أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
القران الكريم القرآن: يؤمن المسلمون بأن القرآن كتاب سماوي وبأنه كلام الله. والقرآن هو أول مصدر من مصادر الشريعة الإسلامية، وقد نزل على رسول الله محمد وحياً من الله عن طريق الملك جبريل. ويسمى الكتاب الذي جمع فيه القرآن مصحفًا. يعتبر المسلمون دراسة القرآن وتعلمه وحفظ آياته من أهم العلوم التي يجب عليهم تعلمها، إذ أنهم يواظبون على قراءة القرآن ودراسته وتطبيق معانيه منذ صغرهم وطوال حياتهم، فهو عندهم معجزة الإسلام الخالدة، لذا تُوجَد أحكام للاستماع إليه أو قراءته وتلاوته. ويدعو القرآن لمبادئ هامة يقوم عليها الإسلام وتسير عليها حياة المسلمين.
تعريف: القرآن، في اللغة، هو كل ما قرئ، وهذا هو المعنى المعجمي أو اللغوي للكلمة، فالصلاة قرآن، والدعاء قرآن، والأذكار الأخرى قرآن بدليل آية ﴿أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾ سورة الإسراء:78، إذ قرنت الآية القرآن بأوقات الصلاة كالدلوك (الظهر) والغسق (المغرب) وهو ما يفيد معنى الصلاة وليس تلاوة كتاب القرآن. والمشهور بين علماء اللغة أن لفظ القرآن في الأصل مصدر مشتق من قرأ، يقال قرأ قراءة وقرآنا، ومنه ﴿إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه﴾ (القيامة، 17-18). ثم نقل لفظ القرآن من المصدرية وجعل علما. أما لفظ القرآن فهو في اللغة مصدر مرادف للقراءة ثم نقل من هذا المعنى المصدري وجعل اسماً للكلام المعجز المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم من باب إطلاق المصدر على مفعوله، ذلك مما نختاره استنادا إلى موارد اللغة وقوانين الإشتقاق وإليه ذهب اللحياني وجماعة
أما تعريف القرآن في الاصطلاح فقد تعددت آراء العلماء فيه وذلك بسبب تعدد الزوايا التي ينظر العلماء منها إلى القرآن. فقيل: القرآن هو كلام الله المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم المكتوب في المصاحف المنقول بالتواتر المتعبد بتلاوته المعجز ولو بسورة منه. وقيل: هو كلام الله تعالى المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم بلفظه ومعناه والمنقول إلينا بالتواتر. والبعض يزيد على هذا التعريف قيودا أخرى مثل: المعجز أو المتحدى بأقصر سورة منه أو المتعبد بتلاوته أوالمكتوب بين دفتي المصحف أو المبدوء بسورة الفاتحة والمختوم بسورة الناس.
مقدمة: يؤمن المسلمون أن القرآن الكريم هو كتاب الله الذي أنزِله على رسوله محمد. ولهذا يعتبرون أن تلاوة القرآن والاستماع له والعمل به كلها عبادات يتقرب بها المسلم إلى الله ليطمئن بهِ قلبهُ. يعتقد أكثرهم أنه أساس حضارتهم وثقافتهم، وبه بدأت نهضتهم في كل مجالات الحياة، الدينية والدنيوية.
عن الدارمي عن علي بن أبي طالب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقول: «ستكون فتن. قلت: وما المخرج منها؟ قال: كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، هو الذي من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله. فهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، وهو الذي لم ينته الجن إذ سمعته أن قالوا "إنا سمعنا قرآنا عجبا". هو الذي من قال به صدَق، ومن حكم به عدل، ومن عمِل به أجِر، ومن دعا إليه هُديَ إلى صراط مستقيم». لم يكن لفظ المصحف بمعنى الكتاب الذي يجمع بين دفتيه القرآن، إنما أطلق هذا الاسم على القرآن بعد أن جمعه أبو بكر الصديق فأصبح اسما له.[1] والقرآن يناقش مواضيع متعددة تشمل حياة الإنسان في الدنيا والآخرة. فالدنيا والدين في الإسلام مرتبطان؛ والقرآن يؤسس عقيدة المسلم ويدعو الناس لعبادة الله وحده وطاعته والخضوع له والتفكر في خلقه. ويناقش حقوق الإنسان وواجباته تجاه ربه ونفسه ومجتمعه ودينه والكون كله. وقد بين القرآن أن البشر كلهم سواسية لا فرق بينهم مهما اختلفت لغاتهم وطبقاتهم إلا بتقواهم لله، فهذا هو المقياس الذي يتفاضل به الناس عند الله. وحدد القرآن النظام الاجتماعي للمسلمين، وكذلك آداب المسلم وأخلاقه واستخلص المواعظ والعبر من تاريخ السابقين؛ وحذر من عذاب النار يوم القيامة، وغير ذلك من المواضيع والمحاور. القرآن نص مكتوب مقسم إلى 114 فصلا، كل فصل منها يسمى سورة، وكل سورة مقسمة إلى عدد من الجمل أو الأقوال التي تسمى آيات. وتفتتح كل سور القرآن بعبارة بسم الله الرحمن الرحيم، ما عدا سورة التوبة، فإنها نزلت بدونها.
