موجبات الشكر قال الشاعر:
إذا اجتمع الإسلام والقوت للفتى وكان صحيحًا جسمه وهو في أمن
فقد ملك الدنيا جميعًا وحازها وحق عليه الشكر لله ذي المن
ذكر في هذين البيتين أعظم النعم الموجبة للحمد والشكر والثناء لله رب العالمين.
::- الإسلام الذي يسلم به المسلم من الشقاوة ويفوز بالسعادة فهو دين الله الذي خلق خلقه لأجله وبه أنزل كتبه وأرسل رسله وهو الدين المقبول عند الله فلا يقبل من أحد دينا سواه وقد أكمله الله لعباده وأتم عليهم به النعمة ورضيه منهم فلن يسخطه أبدًا ولن يطرق إليه نقص أبدا فهو الدين الشامل الكامل الذي لم يترك خيرا إلا أمر به ولا شر إلا حذر منه قال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلامُ} [آل عمران: 19] وقال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85] وقال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة: 5] فلله الحمد والشكر والثناء على ذلك فهو دين الأمن والأمان والكمال والشمول والسعادة الأبدية في الدنيا والآخرة.
::- ومن موجبات الشكر حصول القوت الضروري للإنسان الذي به قوام البدن وراحته وقوته {اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ} [الروم: 40] {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إلا على الله رزقها} [هود: 6] {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} [الملك: 15] وفي الحديث «من أصبح آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها» رواه البخاري في الأدب المفرد والترمذي وابن ماجه ورمز السيوطي لحسنه.
::- ومن أعظم النعم الموجبة للشكر صحة البدن والعقل والسمع والبصر واليدين والرجلين والعينين واللسان والشفتين وقد قيل: الصحة تاج على رءوس الأصحاء لا يعرفها إلا المرضى، وقال الله تعالى: {وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل: 78] فلله الحمد والشكر والثناء على ذلك.
وقال تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد: 8-10] وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على اغتنام الصحة بالعمل الصالح قبل المرض قال عليه الصلاة والسلام «اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وحياتك قبل موتك وفراغك قبل شغلك وغناك قبل فقرك» رواه الحاكم وصححه .
::- ومن أعظم النعم الموجبة للشكر ، الأمن والاستقرار في الأوطان حيث يأمن الإنسان على نفسه وأهله وماله وهو من النعم التي لا يعرفها إلا من فقدها ولا يحصل الأمن التام في الدنيا والآخرة إلا للمؤمنين قال الله تعالى: { الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: 82] فيا لها من نعم ما أجلها وأعظمها فإذا أراد المسلم أن تستقر عليه هذه النعم فليحمد الله وليشكره بقلبه ولسانه وعمله بمحبته وطاعته لله رب العالمين بامتثال أوامره واجتناب نواهيه وفعل ما أوجب وترك ما حرم والإكثار من ذكره وشكره وحسن عبادته.
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
اللهم لك الحمد والشكر والثناء على ما أنعمت به علينا من نعمك العظيمة وآلائك الجسيمة حيث أنزلت علينا خير كتبك وأرسلت إلينا أفضل رسلك وشرعت لنا أفضل شرائع دينك وجعلتنا من خير أمة أخرجت للناس.
رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحًا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين.
رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين، والحمد لله رب العالمين حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى كما ينبغي لجلاله وعظيم سلطانه وصلوات الله وسلامه على خير خلقه وأنبيائه نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
=================
المصدر
بهجة الناظرين فيما يصلح الدنيا والدين
للشيخ عبد الله بن جار الله آل جار الله ـ رحمه الله ـ ص 559