الاعتصام بالله ياهل غزه الاعتصام بالله عصمة للقلب، وملاذ للنفس، وطمأنينة للفؤاد، إذا كثرت بك الهموم، وحلّت عليك الغموم، فاعتصم بالحي القيوم، إذا اشتدت بك الكروب، وأظلمت أمامك الدروب فاعتصم بعلام الغيوب، إذا كثرت البدع، وظهر الشقاق، وانتفش النفاق، فاعتصم بحبل الخلاق، فليس لك من دونه من واق.
الاعتصام: الاستمساك بالشيء، وأصل العصمة: الحبل، وكل ما أمسك شيئًا فقد عصمه، وأعصم الرجل بصحابه إعصامًا إذا لزمه ولاذبه.
ولا أجمل ولا أكمل ولا أفضل ولا أحفظ ولا أسلم للمؤمن من الاعتصام بالواحد الأحد جل وعلا، فهل يُهُزم من اعتصم بجنابه؟ وهل يخاف من لجأ إلى محرابه؟ وهل يحرم من انطرح على أعتابه؟.
إن الاعتصام به جل وعلا حفظ للمرء، وصيانة للنفس، وحماية للدين، وأمن من المخاوف، وضمان من المخاطر، ونجاة من المهالك، ونصرة على الأعداء، وحرز من الألداء.
الاعتصام بالله تعالى نوعان: اعتصام بالله، واعتصام بحبل الله.
قال تعالى: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴾ ... [الحج: 78].
وقال تعالى: ﴿ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُو ﴾ ... [آل عمران: 103].
ومدار السعادة وآية الفلاح وطريق النجاة في الدنيا والآخرة هو في الاعتصام بالله والاعتصام بحبله.
والاعتصام بحبله يعصم من الضلال، ويحفظ من الهلاك، وحبل الله هو كتابه الكريم، ودينه القويم، وعهده المتين.
والاعتصام بالله تعالى هو: التوكل عليه والامتناع به والاحتماء به واللجوء إليه، فيورث ذلك حفظ العبد ودخوله في رحمة الله وحماية الله له من أسباب الشر، وكيد الأعداء، ومكر الشيطان، وشهوات النفس، ومضلات الفتن.
﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً ﴾ ... [النساء: 175].