بيان القرآن:
قال الله في القرآن ﴿ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء﴾ (سورة النحل، 89)، ﴿هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين﴾ (سورة آل عمران، 138)، ﴿فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه﴾ (سورة القيامة، 18-19)، ﴿يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا﴾ (سورة النساء، 174) و﴿شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان﴾ (سورة البقرة، 185). وعليه، يشرح القرآن ثلاث قضايا رئيسة بأسلوب حواري وبحجج يعتبرها المسلمون دامغة بيِنة.
العقيدة: فيها يشرح الله في القرآن أنه خالق كل شيء وأنه على كل شيء قدير، وذو أسماء وصفات حسنى، وأنه خلق الإنسان وسيُميته ثم يُحييه يوم القيامة ليحاسبه على أعماله. ولهذا يحث القرآن ويؤكد على أركان الإيمان الستة: الإيمان بالله وهو يستلزم طاعته ومَحبته وعبادته. وعدم الشرك بالله وأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. الإيمان بالملائكة وبأنهم عباد الله المقربون، الذين لا يعصون له أمرا ويفعلون ما يأمرهم به. الإيمان بالكتب السماوية المنزلة من عند الله. الإيمان بكل الأنبياء والرسل المبعوثين من الله للبشر فمنهم إبراهيم أبو الأنبياء وإمام أهل التوحيد، وعيسى بن مريم الذي يعتبر في الإسلام عبد الله ورسوله وكلمته الملقاة إلى مريم العذراء ويؤمن المسلمون أن الله جعله مبشرا بنبي يأتي من بعده اسمه أحمد كما ورد في إنجيل برنابا لكن المسيحيين يخالفون. وآخر الأنبياء محمد بن عبد الله الذي يؤمن المسلمون أنه خاتم الأنبياء وسيد المرسلين وأن رسالته تنسخ الشرائع السابقة. الإيمان باليوم الآخر المبعوث فيه البشر من القبور للحساب على ما قدموا، فيدخل المؤمنين الجنة ويصلى الكفار النار. الإيمان بالقدر خيره وشره.
الشريعة:
فيها يشرح القرآن أن الله هو خالق الإنسان وهو أعلم بِما يصلحه لذا فهو الأحق بالتشريع للإنسان. ومن هنا فإنه يضع الأوامر والنواهي التي تحكم حياة الإنسان ليُحَصِّل سعادة الدنيا والآخرة. فإن في القرآن لأوامر كشهادة الشهادتين وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج الكعبة للمُسْتطِيعِينَ، فهذه أركان الإسلام الخمسة. وأمرٌ بالجهاد في سبيل الله وبالعدالة وبر الوالدين وصلة الرحم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإحلال للبيع والزواج وأكل الطيبات من الطعام وفرض للوفاء بالعهود والتطهر من النجاسة. أما النواهي فمنها البغي والعدوان والظلم، وأكل أموال الناس بالباطل والربا وأكل مال اليتامى، ثم الكذب والغيبة والنميمة وإفساد ذات البين وأكل لحم الخنزير والميتة والدم وكل ما ذبح لغير الله. فتحريم الزنا والفاحشة وقتل نفس بغير نفس والسرقة وشرب الخمر فالميسر والرشوة وشهادة الزور، ومنع نقض العهود والغدرَ والخيانة فعقوق الوالدين والتولي يوم الزحف. الأخلاق والفضيلة: إنها الإحسان في كل شيء والإصلاح بين الناس والحث على الصدقة والإحسان للجار وإكرام الضيف والمودة بين الناس والتعاون على البر والتقوى، وغير ذلك مما هو معروف ويُقوِّم مكارم الأخلاق وفضائل الأعمال. قواعد أخرى: كما وضع العديد من القواعد الكلية العامة منها: فرضت في القرآن حدود رادعة على من تعدى أو انتهك الحرمات ولمن اعتدى على الناس ولم يردعه الشرع عن ارتكاب جرائمه؛ ليحفظ للمجتمع أمنه وللشرع هيبته، وللمظلوم حقه. وبين أنه يمكن للمسلم أن يتوب من ذنوبه ويدعو ربه مباشرة دون واسطة لكي يغفر له ذنبه ويقبل توبته."وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ" [2] يكون الثواب من الله والمغفرة للعباد بقدر عملهم الصالح وإخلاصهم فيه واتباعهم لمنهج الله وشرعه، وبقدر التقصير يكون الذنب والعقوبة. لا يتحمل فرد وزر فرد آخر ولو كان أقرب الناس له ولا يقبل من فرد رشوة أو فدية لينجو من عذاب الله يوم القيامة إذا وجبت له النار لكثرة سيئاته "وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى" [3]. يساوي الإسلام بين الناس في الحقوق والواجبات تحت شعار "لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأبيض على أسود. ولا لأسود على أبيض، إلا بالتقوى، الناس من آدم، وآدم من تراب" [4]، فلا عنصرية بغيضة ولا طبقية مقيتة. أسماء القرآن:
ذكر العلماء والمفسرون أسماءً عديدة للقرآن استخرجوها من نص القرآن أو من الحديث أشهرها: القرآن، الكتاب، الذكر والفرقان. ولفظ القرآن على وزن فُعْلاَن (مثل غُفْرَان، حُسْبَان)اسم مشتق من فعل قَرَأَ بمعنى جَمَعَ وتَلاَ. إذاً فهو كلام مجموع في كتاب للتلاوة. وسُمي القرآن بكتاب لأن آياته وسوره قد سطرت وجُمعت بين دفتين. وتسمية القرآن بهذين الأسمين يعد إشارة إلهية لحفظ الله القرآن في الصدور مقروءا وفي السطور مكتوبا. وقد قال الشيخ عبد الله دراز "فلا ثقة بِحفظ حافظ حتَّى يوافق حفظه الرسم المجمع عليه، ولا ثقة بكتابة كاتب حتى يوافق ما هو ثابت عند حفاظ الأسانيد". واسم الفرقان مشتق من فعل فَرَقَ بمعنى فَصَلَ وفَرَق بين الأمور، فهو إذًا يفرَّق ويفصل بين الحق والباطل. ومن أسمائه أيضًا: الذِكْرُ، النور، الموعظة، الفرقان، التنزيل، الحق، البيان، المنير، القصص، السراج، البشير، النذير وغيرها من الأسماء الواردة في آي القرآن نفسها أو في الأحاديث. وكذلك لكل سورة في القرآن اسم خاص بها، بل لبعض السور أكثر من اسم، مثلا السورة الأولى في المصحف لها أكثر من عشرين اسمًا منها: الفاتحة، أم الكتاب، السبع المثاني، الكافية، الشافية. نزول القرآن وجمعه في مصحف واحد
يتفق علماء المسلمين على أن القرآن لم ينزل دفعة واحدة، وإنما نزل على فترات متقطعة، على امتداد أكثر من عشرين عامًا. ويعبرون عن هذا بقولهم "نزل القرآن مُنَجَّمًا"، أي "مُفرَّقا". وقد ذكر هؤلاء العلماء لنزول القرآن بشكل متفرّق عدة حكم منها: تثبيت قلب النبي محمد لمواجهة ما يلاقيه من قومه، ذكر القرآن: "كذلك لنثبِّت به فؤادك ورتلناه ترتيلًا" سورة الفرقان:32. وفي قول القرآن: "ورتلناه ترتيلًا" إشارة إلى أن تنزيله شيئاً فشيئًا ليتيسر الحفظ والفهم والعمل بمقتضاه. الرد على الشبهات التي يختلقها المشركون ودحض حججهم أولاً بأول: "ولا يأتونك بمثلِ إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرًا" سورة الفرقان:33. تيسير حفظه وفهمه على النبي محمد وعلى أصحابه: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا }سورة الإسراء:106. التدرج بالصحابة والأمة آنذاك في تطبيق أحكام القرآن، فليس من السهل على الإنسان التخلي عما اعتاده من عادات وتقاليد مخالفة للقيم والعادات الإسلامية مثل شرب الخمر. كان ينزل حسب الحاجة أي ينزل ليرد على أسئلة السائلين. أما المقدار الذي كان ينزل من القرآن على النبي محمد فيظهر من الأحاديث النبوية أنه كان ينزل على حسب الحاجة. أما بداية الوحي، فيعتقد المسلمون