذب لا يستمدها من قدوة سيئة أمامه، وكذلك لا ترده عنها القدوة الصالحة تلقائيًا بغير تلقين وتوجيه وجهد يبذل.