أدرك العالم العربي اليوم أن هناك منتخب شامي قادم بقوة للتحليق في سماء الكرة العربية يُدعى
"لبنان" لتغييره الصورة القاتمة المأخوذة عنه بأنه في بلاد لا تُحب اللعبة الشعبية الأولى في العالم
"كرة القدم" ولا تُمارسها وتفضل رياضة كرة السلة عليها.
حقق
اللبنانيون للوطن العربي فوز مستحق بروح وعقل وتخطيط مُحكم على العملاق
الكروي الجنوبي، فوز لا يُمكن وصفه إلا بالفوز التاريخي على أحد ملوك
الكرة الآسيوية الذي لا يُقهر بسهولة، ويُعذب أعتى منتخبات العالم بقوته
وسرعته المهولة، ولعل إيطاليا وإسبانيا خير دليل على ذلك في الـ2002
بمونديال العالم.
لبنان في مباراة اليوم بالجولة الخامسة من
تصفيات كأس العالم 2014 برهن بهدفين لهدف أمام كوريا على أن كرة القدم لا
يأس ومُستحيل فيها، ويُمكنك حتى لو خسرت بالستة أن تعود للمنافسة وتكون
أحد فرسان الرهان.
ظهرت لنا الكثير من الإيجابيات والسلبيات التي
يُمكن الحديث عنها في مباراة لبنان وكوريا الجنوبية التي قلبت معطيات
المنافسة على الكويت التي دخلت المرحلة وهي مُعتبرة نفسها مُتأهلة بسهولة
وكذا الإمارات بإمكانياتها الكبيرة تعاملت مع مواجهتها للبنان في بيروت
قبل شهرين على أنها في نزهة لكن الواقع كان مريراً على الجميع خاصةً
اليوم، فكل من قلل من لبنان عليه الآن مراجعة حساباته جيداً لأن الكرة
دوارة مثل الدنيا، ولا يوجد ثوابت فيها وكل يوم يظهر الجديد، والصغير لا
يبقى صغيراً ويَكبر خاصةً إذا استعمل هرومنات من النوع الألماني الأصيل.
تعرف على الرجل الأفضل والأسوأ في المباراة اضغط هناللتعرف على كافة مجريات المقابلة اضغط هنا الإيجابيات |
أولاً: يُحسب للاتحاد اللبناني للعبة استعانته بالمدرب
بوكير بعد الخسارة المُذلة التي تعرض لها في افتتاح التصفيات أمام كوريا
الجنوبية في هذه التصفيات بستة أهداف للاشيء، فأي اتحاد عربي أخر مهما كان
لفكر في وضع مدرب مؤقت بدلاً من المدرب السابق "رستم" الذي كانت لديه
العديد من المشاكل مع لاعبي المنتخب،، ولكن الاتحاد تعهد بإيجاد مدرب مُحنك
لديه الخبرة الكافية لإدارة المنتخب وإعادة الأمور لنصابها الصحيح في
الوقت المناسب، ولم يُخيب بوكير ظنهم فيه ورد لهم الجميل بتحقيق الانتصار
تلو الأخر، الإمارات ثم الكويت وها هو يَقهر الفريق الذي لم يُقهر في هذه
التصفيات سوى مرة واحدة أمام لبنان فقط.
بوكير شفى فريقه من
جروحه سريعاً ولم يلتفت للماضي الأليم مع المدرب السابق "رستم" ونظر
للمستقبل واستفاد من الأخطاء التي اقترفتها رستم، والأهم إبعاد لاعبيه عن
الإعلام عقب الفوز التاريخي على الكويت في ملعب الصداقة والسلام بهدف محمود
العلي يوم الجمعة الماضية، فقد أخرجهم بإمتياز من حالة النشوى، وحفزهم
على إضافة المزيد من النقاط لرصيدهم.
ثانياً: قوة لبنان الكبيرة تمثلت في خط الوسط الدفاعي بقيادة "رضا عنتر" ولاعب
الوسط الممتع "عباس عطوي"، فالاثنان كانا بمثابة الرمانة التي تضبط للبنان
ميزان الوسط.
ثالثاً: استحضر المدرب بوكير روح اللاعب الشامي التي لا تقبل الخسارة في هذه
المباراة، واستغل البنيان القوي للكثير من عناصر الفريق ومزجها بلاعبين
أصحاب مهارات عالية، لوقف الزحف الكوري، ووضع في كل مركز لاعب يُمثل دور
القائد، وهذا أهم عنصر من عناصر نجاح الفريق في المباراة، فقد قاد "شيخ
النجارين" خط الدفاع، ورضا عنتر خط الوسط ومحمود العلي خط الهجوم، فكان كل
لاعب من هؤلاء يُمثل الشمس التي تدور حولها بقية الكواكب.
