الخوصصة تعرف الخوصصة بكونها مجموع العمليات الرامية الى تحويل رأسمال مؤِسسة عمومية أو جزء منه الى أسهم للخواص و بذلك يتم تجريد الشعب ممثلا في الدولة، من الملك العام.
و قد تميزت السياسة الاقتصادية المغربية منذ العشرية الأخيرة من القرن العشرين، بتوجهها نحو خوصصة مؤِسساتها. حيث تم تفويت العديد من الشركات و المؤسسات العامة الى القطاع الخاص. متوخية بذلك عدة أهداف، و معانية من انعكاساتها الوخيمة على المجتمع المغربي.
فما هي يا ترى الأسباب التي دفعت المغرب الى نهج هذا المسار؟ وما هي الأهداف التي يتوخاها من الخوصصة؟ و في المقابل، ما هي عواقب مسلسل الخوصصة على التوازن الاقتصادي و الاجتماعي للبلاد؟
هذا ما سنتطرق اليه في موضوعنا من خلال العناصر التالية:
في الفصل الأول سنتحدث عن الأسباب السياسية التي تقف وراء اعتماد الخوصصة. وفي الفصل الثاني سنتطرق الى أهداف الخوصصة. أما الفصل الثالت فسنتناول فيه عواقب هذه الخوصصة على التوازن الاقتصادي والاجتماعي للبلاد.
الفصل الأول: أسباب الخوصصة:
هناك العديد من الأسباب التي دعت الى اعتماد سياسة الخوصصة بالمغرب، رغم المعرفة المسبقة بأضرارها لكنها تضل في أغلب الحالات خارجة عن ارادة السلطة. و هي أسباب داخلية (المبحث الأول) و خارجية (المبحث الثاني)
المبحث الأول: الأسباب الداخلية:
من الأسباب الداخلية التي أدت الى الخوصصة، عدم خضوع توسيع القطاع العام منذ بداية الاستقلال لرقابة و تدبير ديمقراطيين من شأنه ظبط المداخيل و المصاريف و تطوير الانتاج. الشيء الذي جعل وحدات القطاع العام تشكل مصدرا لاغتناء العديد من اللوبيات المرتبطة بالسلطة المخزنية و تتعرض بالتالي للافلاس و تفاقم المديونية. و قد كرست أزمة المديونية و أزمة القطاع العمومي. الأزمة العامة الاقتصادية و المالية التي عرفها المغرب أواخر عقد السبعينات و بداية الثمانينات.
شكلت هذه المعطيات سببا رئيسيا في خضوع المغرب لارادة صندوق النقل الدولي و البنك العالمي من خلال وصفة برامج التقويم الهيكلي. علما بأن الخضوع لهذه البرامج يعني تخلي الدولة عن كل تدخل اقتصادي أو مالي أو اجتماعي و كذا التخلي عن القطاع العمومي