بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب
العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده
ورسوله، صلى الله على خاتم أنبيائه محمد وآله وصحبه وسلم.
وبعد
إني لا اعلم أن هذا جهد مقل ومقصر لكن أحببت أن أشارك في هذا الذب _لعلى
أفوز مع إخوتي بالأجر_ عن أمنا أم المؤمنين أم عبد الله عائشة بنت الصديق
صاحبة المناقب العالية وهي أمنا الغالية العتيقة بنت العتيق، حبيبة الحبيب، وأليفة القريب، سيد المرسلين محمد الخطيب، المبرأة من
العيوب، المعراة من ارتياب القلوب، ..، عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى
عنها، كانت للدنيا قالية، وعن سرورها لاهية، وعلى فقد أليفها باكية.(حلية
الأولياء)
فهي من أوعية السنة، وقد رفع الله شأنها وأعلى ذكرها وأنزل الله براءتها فيما رميت فيه من الإفك في آيات تتلى من سورة النور، ومع ما أعطاها الله عز وجل من الفضل وما أكرمها به من الرفعة كانت تتواضع لله عز وجل،
(شرح سنن أبي داود الشيخ عبد المحسن العباد)
حصانٌ رزانٌ ما تزنّ بريبةٍ ... وتصبح غرثى من لحومٍ الغوافل
فإن كنت قد قلت الذي قد زعمتم ... فلا رفعت سوطي إليّ أناملي
وكيف وودّي من قديمٍ ونصرتي ... لآل رسول الله زين المحافل
فإنّ الّذي قد قيل ليس بلائطٍ ... ولكنّه قول امرئٍ بي ما حل
(فقد) استأذن ابن عباس رضي الله عنهما على عائشة رضي اللّه عنها وهي تموت، فقال: كنت
أحبّ نساء النبي صلى الله عليه وسلم إليه، ولم يكن رسول اللّه صلى الله
عليه وسلم يحبّ إلا طيّباً، وأنزل اللِّهُ براءتك من فوق سبع سموات، جاء
بها الروح الأمين، فأصبح ليس مسجد من مساجد اللّه يذكر فيها، إلا وهو يتلى
فيها آناء الليل وآناء النهار.
(اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية)
(كيف لاوهي )أمُّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها:
قال فيها الذهبي في السير (2/140): ((...ولَم
يتزوَّج النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بكراً غيرها، ولا أحَبَّ
امرأةً حُبَّها، ولا أعلمُ في أُمَّة محمد - صلى الله عليه وسلم - ـ بل ولا
في النساء مطلقاً ـ امرأةً أعلمَ منها)).
وفي السير أيضاً (2/181) عن عليِّ بن الأقْمَر قال:
((كان
مسروق إذا حدَّث عن عائشة قال: حدَّثتنِي الصِّدِّيقةُ بنتُ الصِّدِّيق،
حبيبةُ حبيبِ الله، المُبرَّأةُ من فوق سبع سماوات، فلَم أكذبها)).
وذكر ابن القيم في جلاء الأفهام (ص:351
ـ 355) جملةً من خصائصها، مُلخَّصُها: ((أنَّها كانت أحبَّ الناس إلى رسول
الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنَّه لَم يتزوَّج بِكراً غيرها، وأنَّ
الوحيَ كان ينزل عليه وهو في لِحافِها، وأنَّه لَمَّا نزلت عليه آيةُ
التَّخيير بدأ بها، فخيَّرها، فاختارت اللهَ ورسولَه، واستنَّ بها بقيَّةُ
أزواجِه، وأنَّ اللهَ برَّأها بِما رماها به أهلُ الإفك، وأنزل في عُذرِها
وبراءَتِها وَحْياً يُتلَى في محاريب المسلمين وصلواتِهم إلى يوم القيامة،
وشهد لها بأنَّها مِن الطيِّبات، ووعدها المغفرةَ والرِّزقَ الكريم، ومع
هذه المنزلة العليَّة تتواضعُ لله وتقول: (ولَشأنِي في نفسي أهونُ مِن أن
يُنزل الله فِيَّ قرآناً يُتلى)، وأنَّ أكابرَ الصحابةِ رضي الله عنهم إذا
أشكل عليهم الأمرُ من الدِّين استفتَوْها، فيجِدون علمَه عندها، وأنَّ رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - توفي في بيتها، وفي يومِها، وبين سَحْرِها
ونَحرِها، ودُفن في بيتِها، وأنَّ المَلَكَ أَرَى صورتَها للنَّبِيِّ - صلى
الله عليه وسلم - قبل أن يتزوَّجها في سَرَقة حرير، فقال: (إن يكن هذا من
عند الله يُمضِه)، وأنَّ الناسَ كانوا يَتحرَّونَ بهداياهم يومَها مِن رسول
الله - صلى الله عليه وسلم -، فيُتحِفونَه بما يُحبُّ في منزلِ أحبِّ
نسائه إليه رضي الله عنهم أجمعين)). (فضل أهل البيت وعلو مكانتهم عند أهل السنة والجماعة)
(لذا كان )مَسْرُوقٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِذَا حَدَّثَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:
حَدَّثَتْنِي الصِّدِّيقَةُ بِنْتُ الصِّدِّيقِ حَبِيبَةُ رسول اللَّهِ الْمُبَرَّأَةُ مِنْ فوق سبع سموات, قَالَ الذَّهَبِيُّ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ
وَعَائِشَةُ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا الصِّدِّيقَةُ بِنْتُ الصِّدِّيقِ حَبِيبَةُ
حَبِيبِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمُبَرَّأَةُ مِنْ
فوق سبع سموات بِأَرْبَعَ عَشْرَةَ آيَةً تُتْلَى فِي الْمَحَارِيبِ
وَالْكَتَاتِيبِ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ, الَّتِي كَانَ يَنْزِلُ
الْوَحْيُ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي حِجْرِهَا, وَتُوفِّيَ فِي حِجْرِهَا,
وَقَدْ خُلِطَ رِيقُهَا بِرِيقِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي
آخِرِ سَاعَةٍ مِنَ الدُّنْيَا وَأَوَّلِهَا مِنَ الْآخِرَةِ, وَدُفِنَ
فِي حُجْرَتِهَا, وَكَانَتْ مِنْ أَفْقَهِ الصَّحَابَةِ فِي الْحَدِيثِ
وَالتَّفْسِيرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ, حَتَّى كَانَ الْأَكَابِرُ مِنْ أَصْحَابِ
رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْأَلُونَهَا عَنْ
أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ فَيَجِدُونَ مِنْهَا عِنْدَهَا عِلْمًا, لَا سِيَّمَا
مَا قاله الرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْ فَعَلَهُ
فِي الْحَضَرِ. أَقْرَأَهَا جِبْرِيلُ السَّلَامَ أَيْضًا كَمَا أَقْرَأَهُ
عَلَى خَدِيجَةَ
(معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول)