خواطرفتح الله
لليلى بذات الجيش دار عرفتها
وأخرى بذات البين آياتها سطر
كأنهما ملآن لم يتغيرا
وقد مرّ للدارين من عهدنا عصر
وقفت بربعيها فعيّ جوابها
فقلت - وعيني دمعها سرب همر
ألا أيها الركب المخبّون هل لكم
بساكن أجراع الحمى بعدنا خير
فقالوا: طوينا ذاك ليلاً وإن يكن
به بعض من تهوى فما شعر السّفر
أما والذي أبكى وأضحك والذي
أمات وأحيا والذي أمره الأمر
لقد كنت آتيها وفي النفس هجرها
بتاتاً لأخرى الدهر ما طلع الفجر
فما هو إلا أن أراها فجاءة
فأبهت لا عرف لديّ ولا نكر
وأنسى الذي قد كنت فيه هجرتها
كما قد تنسّي لبّ شاربها الخمر
وما تركت لي من شذىً أهتدي به
ولا ضلع إلا وفي عظمها كسر
وقد تركتني أغبط الوحش أن أرى
قرينين منها لم يفزّعهما نفر
ويمنعني من بعض إنكار ظلمها
إذا ظلمت يوماً وإن كان لي عذر
مخافة أني قد علمت لئن بدا
لي الهجر منها ما على هجرها صبر
وأني لا أدري إذا النفس أشرفت
على هجرها ما يبلغن بي الهجر
تكاد يدي تندى إذا ما لمستها
وينبت في أطرافها الورق الخضر
وإني لتعروني لذكراك فترة
كما انتفض العصفور بلله القطر
تمنيت من حبي علية أننا
على رمث في البحر ليس لنا وفر
على دائم لا يعبر الفلك موجه
ومن دوننا الأعداء واللجج الخضر
فنقضي هموم النفس في غير رقبة
ويغرق من نخشى نميمته البحر
عجبت لسعي الدهر بيني وبينها
فلما انقضى ما بيننا سكن الدهر
فيا حب ليلى قد بلغت بي المدى
وزدت على ما ليس يبلغه الهجر
ويا حبها زدني جوىً كل ليلة
ويا سلوة الأيام موعدك النضر
هجرتك حتى قيل: ما يعرف الهوى
وزرتك حتي قيل: ليس له صبر
صدقت أنا الصب المصاب الذي به
تباريح حب خامر القلب أو سحر
فيا حبذا الأحياء ما دمت حيةً
ويا حبذا الأموات ما ضمك القبر
وإنّي لتعروني لـذكـراك روعةٌ
كما انتفض العصفور بلَّله القطر