وتستحضرني في هذه اللحظة بعض كلمات إحدى الأغنيات المُحببة للسيدة فيروز،
حين قالت "سكروا الشوارع، عتموا الشارات، زرعوا المدافع"، لكن لن أكمل بـ
"وينك يا حبيبي" بل وينك أيها العملاق الكوري؟ هذا بالضبط ما فعله المنتخب
اللبناني أمام نظيره الكوري الجنوبي اليوم.
سَكروا الشوارع برضا
عنتر وعلي السعدي وبلال شيخ النجارين على تشا دو ري ولي كيون هو وهيونج
مين، وعتموا الشارات للوصول لشباك الصامد دائماً "زياد الصمد"، وفي منطقة
جزاء كوريا زرعوا المدافع والألغام بواسطة "محمود العلي" والمدافع الهداف
"علي السعدي" القادم من على الدكة لسد فراغ النجم يوسف محمد المصاب...فعاد
لبنان.. وعادت الفرحة لبيروت بهذا التخطيط الرائع.
رابعاً: التحركات الداؤبة لمحمود العلي على طرفي الملعب ما خلخل
الدفاع الكوري وجعله يسكن في مناطقه الخلفية، ليضعف ذلك الهجوم قليلاً
لعدم تقدم 5 لاعبين من المناطق الخلفية لأداء الأدوار الهجومية خوفاً من
المرتدات لأن محمود العلي بالفعل أثبت أنه لاعب سريع ومشاكس ومخادع يمكنه
إحراز الهدف في أي وقت، وهذا ما فعله معة الكويت في الكويت، بالإضافة
للواجب الهجومي كان يعود العلي لخط الوسط لاستلام وتحضير الهجمات كما أنه
يمتاز بالقدرة على الاحتفاظ بالكرة والتقليل من سرعة نسق حركة الخصم، وقد
قتل اللعب أكثر من مرة بهذه الكيفية، وفي مرتين حصل على خطأ من الدفاع
الكوري بفضل هذا الذكاء.
خامساً: يقظة الحارس
زياد الصمد الذي تكفل بإبعاد الكثير من الفرص محققة لتسجيل كوريا العديد
من الأهداف خاصةً في الدقائق الخمس الأخيرة والتي دفعت رئيس الدولة "ميشيل
سليمان" بالقفز من مقعده لتحية هذا الحارس المغوار.
السلبيات | أولاً: اعتماد كوريا على الكرات الطولية من الخلف للأمام طيلة أحداث المباراة،
وهو ما أفقدهم السيطرة على الكرة أمام الطول الفارع للمدافعين والقوة
البدنية للاعبي لبنان، وهذا منح الفرصة للخصم لالتقاط انفاسه.
ثانياً: ضعف الجهة اليمنى عند المنتخب اللبناني فمن خلالها جاء الهدف الأول
لكوريا، وأغلب الفرص الخطرة التي لاحت للكوريين كانت منها، ويجب على بوكير
إيجاد حل سريع لهذه المشكلة بتجهيز محمد باقر المصاب.
ثالثاً: فشل مدرب كوريا الجنوبية في تجهيز مهاجم صريح يَحل محل مهاجم آرسنال
"بارك تشو يونج" الذي غاب بسبب الايقاف عن هذه المقابلة، وغيابه كان
مؤثراً للغاية.
رابعاً: الحكم السعودي الغامدي كان أحد النقاط السلبية في
هذه المباراة، فقد احتسب ركلة جزاء غير صحيحة من وجهة نظري للمنتخب
الكوري الجنوبي، ببساطة لأن مدافع لبنان قفز لضرب الكرة بضربة مقصية،
وعينيه كانت على الكرة وليس على إيذاء مهاجم كوريا، ولكنه أطلق صافرته
بغرابة معلناً ركلة جزاء، وليس ركلة حرة غير مباشرة من داخل المنطقة كما
نعرف، فالخطأ غير مقصود البته ولم يتم عرقلة اللاعب الكروي والصورة واضحة
بأن المدافع قد لعب على الكرة، كما أن اللاعب الكروي سدد الكرة برأسه
وحصلوا على الفرصة كاملة للتسجيل لكنهم لم يتمكنوا من ذلك.
ولم يحتسب بطاقة حمراء مباشرة على لاعب الوسط
"جا تشيول" في الدقيقة 22 حين استعمل (مرفقه) لضرب أحد لاعبي لبنان في منطقة الوسط واكتفى باشهار البطاقة الصفراء.