حتمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقول ربنا تبارك وتعالى
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون].
ولتكن فصل مضارع دخلت عليه لام الأمر وبدخولها عليه صار للأمر، والأمر يفيد الوجوب، وقوله تعالى:
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أولئك هم المفلحون
معناها: هم المفلحون دون غيرهم.
وقد قرن ربنا سبحانه وتعالى بين الإيمان وبين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال جل شأنه:
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله
من الآية نعلم أن خيرية أمة الإسلام مرتبطة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وقال تعالى في معرض وصايا لقمان لابنه
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك
قال العلماء عليهم رحمة اللَّه: قوله تعالى
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
واصبر على ما أصابك
معناها: واصبر على ما أصابك من
الأذى بسبب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان». رواه مسلم.
قال العلماء عليهم رحمة اللَّه: قوله صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرًا» معناها: كل من رأى منكم منكرًا.
ويكون التغيير باليد واجب السلطان مع جميع الرعية، وواجب الوالد مع أولاده، وواجب كل أحد مع كل من له سلطان
عليه.
أما التغيير باللسان فهو واجب العلماء، وواجب كل من يستطيع أن يغير المنكر بلسانه شريطة أن يكون ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة، وألا يترتب على محاولة تغيير المنكر باللسان منكر أكبر منه.
أما تغيير المنكر بالقلب فيكون في حالة العجز عن تغييره باليد ثم العجز عن تغييره باللسان، ويكون ذلك بعدم الرضا
عن هذا المنكر، ومن ثم عدم التعاون مع أصحاب هذا المنكر، بل وعدم مجالستهم أو التعامل معهم قدر المستطاع ماداموا مقيمين على هذا المنكر، لأن اللعنات تتنزل على أصحاب المعاصي، ويخشى على كل من يجالسهم أن يصيبه مثل ما أصابهم. ولا يحل لمسلم أن يسكت عن المنكرات بدعوى أنه ليس هو الذي يفعلها وأن اللَّه تعالى يقول
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم
لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وضح معنى هذه الآية بقوله: «إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم اللَّه بعقاب منه».
رواه أبو داود والترمذي والنسائي وصححه الألباني. ولقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من التقصير في مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال: «والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن اللَّه أن يبعث عليكم عقابًا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم». رواه الترمذي وصححه الألباني.
كذلك روى البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال: «نعم إذا كثر
الخبث».
وليعلم كل أحد أن النقم لا تحل بالظالمين وحدهم، وإنما تصيب كل من سكت على صنيعهم وعلى كل من جاورهم. يقول ربنا تبارك وتعالى:
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة
ولقد استحق بنو إسرائيل الطرد من رحمة اللَّه بسبب تقصيرهم في النهي عن المنكر، قال تعالى
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون (78) كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون
أما الرحمات فإنها تتنزل على أهل الصلاح - بل وعلى جلسائهم - يقول المولى تبارك وتعالى
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
يختص برحمته من يشاء
روى البخاري ومسلم: أن الملائكة تقول لله تعالى عن مجالس الذكر: ويقول ربنا تبارك وتعالى في كتابه العزيز
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون
وعلى المسلم ألا تدفعه كثرة المنكرات التي يراها في كل مكان إلى التوقف عن النهي عن المنكر. يقول العلماء عليهم رحمة اللَّه: ما لا يُدْركُ كله لا يُتْركُ كله.
ولقد أرشدنا ربنا تبارك وتعالى إلى ذلك في خطابه إلى كفار مكه
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أفنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين
فإذا رأيت يا أخي المسلم من يرتكب عشر منكرات فإن استطعت أن تجعلها تسعًا فافعل، وفيما يلي بيان ببعض المنكرات التي شاعت في أيامنا هذه حتى في المساجد- فما بالك بما يحدث خارج المساجد بين غير المصلين:
1- بعض المصلين يشرب بيده اليسرى.
2- كثير من رواد المسجد يمرون أمام المصلين، بل وأحيانًا يصطدمون بهم.
3- الإمام في الجماعة الثانية وكذلك المنفرد والمتنفل لا يتخذ سترة أثناء الصلاة.
4- كثرة الكلام بصوت مرتفع في المسجد بمجرد انتهاء صلاة الجماعة، وذلك يؤدي إلى التشويش على المسبوقين والمتنفلين.
5- انكشاف الظهر أثناء السجود (لبعض المصلين) إلى ما تحت مستوى السرة، وذلك يبطل الصلاة، والسبب
في ذلك هو ارتداء الملابس الإفرنجية.
6- الإسبال في ملابس الرجال (الإفرنجية
والعربية)، مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار».
رواه البخاري.
7- كثرة الحركة أثنا الصلاة حتى إنك لتعد للمصلي حركتين في
التشهد الأوسط وأربع حركات في التشهد الأخير، وحركة في السجود وحركة في الركوع،
وحركة بين السجدتين وحركة أثناء التسليم وحركات كثيرة أثناء قراءة الفاتحة
والسورة. وبعض الحركات تكون مدتها طويلة بحيث لو رأيت هذا المصلي لظننت أنه لا يصلي، ثم إذا كلمته في ذلك بعد فراغه من الصلاة ينفي أنه تحرك، أو يقول إنها حركات عصبية!!
8- خروج المرأة للصلاة بالمسجد وهي تلبس ملابس غير ساترة، أو ملابس إفرنجية تشبه ملابس الرجال أو تشبه ملابس الكافرات، وأحيانًا تزين وجهها (المكشوف) بالمساحيق والأصباغ، وأحيانًا تتعطر، أين وليها؟
فالمنكرات كثيرة جدًا (داخل المساجد وخارجها)، وليعلم الجميع أن من يرى أخاه المسلم يخطئ ولا
ينهاه يعتبر آثمًا؛ لأن المخطئ يجب تعليمه إن كان جاهلاً، أما إن كان عامدًا فيجب منعه من الخطأ (أو اعتزاله إن أبى). ولذلك يتعين على كل من رأى منكرًا أن يغيره بالطريقة التي تتيسر له بشروط منها:
أ- أن يكون عنده شيء من العلم، فلا ينكر معروفًا، ولا يسكت عن منكر، يقول رب العزة جل جلاله