بسم الله الرحمن الرحيم
هَدْيُهُ - صلى الله عليه وسلم - في كلامه وسُكُوتِهِ، وفي حِفْظِهِ
الْمَنْطِق واختِيار الألْفَاظِ والأسْمَاءِ[1]
1- كان صلى الله عليه وسلم أفصحَ الخلقِ وأعذبَهم كلامًا وأسرعَهم أداءً وأحلَاهم مَنْطِقًا.
2- وكان طويلَ السكوتِ لا يتكلم في غير حاجة، ولا يتكلم فيما لا يعنيه، ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابَهُ.
3- وكان يتكلمُ بجوامعِ الكلمِ، وبكلامٍ مُفَصَّلٍ يَعُدُّهُ الْعَادُّ، ليس بِهَذٍّ مسرعٍ لا يُحْفَظُ، ولا منقطعٍ تخللهُ السكتاتُ.
4- وكان يتخيَّرُ في خِطَابِهِ ويختارُ لأمتِه أحسنَ الألفاظِ وأبعَدَها عن ألفاظِ أهلِ الجفاء وَالْفُحْشِ.
5-
وكان يكرهُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ اللفظُ الشريفُ في حقِّ مَنْ ليس كذلك، وأن
يُسْتَعْملَ اللفظُ المكروهُ في حقِّ من ليس مِنْ أهلِه، فَمنعَ أن يُقَالَ
للمنافقِ: سَيِّدٌ، ومَنَعَ تسميةَ أبي جهلٍ: بأبي الحكم، وأنْ يُقال
للسلطانِ: ملكُ الملوكِ أو خليفةُ الله.
6- وأرشدَ مَنْ
مَسَّهُ شيءٌ مِنَ الشَّيْطَانِ أَنْ يقولَ: باسمِ اللهِ، ولا يلعنُهُ أو
يَسُبُّهُ ولا يقولُ: تَعِسَ الشيطانُ، ونحو ذلك.
7– وكانَ
يستحبُّ الاسمَ الحسنَ، وأَمرَ إذا أَبردُوا إليه بَريدًا أن يكونَ حَسنَ
الاسمِ، حسنَ الوجهِ، وكانَ يأخذُ المعانِي من أسمائها، ويربطُ بَيْنَ
الاسمِ والمُسَمَّى.
8- وقال: ((إِنَّ أَحَبَّ أَسْمَائِكُم
إِلَى اللهِ: عَبْدُ اللهِ، وعَبْدُ الرحمنِ، وأَصْدَقُهَا: حَارِثٌ،
وَهَمَّامٌ، وأَقْبَحُهَا: حَرْبٌ وَمُرَّةٌ)) [م].
9–
وَغَيَّرَ اسمَ (عاصية)، وقال: ((أنتِ جَميلةٌ))، وغيَّر اسم (أَصْرمَ
بـ
(زُرعة)، ولمَّا قدم المدينة واسمها ((يَثْرِب)) غيّره: بـ (طِيْبَة).
10– وكان يُكَنِّي أصحابَه، ورُبَّما كَنَّى الصغيرَ، وكنَّى بعضَ نسائِه.
11-
وكان من هَدْيه صلى الله عليه وسلم تكنيةُ مَنْ لَهُ ولدٌ، ومَنْ لا
وَلَدَ لَهُ وقال: ((تَسَمَّوْا باسْمِي، ولاَ تَكنَّوا بِكُنْيَتِي)) [ق].
12-
ونَهَى أَنْ يُهْجَرَ اسمُ (العشاءِ) ويَغْلُبُ عليها اسمُ (العتَمَةِ)،
ونَهَى عَنْ تسميةِ العنبِ كَرْمًا، وقال: ((الكَرْمُ: قلبُ المؤمنِ)) [ق].
13-
ونَهَى أَنْ يُقالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا، وَمَا شاءَ الله وشِئْتَ،
وأَنْ يُحْلَفَ بِغَيْرِ اللهِ، ومِنَ الإكثارِ مِنَ الحلفِ، وأَنْ يقولَ
في حلفِه: هو يهوديٌّ ونحوه إِنْ فَعَلَ كذا، وأنْ يقولَ السيِّدُ لمملوكه:
عَبْدِي وأَمَتِي، وأَنْ يقولَ الرَّجُلُ: خَبُثَتْ نَفْسِي، أو تَعِسَ
الشَّيْطَانُ، وعن قول: اللهمَّ اغْفِرْ لي إِنْ شِئْتَ.
14-
ونَهَى عن سبِّ الدَّهرِ، وعَنْ سَبِّ الرِّيحِ، وسَبِّ الحُمَّى، وَسَبِّ
الدِّيكِ، وَمِنَ الدُّعَاءِ بِدَعْوَى الجاهليةِ؛ كالدُّعاءِ إِلى
القبائلِ والعصبيةِ لَهَا.
[1] زاد المعاد (1/175, 2/320