ما معنى الخشوع في الصلاة؟ وما هي أهميته فيها؟ وهل البكاء والنحيب والصراخ في الصلا ما معنى الخشوع في الصلاة؟ وما هي أهميته فيها؟ وهل البكاء والنحيب والصراخ في الصلاة من ذلك؟
الجواب
الأول: الخشوع في اللغة الانخفاض والذل والسكون كما قال الله تعالى:
?وَخَشَعَتِ الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ ? [سورة طه، الآية: 108] أي: سكنت
وذلت وخضعت، وخشوع القلب: هو لينه ورقته وسكونه وخضوعه وانكساره، إذا خشع
القلب تبعه خشوع جميع الجوارح والأعضاء؛ لأنها تابعة له كما قال صلى الله
عليه وسلم: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد
الجسد كله ألا وهي القلب» فإذا خشع القلب خشع السمع والبصر والرأس والوجه
وسائر الأعضاء وما ينشأ منها حتى الكلام، لهذا كان النبي صلى الله عليه
وسلم يقول في ركوعه في الصلاة: «خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي» وفي رواية:
«وما استقل به قدمي» .
واعلم - وفقك الله تعالى-: أن الخشوع في الصلاة
إنما يحصل لمن استحضر عظمة ملك الملوك وأنه يناجيه، ويخشى أن يردها عليه،
فيفرغ قلبه لها ويشتغل بها عما عداها، ويؤثرها على ما سواها فتكون راحته
وقرة عينه، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وجعلت قرة عيني في
الصلاة» وقال لبلال: «أرحنا بالصلاة» والخشوع روح الصلاة ومقصودها ولبها؛
لأنه ليس للعبد من صلاته إلا ما عقل منها وحضر قلبه فيها؛ لما روى أبو داود
وغيره مرفوعًا: «إن الرجل لينصرف وما كتب له إلا عشر صلاته، تسعها، ثمنها،
سبعها، سدسها، خمسها، ربعها، ثلثها، نصفها...» وقال ابن عباس رضي الله
عنهما: «ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها» .
وقد علق الله فلاح المصلين
بالخشوع في صلاتهم، فدل على أن من لم يخشع في صلاته فليس من أهل الفلاح
بذلك، ولو أجزأت صلاته حكمًا؛ لأن تعطيل القلب من عبودية الحضور والخشوع
تعطيل لملك الأعضاء عن عبوديته، وعزل له عنها، فماذا تغني طاعة الرعية
وعبوديتها وقد عزل ملكها وتعطل وهو القلب كما في الحديث المتقدم ذكره: «ألا
وإن في الجسد مضغة.. إلخ» . ولقول الله تعالى: ?فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ
(4)
الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ? [سورة الماعون، الآيتان: 4، 5].
فإنه
سبحانه أثبت لهم صلاة، ووصفهم بالسهو عنها، وهو إما عن وقتها الواجب، أو
عن إخلاصها وحضور الواجب كما قال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه وغيره،
والأظهر - والله تعالى أعلم - أنه يعم النوعين، وإذا تكلف الإنسان تعاطي
الخشوع في جوارحه وأطرافه مع فراغ قلبه من الخشوع وخلوه كان ذلك الخشوع
نفاقا، وهو الذي كان السلف يستعيذون منه كما قال بعضهم: استعيذوا بالله من
خشوع النفاق، قالوا: وما خشوع النفاق؟ قال: ترى الجسد خاشعًا والقلب ليس
بخاشع.
ونظر عمر رضي الله عنه إلى شاب قد نكس رأسه فقال له: «يا هذا،
ارفع رأسك؛ فإن الخشوع لا يزيد على ما في القلب، فمن أظهر خشوعًا غير ما في
قلبه فإنما هو نفاق على نفاق..» .
وأما النحيب والصراخ في الصلاة من
غير خشية لله تعالى فإنه مبطل للصلاة، وقد يفعل هذا بعض الناس في شهر رمضان
عند دعاء ختم القرآن، وكذلك عند دعاء القنوت في الصلاة، وهذا لا يجوز، إلا
ما غلب على المصلي من بكاء ونحوه لحديث: «وفي صدره أزيز كأزيز المرجل من
البكاء» والله تعالى أعلم.
نقل للفائدة
ادعوا لي ولجميع المسلمين الله يحفظكم