أنه بداية سورة العلق: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾. وذلك في غار حراء حيث كان النبي يتعبد ويختلي بنفسه. وقد كان هذا في السابع عشر من رمضان، قال ابن كثير في كتابه البداية والنهاية "كان ابتداء الوحي إلى رسول الله يوم الاثنين لسبع عشرة خلت من رمضان وقيل من الرابع والعشرين". وقد اختلف بأي يوم بالتحديد بدأ نزول الوحي لكنه متفق على أنه في أواخر شهر رمضان. ومن عقيدة المسلم وإيمانه بالقرآن أن يؤمن أن المَلَك جبريل نزل بألفاظ القرآن كلها وأن القرآن كله هو كلام الله ولا دخل لجبريل ولا للرسول محمد فيها ولا في ترتيبها بل هي كما في الآية: ﴿كتاب أُحكمت آياته ثم فُصِّلت من لدن حكيم خبير﴾ سورة هود:1.
حفظ القرآن في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم:
إن من مميزات الأمة المسلمة أن كتابها قد حفظ عن ظهر قلب على خلاف بقية الأمم السابقة. وقد كان في ذلك سببًا من أسباب حفظ القرآن من التحريف والتغيير على مر العصور. وقد كان النبي محمدصلى الله عليه وسلم كثيرًا ما يحث الصحابة على حفظ القرآن حتى أنه كان يتعاهد كل من يدخل الإسلام ويدفعه إلى أحد المسلمين ليعلمه القرآن. يُروى عن عبادة بن الصامت قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُشغَل، فإذا قَدِمَ رجل مهاجر على رسول الله دفعه إلى رجل منا يعلمه القرآن" رواه أحمد. ولقد حفظ عدد كبير من الصحابة القرآن منهم: الخلفاء الراشدين، وطلحة، وسعد، وابن مسعود وغيرهم من الصحابة. ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكتف بحفظ الصحابة للقرآن عن ظهر قلب، بل أمرهم أن يكتبوه ويدونوه لحمايته من الضياع والتغيير. وبذلك تحقق حفظ القرآن في الصدور وفي السطور. وقد ورد في الحديث أن النبي محمدًا أمر في البداية ألا يكتب عنه الصحابة شيئا إلا القرآن حتى لا يختلط بغيره من الكلام: "لا تكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحه" (رواه مسلم). قال النووي تعليقًا على هذا الحديث: "وكان النهي حين خيف اختلاطه بالقرآن، فلما أمن ذلك أذن في كتابته". وكان صحابة النبي محمدصلى الله عليه وسلم يستعملون في كتابة القرآن ما تيسر لهم وما توفر في بيئتهم من أدوات لذلك، فكانوا يستعملون الجلود والعظام والألواح والحجارة ونحوها، كأدوات للكتابة. وبقي القرآن مكتوبًا على هذه الأشياء محفوظًا عند النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولم يجمع في مصحف في عهده. وكان النبى يأمر الصحابة عند نزول آية من القرآن فيقول: ضعوها في موضع كذا... أى يرشدهم إلى مكان تلك الآية بين الآيات التي سبقتها. وكان جبريل يراجع القرآن مع النبى صلى الله عليه وسلم في رمضان، وقد راجعه في آخر عام مرتين، ولذلك فإن الصورة الحالية لترتيب القرآن تتوافق مع المراجعة الأخيرة مع جبريل وهى ما يسميها العلماء (العرضة الأخيرة). أما عن حكمة عدم جمعه في كتاب واحد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قال العلماء في ذلك: أنه لم يوجد داع من جمعه في مصحف واحد كما على عهد الخلافة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. أن القرآن نزل مفرقًا على فترات مختلفة، ولم ينزل بترتيب المصحف، ثم إن بعض الآيات نزلت ناسخة لما قبلها. ولو جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم في مصحف واحد لكان وجب تغير المصاحف كلها كلما نزلت آية أو سورة.
