تقلصت
فرص مانشستر يونايتد في الاستمرار ببطولة الدوري الأوروبي هذا الموسم بعد
خسارته بثلاثة أهداف لهدفين أمام ضيفه الإسباني "أتلتيك بيلباو" ليلة أمس
الخميس في ذهاب ثمن نهائي البطولة على ملعب أولد ترافورد، ليدخل لقاء
الإياب وهو بحاجة لهدفين نظيفين على واحد من أصعب ملاعب إسبانيا "سان
ماميس".
لاعبو
ومدرب مانشستر يونايتد لم ينصتوا جيداً للهداف التاريخي للنادي "دينيس
لو" الذي قال قبل المباراة أن بيلباو فريق صَعب المراس ويُمكنه أن يسبب
مشاكل كبيرة لليونايتد في أولد ترافورد، وبالإضافة لتجاهلهم هذا الحديث،
تجاهلوا ما هو أهم من ذلك بأن الفوز بكأس الدوري الأوروبي من أهم الطرق
التي ستساعدهم على تصحيح مسارهم بين عمالقة القارة العجوز بعد خيبة الأمل
المريرة التي أصابتهم بالخروج المُبكر من الدور الأول لبطولتهم المفضلة
"دوري أبطال أوروبا". أمام بازِل السويسري.
قد يتعجب البعض من
خسارة عملاق الكرة الإنجليزية أمام خامس ترتيب الليجا بهذه النتيجة
العريضة، فثلاثة أهداف في أولد ترافورد نتيجة ليست بالهينة، لكنها حدثت
بسبب القدرة على الاحتفاظ بالكرة لأطول فترة ممكنة وارهاق لاعبي وسط
اليونايتد بتدويرها من قدم لقدم بسرعة كبيرة، وسنحلل معكم المباراة في نقاط
إيجابية وسلبية، ستوضح الكيفية التي خطف بها عملاق الباسك هذا الفوز
التاريخي من أولد ترافورد.
الإيجابيات الجراءة وعدم الخوف التي لعب بها فريق بيلباو منذ الدقيقة الأولى في المباراة ليتغلبوا على رهبة اللعب على ملعب أولد ترافورد.
كما
أنهم لم يهتموا بنتائج اليونايتد الأخيرة ببطولة الدوري الإنجليزي لسابق
هزيمتهم لنوريتش سيتي وتوتنهام هوتسبير خارج ميدانهم، وهذا الوجه الذي
أظهروه للشياطين الحمر يَعني الكثير بالنسبة للمنافسة على لقب البطولة،
فلا يفعل أحد ما فعله بيلباو إلا إذا كان فريق متطور وطموح وراغب في
التتويج بالكأس كما كان يفعل عملاق الأندلس قبل سنوات قليلة "إشبيلية"
عامي 2005 و2006.
التناغم والتجانس بين لاعبي وسط بيلباو، فلم يكن استحواذهم على الكرة
لمُجرد إضاعة بعض الوقت لتأمين التعادل أو الهدف بفوز من أجل حياة أفضل في
لقاء الإياب، أنما لعبوا بهدف واضح ألا وهو انهاء المباراة من لقاء الذهاب
وتسجيل الهدف تلو الأخر دون رأفة.
لهذا كنا نرى لورينتي يحاول
بالتحرك على الطرف الأيسر والضغط على سمولينج ورافائيل دا سيلفا، ودي
ماركوس يضغط على الطرف الأيمن جهة إيفرا مع مساعدات مُستمرة من إيرولا
واللاعب الفنان "إيكر مونيائين" بالإضافة لسوسايتا وأندير هيريرا أجويرا، فكان وسط ملعب حديدي ومهاري لم يكن يَفقد الكرة بسهولة وإذا فقدها يصارع لاستردادها بسرعة.
إصرار بيلباو على التعديل والتقدم بعد الهدف المُباغت الذي سجله اليونايتد
بواسطة اللاعب واين روني من مُتابعة لتسديدة تشيشاريتو التي سقطت من يد
الحارس إرايزوس، فلم ينهار الفريق مثلاً أو يَرفع الراية البيضاء كما تفعل
بعض الأندية التي تواجه مانشستر يونايتد داخل أو خارج أولد ترافورد.
برؤية شاملة لمجريات اللقاء، يبدو أن خسارة مانشستر بثلاثة أهداف من بيلباو
جاءت مع الرأفة فبالنظر للاستحواذ الإسباني الشامل على الكرة خلال الشوط
الأول وفي جميع أوقات الشوط الثاني نستطيع القول أن بيلباو كان يستحق
الفوز بأكثر من 5 أهداف لكن العلامة المضيئة الوحيدة في اليونايتد هي ما
منعتهم من تحقيق ذلك، وأقصد بالطبع الحارس الإسباني "دافيد دي خيا" الذي
نال قسطاً وفيراً من الانتقادات هذا الموسم سواء من الجماهير أو المحللين
وجول.كوم كان أحد المواقع التي شنت هجوماً عنيفاً عليه بعد مباراة ليفربول
في كأس الاتحاد الإنجليزي الشهر الماضي، لكنه اكتسب خبرة وثقة كبيرة في
نفسه وأظهر معدنه النفيس الذي دفع فيرجسون للتوقيع معه لتصديه وبدون
مُبالغة لأكثر من 8 أهداف مُحققة، واحدة من سوسايتا وواحدة من مونيائين
وكرتين من لورينتي وأخرى من دي ماركوس وإيرولا.
