الأجساد تفضح الأنفس والنفس منفردة لا تنفع ولا تضر طالما لا تسكن الجسد أو خرجت منه بالموت , والجسد وسيلة النفس للتعبير عن شهواتها ورغباتها , لذلك لا يحسبنا الله على شرور أنفسنا ما لم يترجمها الجسد إلى أفعال , وعصيان الجسد على النفس الشريرة هو جهاد وطاعة لله ففى الحديث الشريف { ومَنْ همّ بِسَيِّئَةٍ وَ لَمْ يَفْعَلْهاَ كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً } ولا يعذب الله الجسد أو ينعمه بدون النفس التى تسكنه والسبب أن النفس والجسد شريكان فى ارتكاب الشر أو فعل الخير, ذلك أن النفس بمثابة العقل المخطط بينما الجسد هو أداة ارتكاب الفعل . لكن عذاب الجسد يختلف عن عذاب النفس , فعذاب الأجساد هى النار أما عذاب النفس معنوى بفضحها أمام الله والخلائق يوم القيامة عما ارتكبته بالاضافة إلى قسوة وغلظة تعامل ملائكة العذاب فقال سبحانة { يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ } وموت النفس يختلف عن موت الجسد ذلك أن النفس تموت كليا بكيفية لا يعلمها إلا الله لكن الأجساد تموت جزئيا أو كليا , فقد تجد إنسان حى بيننا مقطع الأطراف أو يعيش بكلية واحدة أو بفص رئة واحد . وقال الله سبحانه { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ } ولم يقول سبحانه ( ولا تلقوا بانفسكم الى التهلكة) لان النفس لا تهلك إنما الأنفس تموت كليا وتنفصل عن الحياة الدنيا, مصداقا لقوله سبحانه { كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ َ } وللأجساد احتياجات نظمتها الشرائع السماوية بأتزان, فلم تجعل اجسامنا ترعى كالبهائم جنسيا , إنما هذبت غريزة الجنس بالزواج الشرعى الذى يحافظ على الأنساب لتكوين أسر ومجتمعات إنسانية . والغرض من تغذية جسم الحيوان هو ذبحه وأكل لحمه , بينما الغرض من اجسام البشر تقويتها كى تؤدى المهمة التى خلقت من اجلها وهى عبادة الله وإعمار الأرض فكانت وصية الرسول محمد صل الله عليه وسلم ( مَا ملأ آدَمِيّ وِعَاءً شَرّا مِنْ بَطْنٍ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ لُقَيْمَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدّ فَاعلاً فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ، وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ، وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ )، (رواه الترمذي). وتسعد النفس وتحزن من خلال جسدها التى تسكنه , فاللص يعاقب بقطع يده فتظل النفس حزينة منكسرة كلما تذكرت اليد المقطوعة , والشخص الناجح تفرح نفسه عندما تشعر بجسدها يمسك بشهادات التقدير وجوائز الأوسكار أو جائزة نوبل , لكن الجسد فى الحياة الدنيا يصعب أن يعذب أو يتألم عن طريق النفس إلا فى حالات نادرة قد تؤدى الى شلل لبعض الاطرف أو اعراض مرضية اخرى , ذلك وإستحالة معرفة مكان وطبيعة الأنفس, بل يوجد تخمينات بأن النفس ليست بداخل الجسم إنما تحيط به كطاقة أثيرية, احتمالات كثيرة لكن الأحتمال الأدق والموافق للعقل أنه لا يعلم طبيعة ومكان النفس بالجسد غير الله سبحانه .
بقلم / يحيى حسن حسانين
اللهم ارحم امواتنا جميعا واجمعنا بهم فى خير يوم نصير الى ما صاروا اليه