نصيحة لله تعالى ، لا تتسرعوا بالذم والمدح الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله :
قال تعالى:{ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِالله} [آل عمران: 110]
قال تعالى :(وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) .
صحيح البخاري (9/ 49)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ، قَالَ: أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَلْقَى مِنَ الحَجَّاجِ، فَقَالَ: «اصْبِرُوا، فَإِنَّهُ لاَ يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلا الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ، حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ» سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لا شك ولا ريب أن هذه الأمة هي خير الأمم ونبيها هو خير الأنبياء صلى الله عليه وسلم .
ولكن لو نظرنا نظرة واقعية لا سيما في هذا الزمان هل الأمة كلها أو أكثرها على التقوى؟!
يكون الجواب قطعا لا بل أكثر الناس بعيدون عن الالتزام بشرع الله ، بعضهم بترك الصلاة وبعضهم بأكل الربا وبعضهم بشرب الخمر وبعضهم بالزنا وبعضهم بالعقوق وبعضهم بالقطيعة وبعضهم بالقتل بغير حق وووو ......
ومع ذلك ليس لأحد أن يذم هذه الأمة على الإطلاق
وإنما يذم العاصي بمعصيته لا بانتمائه لهذه الأمة الطيبة العطرة
ويذم المنحرف عن النهج القويم بانحرافه لا بانتمائه لهذه الأمة التي هي خير الأمم.
وكذلك يا إخواننا الأعزاء إذا إنسان انتمى إلى فرقة أساس منهجها واعتقادها الخروج عن الحق فهذا يذم هو والفريق الذي ينتمي إليه وذلك
كالخوارج - والقدرية - والجهمية - والرافضة - والمشبهة - والمعطلة
أما من انتمى إلى مذهب من مذاهب أهل السنة كالحنفية أو المالكية أو الشافعية أو الحنابلة وهو كان عنده انحرافات عن المذهب الذي ينتمي إليه فهو الذي يذم بانحرافه ولا يذم المذهب الذي ينتمي إليه .
لأن أساس هذه المذاهب هو التزام منهج أهل السنة والجماعة فمن انحرف عنها يذم ويذكر بانحرافه .
ولما كان المبدأ الصوفي هو مبدأ نابع من المذاهب الإسلامية المعتبرة فالجيلاني كان حنبليا والرفاعي كان شافعيا وهكذا .... وكان مبدأهم الالتزام بالكتاب والسنة والاشتغال بالعلم على مذهب أهل السنة مع التفرغ للعبادة والتزام الزهد وخشونة العيش .
فبعد ذلك من انتسب لهؤلاء الأفاضل وانحرف عن منهجهم إن كان بالسلوك أو الاعتقاد فيذم بانحرافه ويحذر منه بانحرافه ولا تذم كل الطائفة بهذا الانحراف مهما كثر ، لأن الأصل سليم وموافق للمذهب الحق فيذم من انحرف عنه.
كما أن هذه الأمة خير الأمم ودينها هو الدين الذي رضيه الله لعباده وانحرافات المنتسبين لهذا الدين ولهذه الأمة كثيرة.
ومن ذم هذه الأمة وهذا الدين لا يكون مسلما ولو تستر بدعوى كثرة الانحرافات والتجاوزات .
فإن قيل كيف نميز الصادق من غيره ؟؟
الجواب : من كان عنده ميزان للشرع يستطيع أن يزين نفسه وغيره بميزان الشرع فيحكم على الناس بمقتضى الشرع ، وابتداء ينظر إلى الناس بعين تحسين الظن فإن بدى منهم ما يخالف الشرع كتحريف اسم الله أو القول بعقيدة الحلول أو ادعاء الألوهية يحكم عليهم بمقتضى ذلك .
وأما سوق الاتهامات على الكل جزافا وبغير دليل فهذا محض افتراء وتجن .
فلو نظرنا إلى التاريخ الصوفي الذي مضى عليه أكثر من ألف ومائة سنة يعني كان في عصر السلف وفي عصر الخلافة الإسلامية ولم نسمع بأن علماء أهل السنة وخلفائها أمروا بجمع الصوفية عبر العصور وإحراقهم أو ذبحهم ، أما من كان ينحرف منهم عن الحق نعم ما كانوا يسكتون له ،
فالحلاج لما كتب رسالة قال فيها عن نفسه (من الرحمن الرحيم إلى فلان ) حكموا بكفره وقال الرفاعي عنه (لو كان على الحق ما قال أنا الحق) وقالَ الجنيدُ رضيَ الله عنهُ للحَلاجِ: "لقَد فتَحْتَ في الإسلامِ ثُغْرَةً لا يَسُدُّها إلا رَأسُك" فتَحقَّقَت فِراسَةُ الجنيدِ فيهِ فإنّهُ قُتِلَ فخَفّتْ فِتْنتُهُ لأنّهُ كانَ لهُ طائفةً كانُوا يُسمَّونَ الحَلاجِيّة زَاغُوا عن الحقِّ وانحَرَفُوا.
فكل واحد منا عليه أن يكون وقافا عند حدود الشرع لا يطلق الذم بلا دليل ولا يطلق المدح بلا دليل .
قال تعالى :(ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)