أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
السماوات الأثيريّة سبعة أيضاً ولكن إذا صار يوم القيامة تكون ثمانية ، وهنّ مستمرّاتٌ على الازدياد ، لأنّ كلّ أرضٍ تتكوّن تنشأ خلالَها طبقة أثيريّة ، فإذا تمزّقت تلك الأرض عند قيام قيامتِها فإنّ الطبقة الأثيريّة تنفصل منها وتلتحق بتلك السبعة الأثيريّات ، على أنّ تكوين هذه السبعة لم يكن دفعة واحدة بل تكوّنت بتمزيق سبع مجاميع شمسيّة على التوالي ، لأنّ كلّ سماء من هذه السماوات وليدة مجموعة شمسيّة بذاتِها ، ولذلك تكون يوم القيامة ثمانية ، قال الله تعالى في سورة الحاقة {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} يعني ثماني سماوات أثيريّة تحمل العرش يوم القيامة ، أمّا اليوم فتحمله سبع سماوات . ونحن نتكلّم عن السماوات الأثيريّة لابدّ أن نُعرِّف الأثير ، فما هو الأثير ؟
الأثير
لقد عرف علماء عصرنا الأثير وحقّقوه وقالوا أنّه يملأ الفضاء ولولا وجوده لما دارت الكواكب السيّارة في أفلاكها بل لسقطت في الفضاء على رغم القوّة الجاذبيّة ، لأنّ الأثير هو الحامل لِهذه الأجرام ، قال الله تعالى في سورة يــس {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} ، فالسبح لا يكون إلاّ في شيءٍ سائل أو ما يماثله من هواء أو غاز أو غير ذلك ، فالأجرام السماويّة كلّها سابحة في الأثير ، والأثير شفّاف كالهواء وذرّاته أدقّ من ذرّات الهواء بكثير فلذلك لا تراه المخلوقات المادّية ولا تلمسه ، بل تراه المخلوقات الأثيريّة وتلمسه ، وهي الملائكة والنفوس البشريّة ، والأثير يشغل كلّ فراغ ويتخلّل مسام المادّيات ويَخترق الزجاج فيبني هيكلاً أثيرياً داخلَها يُطابق شكلَها بمدّة أربعين يوماً ، فإذا تحطّم الهيكل المادّي فإنّ الأثيري لا يتحطّم ولا يفنى إلى الأبد حيث تماسكت ذرّاته في هذه المدّة ولا تعود تتفكّك بعد ذلك ، فإناء الخزف مثلاً تتخلّله ذرّات الأثير فتبني داخله إناءً أثيرياً على شكله ، ولا فرق بين إناء الخزف والنحاس في ذلك ولا فرق بين الأواني والأمتعة والحلي والأشجار والنبات وغير ذلك من المادّيات لأنّ كلّ شيءٍ مادّي فيه مسامات ، فالأثير يدخل في تلك المسامات فيبني شكلَها ، قال الله تعالى في سورة الكهف {أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ ..إلخ } فقوله تعالى {مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ} يعني الأساور الأثيريّة الّتي تكوّنت داخل أساور ذهبيّة ، ولو قصد سبحانه بذلك نفس الأساور الذهبيّة لقال : يحلّون فيها أساور ذهبيّة ، ثمّ قوله تعالى {وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ} يعني ثياباً أثيريّة نشأت من ثياب سندسيّة . وقال تعالى في سورة الحـج {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} ، وقال تعالى في سورة الواقعة في ذمّ المكذِّبين {ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ . لَآكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ} يعني من شجر أثيري نشأ من شجر الزقّوم الذي في الدنيا ، والزقّوم نوع من الشوك .
فإذا علمت أنّ كلّ سماء أثيريّة وليدة مجموعة شمسيّة علمت أيضاً بأنّ سبع مجاميع شمسيّة سبقت مجموعتنا وهذه الثامنة ، وتعلم بأنّ ثماني شموس سبقت شمسنا وهذه التاسعة ، لأنّ كلّ شمسٍ تنتهي حياتها تكون أرضاً جديدة .
