جهود صلاح الدين الأيوبي في إحياء المذهب السنّي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فكرة نقل هذا المقال تعود للاخت الفاضله إســلامية
بارك الله فيها وجزاها خيرا ً
جهود صلاح الدين الأيوبي في إحياء المذهب السنّي
في مصر والشام (564هـ ـ 589هـ/1169م ـ 1172م)
محمد الرحيّل غرايبة - قسم الشريعة. كلية الآداب، جامعة مؤتة، الأردن
مجلة مؤتة للبحوث والدراسات (السلسلة أ: العلوم الإنسانية والاجتماعية) مجلد 10 ، عدد 3 ، 1995م
المصدر
مقدمة
لما
كانت الأبحاث والدراسات حول صلاح الدين الأيوبي (ت: 589هـ/1193م) كثيرة
ومتنوعة رأيت أن أبحث عن موضوع، لم يتناوله الباحثون، أو لم يوفوه حقه من
البحث والتمحيص.
وبما أن
الجانب العسكري لديه، قد أُشبع بحثاً باعتباره صانع مجد هذه الأمة خلال
فترة الحروب الصليبية. رأيت أن أتجه إلى أحد الجوانب الأخرى المهمة في
حياته.
ولما كان
هو الذي أزال الخلافة الفاطيمة الشيعية من الوجود نهائياً، وأن المذهب
الشيعي في عهده قد وهن وهناً شديداً، بسرعة لافتة للنظر، مما يستدعي الوقوف
على السر الذي يكمن وراء هذا الضعف.
لذلك عمدت إلى الكتابة حول هذا الموضوع محاولاً سدّ فجوة في الدراسات التي تناولت سيرة صلاح الدين.
وفي هذا
البحث، أشرت بإيجاز إلى الأسباب التي حدت بصلاح الدين إلى أن يشنّ حملته
على الفاطميين، وألقيت بعض الضوء على جهوده السياسية (السلمية) في نشر
المذهب السنّي، والتي تمثلت في إكثاره من إنشاء المدارس التي تُدرس فقه
مذاهب أهل السنة. وعزله القضاة الشيعيين، واستبدالهم بقضاة سنّيين،
واهتمامه بالعلماء والفقهاء وتقريبهم إليه. وقمت بتفنيد التهمة التي نسبت
إليه، بأنه كان سبباً في جمود الفكر الإسلامي بقتله الفيلسوف يحيى
السُهرَوَردي (ت 587هـ/1191م)، وأومأت بإيجاز إلى أثره في تنشيط المذهب
السنّي في حاضرة الخلافة العبّاسية.
وجاءت الدراسة موزعة في مجموعة مباحث هي:
1ـ أسباب محاربة المذهب الشيعي.
2ـ المدارس التي أُنشئت في عهد صلاح الدين.
3ـ القضاء.
4ـ الاهتمام بالفقهاء.
5ـ بغض صلاح الدين للفلسفة.
6ـ دول صلاح الدين في تنشيط المذهب السنّي في بغداد.
بالإضافة إلى خاتمة ذكرت فيها أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة.
ولا أزعم
أن هذا المبحث جاء كاملاً خالياً من الهفوات والنقص، فالكمال لله وحده ،
وأسال الله سبحانه أن يجعل عملي هذا خالصاً لوجهه الكريم.
[b]أسباب محاربة المذهب الشيعي:
عمل
الخلفاء الفاطميون ودعاتهم في مصر والبلاد التي حكموها، بشكل نشيط على نشر
المذهب الشيعي، عن طريق بذل الأموال، وجعل القضاء على مذهبهم الذي يدينون
به. لذلك نهض المذهب الشيعي نهضة كبيرة. وبالمقابل فقد ضعف نفوذ المذهب
السني، الذي كان سائداً في مصر وغيرها من البلاد التي خضعت للفاطمين.
ولما
اعتلى صلاح الدين كرسيّ الحكم في مصر، سرعان ما عمل على إنهاء الخلافة
الفاطمية، "وبذلك عادت إلى مصر السلطة الروحية للخليفة العباسي"([1])،
كما عمل على تقوية المذهب السني ومحاربة المذهب الشيعي. المذهب الرسمي
للفاطميين. مستعملاً في ذلك أساليب متنوعة. منها ما هو عسكري، ومنها ما هو
سياسي.
أما
أسلوبه العسكري فتمثل في قمعه للحركات وللمؤامرات التي استهدفت القضاء عليه
وعلى أنصاره وإعادة الخلافة الفاطمية. مثل حركة مؤتمن الخلافة([2]). ومؤامرة عمارة اليمني([3]). وثورة الكنز([4]).
وأمّا
أساليب صلاح الدين السياسية (السلمية) في محاربة التشيع. فتمثلت في أنه
أتجه إلى عقول الناس، فعمل على إنشاء المدارس الفقهية التي تدرّس مذاهب أهل
السنّة، ولاسيما المذهب الشافعي، وجعل القضاء على المذهب السني واهتم
اهتماماً كبيراً بالفقهاء.[/b]