جمع المصحف في عهد أبي بكر الصديق:
أما جمع القرآن في مصحف واحد فقد تمت للمرة الأولى في عهد الخليفة أبى بكر الصديق بعد أن توفي النبي محمد بعام. فبعد غزوة اليمامة التي قتل فيها الكثير من الصحابة وكان معظمهم من حُفاظ القرآن، جاء عمر بن الخطاب إلى أبي بكر الصديق وطلب منه أن يجمع القرآن في مكان واحد حتى لا يضيع بعد وفاة الحُفاظ. فكلف أبو بكر الصحابى زيد بن ثابت لما رأى في زيد من الصفات التي تؤهله لمثل هذه الوظيفة ومنها كونه من حفاظ القرآن ومن كُتّابه على عهد النبي محمد وقد شهد زيد مع النبي العرضة الأخيرة للقرآن في ختام حياته. ثم إن زيداً قد عُرف بذكائه وشدة ورعه وأمانته وكمال خلقه. روى البخاري في صحيحه عن زيد أنه قال: أرسل إليَّ أبى بكر بعد مقتل أهل اليمامة وعنده عمر، فقال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحرَّ - أي اشتد وكثر - يوم اليمامة بالناس، وإني أخشى أن يستحرَّ القتل بالقُرّاء في المواطن، فيذهب كثير من القرآن، إلا إن تجمعوه، وإني لأرى أن تجمع القرآن، قال أبو بكر: قلت لعمر كيف أفعل شيئا لم يفعله رسول الله ؟ فقال عمر: هو والله خير، فلم يزل عمر يراجعني فيه حتى شرح الله صدري، ورأيت الذي رأى عمر. قال زيد: وعمر عنده جالس لا يتكلم، فقال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل ولا نتهمك، كنت تكتب الوحي لرسول الله، فتَتَبع القرآن فاجمعه. فوالله لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن، قلت: كيف تفعلان شيئا لم يفعله النبي ؟ فقال أبو بكر: هو والله خير، فلم أزل أراجعه حتى شرح الله صدري للذي شرح الله له صدر أبي بكر وعمر، فقمت فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع والأكتاف والعُسب وصدور الرجال…وكانت الصحف التي جُمع فيها القرآن عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حتى توفاه الله، ثم عند حفصة بنت عمر. رواه البخاري. واتفق العلماء أن الصحابة كان لديهم مصاحف كتبوا فيها القرآن أو بعضه، قبل جمع أبي بكر لها، إلا أن هذه المصاحف كانت جهودًا فردية لم تنل ما ناله مصحف الصدٌيق من دقة البحث والتحري وبلوغه حد التواتر والإجماع من الصحابة. ثم بدأ زيد بجمع القرآن من الرقاع واللخاف والعظام والجلود وصدور الرجال، وأشرف عليه وأعانه في ذلك أبو بكر وعمر وكبار الصحابة. واتبع الصحابة طريقة دقيقة وضعها أبو بكر وعمر لحفظ القرآن من الخطأ، فلم يكتف الصحابة بما حفظوه في قلوبهم ولا بما سمعوا بآذانهم ولا بما كتبوه بأيديهم بل جعلوا يتتبعون القرآن واعتمدوا في جمعه على مصدرين اثنين أحدهما ما كتب بين يدي رسول الله محمد والثاني ما كان محفوظا في صدور الرجال. وبلغت مبالغتهم في الحيطة والحذر أنهم لم يقبلوا شيئا من المكتوب حتى يشهد شاهدان عدلان أنه كتب بين يدي رسول الله محمد. فعن عروة بن الزبير قال: لما استحرَّ القتل بالقراء يومئذ، فرِقَ أبو بكر على القرآن أن يضيع - أي خاف عليه - فقال لعمر بن الخطاب وزيد ابن ثابت: اقعدا على باب المسجد، فمن جاءكم بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه. وبذلك أخذ المصحف الذي أمر أبو بكر بجمعه الصفة الجماعية واتفق الصحابة كلهم عليه ونال قبولهم فكان جمعهم له على أكمل وجه وأتمه.
