رسالة تحت رغيف الخبز رسالة تحت رغيف الخبز
قام إلى إفطاره ليس على العادة ..
لقد ظلت غمامة في سماءه هو وزوجته ..
عكّرت صفو الودْ والمحبة بينهما ..
ليس غريباً أن يحدث هذا الجفاء وهذا الخلاف ..
فهذا أمرٌ طبيعي .. بين كل زوجين ..
لقد كان من المفروض أن يقدم كلٌ منهما تنازلٌ للآخر ..
لكن هيهات .. هو ربما يرى أن ذلك لا يليق به كزوج ..
بينما هي في الجانب الآخر تقول لا يمكن أن أسمح لنفسي ..
أن أتنازل له بينما هو المخطئ عليَّ..!
جلس صاحبنا على طاولة الإفطار يقشر بيضة ..
بينما كوب الحليب قد خفّت حرارته ..
ومال إلى البرودة مما أفقد مذاقه ..
أخذ يأكل البيضة بينما يرمق باب المطبخ ..
ويتسائل في نفسه .. لمَ لم تأتي مثل كل يوم؟
وماذا تأكل في المطبخ؟
في هذه الأثناء قدمت زوجته ..
وبيدها رغيف خبز ..
كان يحاول أن ينظر لها ..
وهو يتمنى أن تتفوه بالسلام عليه ..
حتى يمكنه أن يعتذر لها ..
رغم أنه يُحسُّ أنه أخطأ ليلة أمس عليها ..
رغم هذا .. لا يريد أن يبدأ هو في الكلام أنفة منه..!
وضعت الرغيف أمامه ..
وكادت أن تفعل مثل كل يوم ..
أن تجلس أمامه وتتناول الإفطار معه ..
لكنها لم تستطع فعل ذلك ..
فعادت من حيث أتت.. إلى المطبخ ..
هناك حيث أكملت تنظيف بعض الأواني ..
وما هي إلا دقائق وسمعت صوت غلق الباب ..
حتى تأكدت أن زوجها قد ذهب ..
عادت سريعاً فوجدت أنه لم يشرب الحليب مثل كل يوم ..
والبيضة لم يأكل منها سوى ربعها..!
فقالت في نفسها ..
طبعاً تريد مثل كل يوم أن أُقشِّر لك البيضة ..
وأقطعها لك .. لا تستاهل ما أفعله لك ..
أنت زوجٌ لا تقدر الحياة الزوجية ..
في هذه الأثناء جلست على الكنبة كالمنهك ..
وأخذت تسرح بخيالها .. بينما لا زالت ثائرة الغضب ..
تجول وتصول في داخلها ..
وبدأت تتوعد الزوج سأفعل كذا .. وكذا ..
لن أستقبله مثل كل يوم ..
سأضع ملحاً زائداً عن كل يوم في طعامه ..
سأفعل .. وأفعل ..
وأنك لا تستحق كل هذا الإهتمام منّي..!
أسندت رأسها على الأريكة ..
وكانت في حالة غضب لما حصل من زوجها ..
أخرجت من صدرها تنهيدة عظيمة ..
وكأنما هي من بواقي زلزال عاصف ..
ثم قامت إلى طاولة إفطار زوجها لتنظفها ..
ثم فجأة..!! توقفت دقات قلبها ..
لترى ورقة صغيرة قد وُضِعت تحت رغيف الخبز ..
تناولتها بإضطراب شديد .. فإذا مكتوبٌ فيها ..
*
*
*
*
بسم الله الرحمن الرحيم
زوجتي الغالية ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
كم كنت أتمنى أن لو لم أخرج ..
إلا وأنا أرى تلك الإبتسامة الرائعة ..
التي ترسميها على ثغرك صباح كل يوم ..
إنها تمدني بالعطاء .. وتبقي لي الحياة سعيدة ..
بل إني أرى بها دنيا جميلة وهانئة ..
كم كنت أتمنى أن لو جلسنا سوياً ..
كصباح كل يوم على طعام الإفطار ..
ومعها يهنأُ بالي وأسعد بحديثكِ العذب الجميل ..
زوجتي .. كلٌ يخطئ أعترف لكِ ..
لقد أخطأتُ بحقكِ ليلةَ أمس ..
فإن لم تغفري لي الخطأ ..
وتمسحي لي الزلل ..
فمن يكون إذاً أيتها السيدة الغالية..!
لقد نالَ مني الشيطان مقصده ..
ولا أراه إلا وقد وسوس لكِ لأنه عدوٌ لنا ..
كنت أتمنى لو قدمتُ لكِ الإعتذار ..
لكن سامحيني لم أستطعْ ..
فلعل هذه الأحرف تعيد الأمل للحياة من جديد ..
ولعل هذه الورقه إيذاناً بفتح صفحةٍ جديدة ..
معها عهود ومواثيق ..
لإبقاء الود والمحبة إلى ما لا نهاية ..
سأعود مبكراً هذا اليوم ..
أتمنى أن أجد الطعام الذي أشتهيه كما تعلمين ..
التوقيع
زوجكِ المخلص
*
*
*
*
لم تتمالك الزوجة المسكينة نفسها ..
إلا أن وقعت على الكرسي المجاور ..
وقد ملأت عيونها بالدموع ..
إنها دموع الحب وبصورة لا إرادية ..
أخذت تُقَبِّل الورقة .. وتبكي وتقول ..
سامحني أرجوك ..
سامحني لم أجهز لك طعام إفطارك مثل كل يوم ..
ومعها إنقلبت 180ْ عن حالها قبل الورقة ..
فانطلقت كالنحلة ..
تزين في فضائها الواسع الجميل في بيتها الصغير ..
وما أن دقت الساعة الواحدة والنصف ..
إذ بالزوج يفتح الباب ويدخل ومعه هدية ..
لكنه يتفاجأ بأن البيت إنقلب وكأنه حديقة غنّاء ..
وروائحٌ جميلة .. قد جهزتها الزوجةُ المخلصة ..
فأقبلت إلى الزوج ومعها طفلها الصغير ..
وقد ألبسته أجمل ما عندها ..
وتزينت هي بأجمل صورة ..
مما جعل الزوج يشهق غير مصدق لما يرى ..
فارتسمت على الجميع إبتسامات الرضى ..
والمحبة والصفاء والود ..
ولسان حال الزوج يقول ..
سأغضبكِ كل يوم ..
وإنطلقت الضحكات تملأُ العشُّ الصغير.
*
*
*
*
وقفة رقيقة
هكذا هو الحال حين يعتذر المخطئ ..
وحين يقبل الإعتذار الطرف الثاني ..
لنحاول أن نجعل حياتنا أبسط من أي خلاف ..
فحينها .. سنجد حياتنا أجمل وأطيب ..
وسنفتح باب للسعادة والرضى على قلوبنا وحياتنا.
هذي قراته وراق لي الاعتذار وقول الاعتذار
حبيت انقله لكم لعله ينال احسانكم