وبالإضافة لدي خيا
كان محارب بلاد الغال "ريان جيجز" الذي قاتل على كل كرة دون أن يؤثر على
عطائه عامل السن وقوة وسط بيلباو، أحد العلامات القليلة المضيئة في صفوف
مانشستر يونايتد في هذه المباراة.
مدرب نادي أتلتيك بيلباو (بيلسا) أجرى تغييراً ذكياً في الدقائق الـ10
الأخيرة، يستحق الإشادة، ففي الوقت الذي انخفض فيه مردود لورينتي قام
بسحبه من الملعب والدفع بالمهاجم الأصلع "توكيرو" لتنشيط الهجوم أكثر وعدم
منح اليونايتد فرصة الاستحواذ وتدوير الكرة لادراك هدف التعديل 2/2، وكان
لهذا التغيير مفعول السحر على خط هجومه حيث ساعد في إضافة الهدف الثالث،
لارباكه حسابات خط دفاع اليونايتد، لأن هجوم بيلباو تكون وقتها من توكيرو
ودي ماركوس مع منح لاعب الوسط "مونيائين" المزيد من الحرية ليقوم هذا
الأخير بالتسجيل من متابعة رائعة.
السلبيات فيرجسون
دعا لاعبيه قبل بدء المباراة للاستيقاظ والتعامل بجدية مع بيلباو وعدم
تكرار هفوات مباراة أياكس في أولد ترافورد قبل أسبوعين، لكنه كان قائد حملة
الاستهانة والتعالي بخصمه، فبرغم اكتمال تشكيلته وهذا ما اعترف به يوم
الاربعاء الماضي في تصريحات صحفية بدأ بتشكيل غريب وبلاعبين في غير أماكنهم
بوضع فيل جونز كلاعب وسط دفاعي ومعه بول سكولز على الدكة، ووضع بارك جي
سونج البعيد كل البُعد عن مستواه الفني والبدني وتجاهل إشراك مايكل كاريك
منذ البداية، فدفع الثمن باهظاً أمام فريق جريء وطموح وقوي جداً في منطقتي
الوسط والهجوم بقيادة سوسايتا ومونيائين ولورينتي.
عندما انتهى الشوط الأول بالتعادل الإيجابي 1/1 مع هذه السيطرة الميدانية
الكبيرة لبيلباو، كابر فيرجسون وأبقى على تشكيلته ولم يلجأ للتغيير إلا
بعد تعرض المدافع الدولي الإنجليزي "سمولينج" لإصابة في الرأس ليدفع
بمايكل كاريك بدلاً منه ويُعيد فيل جونز إلى منطقة قلب الدفاع، وهو تغيير
أخر خاطيء، فكان يجب عليه الدفع بفرديناند بدلاً من سمولينج، والدفع
بمايكل كاريك بدلاً من الظهير الأيمن البرازيلي "رافائيل دا سيلفا" الذي
كان يلعب واحدة من أسوأ مبارياته وهذا ما تجلى في رعونة تغطيته في الهدف
الثاني والثالث، وإعادة فيل جونز ليكون ظهير أيمن، وهكذا يضبط خط الدفاع
والوسط، مع سحب بارك جي سونج والدفع ببول سكولز في الوسط، أو تغيير بارك
بناني وإعادة جيجز لمنطقة الإرتكاز للاستفادة من خبرته وترك ناني على
الطرف الأيمن وأشلي يونج على الطرف الأيسر، لكنه لم يفعل أياً من هذه
التعديلات ليستغل بيلباو الفرصة ويواصل سيطرته على الملعب بالذات بعد نزول
أندرسون البرازيلي البعيد عن الملاعب منذ 4 أشهر ومسألة اشراكه في وقت
حرج وأمام خصم صعب ممتاز جداً في تدوير الكرة خطأ تكتيكي فادح من المدرب
المُخضرم.
المنطقة
اليسرى لمانشستر يونايتد بقيادة باتريس إيفرا كانت ضعيفة وسيئة جداً أمام
غزوات بيلباو المستمرة سواء من سوسايتا أو إيرولا، وأرى أن الظهير
الفرنسي فقد الكثير من لياقته البدنية ولم يصبح قادراً على تحميل الضغط
بالذات من لاعبين أصحاب سرعات عالية، وبما أن المدافع الذي كان يُغطيه لا
يفرق الكثير عنه فيما يخص البطء وأقصد (إيفانز) فكان طبيعياً أن يتلقى
اليونايتد ثلاثة أهداف بسبب تلك الجهة الهشة والتي لم يكن يعود بارك جي
سونج - أسوأ لاعب في المباراة - للمساندتها.
ويُعد العقم الهجومي والتفكير في أكثر من حل أثناء مواجهة المرمى من
المهاجم "خافيير هيرنانديز" واحدة من أكثر النقاط السلبية المأخوذة على
مانشستر يونايتد، فقد بدا على اللاعب الانشغال بالحفاظ على مركزه كمهاجم
أساسي بدلاً من ويلباك الذي اقنع فيرجسون أكثر في التدريبات والمباريات
الأخيرة، وهذا السبب الرئيسي في اهتزاز ثقة تشيشاريتو في نفسه، رغم أنه
والجماهير وفيرجسون يعلمون جيداً بأنه كإمكانيات وقدرات تهديفية ومهارية
يفوق ويلباك وبيرباتوف لكن اهتزاز الثقة يؤثر على أي لاعب مهما كانت قوته
ومهارته.