أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
لا شك أن الدعوة إلى الله مشروط لها العلم ، ولكن العلم ليس شيئاً واحدا لا يتجزأ ولا يتبعض ، وإنما هو بطبيعته يتجزأ ويتبعض ، فمن علم مسألة وجهل أخرى فهو عالم بالأولى جاهل بالثانية ، ومعنى ذلك أنه يعد من جملة العلماء بالمسألة الأولى وبالتالي يتوفر فيه شرط وجوب الدعوة إلى ما علم دون ما جهل ، ولا خلاف بين الفقهاء إن من جهل شيئاً أو جهل حكمه أنه لا يدعو إليه ، لأن العلم بصحة ما يدعو إليه الداعي شرط لصحة الدعوة . وعلى هذا فكل مسلم يدعو إلى الله بالقدر الذي يعلمه ، ويكون هذا المعنى هو المقصود من قولهم أن الدعوة تجب على العلماء لا على غيرهم ، أي على من يعلم المسألة وحكمها التي يدعو إليها ، سواء كان من عامة المسلمين أو ممن نال حظا كبيرا من العلم (1) . وهذه المسألة ( أي العلم ) هي من المداخل الكبرى التي يدخل بها الشيطان على جمهور الدعاة ، ليصرفهم بهذه الشبه عن القيام بالدعوة (فربما يقول لك الشيطان : أنت ما زلت قليل العلم ، والدعوة تحتاج إلى فقيه عالم يرد على التساؤلات ويدفع الشبهات ويفحم المنافس والمجادل .. أخي : بلغ عن نبيك – كما أوصاك – ولو آية ، لا ينكر أحد أهمية العلم ، ولكن من منا قد أنهى العلم وهل هناك حد يعلم المرء عنده أنه أصبح لديه من العلم ما يكفيه للدعوة ، وهل الناس يتطلبون كل ذلك التبحر كي ندلهم على ما طُبع في فطرهم من الخير والهدى ؟ .. إننا دعاة ، ولو أخلصنا لعلمنا أن علملنا هو الدعوة إلى الله وليس إثبات التفوق على الأقران وإفحامهم أو صرف وجوه الناس إلينا أو الانتصار في المجادلات ، وأن التبحر في فنون العلم الفرعية فرض على الكفاية ، وأن المرء يظل يطلب العلم من المهد إلى اللحد ، وأنه وكما قال الإمام سعيد بن جبير ( لا يزال الرجل عالماً بالعلم ما تعلم فإن ترك العلم وظن أنه قد استغنى واكتفى بما عنده فهو أجهل ما يكون ) . ثم إنك أخي الداعية تمتاز بميزة عظيمة قد لا توجد عند كثير ممن امتلأت رؤوسهم بالعلوم والمناظرات ، والجدل ، ذلك هو العزم الذي دفعك إلى البحث عن الطرق التي تخدم بها الإسلام ( وإن رجلا ينفذ أفكاره القليلة بهمة وعزم لأفضل ممن امتلأت رأسه بالأفكار وعجزت يداه عن تنفيذها) (2) .
وقد سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين السؤال التالي : هل الدعوة إلى الله واجبة على كل مسلم ومسلمة ، أم تقتصر على العلماء وطلاب العلم فقط ؟ وهل يجوز للعامي أن يدعو إلى الله ؟ فأجاب رحمه الله : إذا كان الإنسان على بصيرة فيما يدعو إليه فلا فرق بين أن يكون عالماً كبيراً يشار إليه أو طالب علم مجدّاً في طلبه ، أو عامياً ، لكنه علم المسألة علماً يقيناً ، لأن الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، يقول : ( بلغوا عنّي ولو آية ) أخرجه البخاري . ولا يشترط في الداعية أن يبلغ مبلغاً كبيراً في العلم ، لكن يشترط أن يكون عالماً فيما يدعو إليه ، أما أن يقوم عن جهل ويدعو بناءً على عاطفة عنده فإن هذا لا يجوز . أما العامي فلا يدعو وهو لا يعلم بل لا بد أولاً من العلم لقوله تعالى : ( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة ) . فلا بد أن يدعو إلى الله على بصيرة ، لكن الشيء المنكر البيّن أو المعروف البيّن فله أن يأمر به إذا كان معروفاً وينهي عنه إذا كان منكراً . أما الدعوة فلا بد أن تسبق بعلم ، لأن من دعا بلا علم فإنه يفسد أكثر مما يصلح ، كما هو ظاهر. فالواجب أن يتعلم الإنسان ما يريد أن يدعو إليه ، ثم يدعو ثانياً أما المنكرات الظاهرات ، والأمر بالمعروف الظاهر ، فهذا يؤمر بالمعروف فيه ، وينهى عن المنكر . أ هـ . (3) . ( وفعل الصحابة الكرام يدل على ذلك ، فالطفيل بن عمرو الدَّوسي ، وأبو ذر الغفاري ، وهما من السابقين إلى الإسلام قاما بمهمة الدعوة بما معهما من أصل التوحيد وبعض ما نزل من القرآن ، وهدى الله بهما فئاماً من الناس ، ولم يصل أبو ذر الغفاري إلى المدينة ويلحق بالرسول إلا في العام السابع للهجرة وكان معه قبيلة أسلم وقبيلة غفار قدم بهما مسلمتين ، ونحن نعلم أن الرسول قال : ( بلغوا عني ولو آية ) وقال أيضاً : ( نضر الله امرءا ً سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلغها ، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ) ) أخرجه الترمذي (4) .
المراجع : (1) المنطلق ، محمد أحمد الراشد . (2) فقه الدعوة إلى الله ، أحمد الطهطاوي . (3) الصحوة الإسلامية ضوابط وتوجيهات ، للشيخ محمد بن صالح العثيمين . (4) مقومات الداعية الناجح ، د/علي عمر بادحدح .