فالسماوات الأثيريّة يأتي ذكرها في القرآن على قسمين :
1. فتارةً يسبق ذكرها ذكر الأرض ، على شرط أن لا يكون بينَهما واو عطف ،
2. ومرّةً يأتي ذكرها بلا ذكرٍ للأرض معَها ،
ومثال ذلك قوله تعالى في سورة الإسراء {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ .. إلخ }، فالسماوات هنا يريد بِها الطبقات الأثيريّة حيث سبق ذكرها ذكر الأرض ولم يجمع بينَهما واو عطف . وقال تعالى في سورة المؤمنون {قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ } فالسماوات هنا يريد بِها الطبقات الأثيريّة حيث لم يقرنْها بذكر الأرض بل قرنَها بذكر العرش ، لأنّ العرش فوق السماوات الأثيريّة . وقال في سورة النجم {وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاء وَيَرْضَى} ، فالسماوات هنا يريد بِها الطبقات الأثيريّة حيث لم يأتِ ذكر الأرض معها بل جاء ذكر الملائكة ، وبيّن سبحانه أنّ السماوات هذه هي التي تسكنُها الملائكة . وقال تعالى في سورة الطلاق {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ .. إلخ } ، فالسماوات هنا يريد بِها الطبقات الأثيريّة حيث جاء ذكرها قبل ذكر الأرض ولم يجمع بينَهما واو عطف ، والتقدير : الله الذي خلق سبع سماوات أثيريّة في قديم الزمان ثمّ خلق الأرض وخلق من الأرض سماوات غازيّة ، فإنّ الله تعالى خلق السماوات الأثيريّة قبل أن يخلق الأرض بملايين السنين كما بيّناه ، وقد جاء في الزبور : المزمور الثامن والستّين تسبيحة لداود قال: " يا ممالك الأرض غنّوا رنِّموا للسيِّد ، سلاه الراكب على سماء السماوات القديمة .. إلخ " ، فالسماوات القديمة يريد بِها الطبقات الأثيريّة ، و"سماء السماوات" يريد بِها العرش لأنّ العرش فوق السماوات الأثيريّة . وأمّا قوله {يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ} "الأمر" كناية عن المخلوقات الروحانيّة ، والمعنى : تتنزّل المخلوقات الروحانيّة بين الطبقات الأثيريّة والغازيّة ، والمخلوقات الروحانية هي الملائكة والجنّ والنفوس البشرية أي الأرواح ، وسنشرح عنها في الجزء الثاني [ الإنسان بعد الموت] على التفصيل .
فالسماوات الأثيرية هي الجنان التي تسكنها النفوس الصالحة يوم القيامة ، واليوم هي مسكن الملائكة ، وهي التي تحمل العرش ، وهي المكنّى عنها بالكرسي في قوله تعالى في سورة البقرة {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} ، وقد جاء في إنجيل متي في الإصحاح الخامس قال عيسى لتلاميذه (فإنّي أقول لكم إنْ لم يزدْ برّكم على الكتبة والفريسيّين لن تدخلوا ملكوت السماوات) يعني لن تدخلوا الجنان ويريد بذلك السماوات الأثيريّة .
ويكون موقع السماوات الأثيريّة في الفضاء حيث أنّ ساكنيها لا يَرَون فيها شمساً ولا زمهريراً .
ذكرنا هنا قسطاً عن السماوات الأثيريّة وسنذكر قسطاً آخر عند ذكر الجنان في الجزء الثاني [الإنسان بعد الموت] والله الهادي للصواب .
العرش
العرش طبقة أثيرية أيضاً وموقعه فوق الجنان أي فوق السماوات الأثيريّة ، فهنّ الحاملات للعرش ، وهو أصغر منهنّ ، قال الله تعالى في سورة الحاقة {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} والمعنى : يحمل عرش ربّك فوق أهل المحشر ثمانية سماوات أثيرية ، لأنّها اليوم سبعة فإذا صار يوم القيامة تكون ثمانية ، والثامنة وليدة أرضنا . وقال تعالى في سورة المؤمن {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا .. إلخ } فالذين يحملون العرش هم الملائكة وليس المراد بحمله حقيقياً بل يحملونه معنوياً ، فكما أنّنا نحمل السماء أي الطبقات الغازية لأنّها فوقنا كذلك سكّان السماوات الأثيريّة يحملون العرش لأنّه فوقَهم ، والمعنى أنّ الملائكة الذين هم تحت العرش ومن هم حول العرش كلّهم يسبِّحون بحمد ربِّهم ..إلخ ، وقوله تعالى {وَمَنْ حَوْلَه ُ} دليل على أنّ العرش أصغر من السماوات الأثيريّة ، وقال تعالى في سورة الزمر{وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فقوله تعالى {حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ} دليل على أنّ العرش أصغر من السماوات الأثيريّة .
س : تقول أنّ العرش طبقة أثيرية ، إذاً فما معنى قوله تعالى في سورة هود {وَهُو الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء .. إلخ } ؟
ج : يعني قبل أن يخلق الخلق كان عرشه على الماء حيث لم يكن في ذلك اليوم سماوات أثيرية ، ولَمّا خلقَها بالتدريج جعلَ عرشَه عليها ، والماء كان بخاراً في ذلك اليوم منتشراً في الفضاء كما هي الحالة اليوم في الأمطار ، لأنّ المياه تتبخّر من الأرض وترتفع في السماء ثمّ تكون ماءً وتنزل مطراً ، فالعرش في ذلك اليوم كان فوق البخار المنتشر في الفضاء ، ولَمّا خلق الله السماوات الأثيريّة صارت تحت العرش فحملته .
والعرش أوّل طبقة أثيريّة تكوّنت من أوّل أرضٍ خلقها الله تعالى ، ولم يكن في ذلك اليوم تحت العرش سوى البخار الذي عبّر الله عنه بالماء ، ولَمّا خلق الله أرضاً ثانيةً تكونّت منها طبقة ثانية أيضاً فصارت تحت العرش ، وهكذا الثالثة والرابعة حتّى أصبحت سبع سماوات أثيريّة تحت العرش . قال الله تعالى في سورة المؤمنون {قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ } . منقول من كتاب الكون والقران للمرحوم محمد علي حسن