نسخ المصحف في عهد عثمان:
وبقي القرآن على ما هو عليه في عهد أبي بكر إلى عهد عثمان. إلا أن القرآن كان قد نزل على النبي محمد على سبعة أحرف (أي بسبعة لهجات) ليسهل على القبائل فهمه واستيعابه. ثم في سنة 25 هجرية، وفي خلافة عثمان بن عفان، رأى الصحابة أنه بعد الفتوحات الإسلامية ودخول غير العرب في الإسلام، بدأ أهل العراق والشام وبعض الأمصار بالاختلاف حول القراءة الصحيحة للقرآن فكان يُكفّر بعضهم بعضًا. فقد كانت اللغة العربية تكتب بدون نقاط تميز الحروف، فمثلا حروف (ب ت ث ن) بدون النقاط لا يمكن تمييزها عن بعضها البعض وكذلك (ج ح خ) (د ذ) (ر ز) (س ش) (ص ض) (ط ظ) (ع غ) (ف ق). فقد كان العرب -بحكم أنها لغتهم- يمكنهم التفريق بينها من سياق الكلام، في حين أن غير العرب الذين دخلوا الإسلام لا يمكنهم التفريق بينها كما يحسنه العرب، ومن هنا جاء الإختلاف. كذلك لم يكن هناك علامات للتشكيل لتمييز المرفوع عن المنصوب أو المجرور. فقام عثمان بتشكيل لجنة من كَتَبَة الوحي أيام رسول الله محمد لنسخ القرآن من تلك النسخة التي تم جمعها في عهد الخليفة أبى بكر والتي كانت موجودة في بيت السيدة حفصة (زوجة النبى محمد وبنت الخليفة عمر بن الخطاب) وأمرهم بعمل نسخ مدققة على أساس القراءة الثابتة والمتواترة عن الرسول وهي قراءة أهل مكة. عن أنس بن مالك: أن حُذيفة بن اليمان قَدِم عَلى عثمان، وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال لعثمان: أدرك الأمة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى. فأرسل إلى حفصة: أن أرسلي إلينا الصحف ننسخها في المصاحف، ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فنسخوها في المصاحف. وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن، فاكتبوه بلسان قريش، فإنه إنما نزل بلسانهم، ففعلوا، حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة ومصحف أن يحرق. (رواه البخاري). وسمِّي هذا المصحف بمصحف عثمان أو المصحف الإمام، ولم يبق سوى هذا المصحف منذ عهده. وهي النسخة التي تطبع حاليا بالرسم العثماني في كل أنحاء العالم الإسلامي. جمع القرآن لدى الشيعة الإثنا عشرية:
في الكافي باب انه لم يجمع القرآن كله الا الائمة وانهم يعلمون علمه كله 1 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام عن جابر قال: سمعت أبا جعفر يقول: ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله كما أنزل إلا كذاب، وما جمعه وحفظه كما نزله الله تعالى إلا علي بن أبي طالب والائمة من بعده. 2 - محمد بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان عن المنخل، عن جابر، عن أبي جعفر أنه قال: ما يستطيع أحد أن يدعي أن عنده جميع القرآن كله ظاهره وباطنه غير الاوصياء. 3 - علي بن محمد ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن القاسم بن الربيع عن عبيد بن عبد الله بن أبي هاشم الصيرفي، عن عمرو بن مصعب، عن سلمة بن محرز قال: سمعت أبا جعفر يقول: إن من علم ما اوتينا تفسير القرآن وأحكامه. وعلم تغيير الزمان وحدثانه، إذا أراد الله بقوم خيرا أسمعهم ولو أسمع من لم يسمع لولى معرضا كأن لم يسمع ثم امسك هنيئة، ثم قال: ولو وجدنا أوعية أو مستراحا لقلنا والله المستعان. 4 - محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عيسى، عن أبي عبد الله المؤمن عن عبدالأعلى مولى آل سام قال: سمعت أبا عبد الله يقول: والله إني لاعلم كتاب الله من أوله إلى آخره كأنه في كفي فيه خبر السماء وخبر الأرض، وخبر ما كان، وخبر ما هو كائن، قال الله عزوجل: " فيه تبيان كل شيء ". 5 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن أبي زاهر، عن الخشاب، عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله قال: " قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك " قال: ففرج أبوعبدالله بين أصابعه فوضعها في صدره، ثم قال: وعندنا والله علم الكتاب كله. 6 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن، عمن ذكره جمعيا عن ابن أبي عمير، عن أبن اذينة، عن بريد بن معاوية قال: قلت لابي جعفر : " قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب "؟ قال: إيانا عنى، وعلي أولنا وأفضلنا وخيرنا بعد النبي صلى الله عليه وآله.
رسم المصحف وتطوير خطه:
إن المقصود برسم المصحف الخط أو الطريقة التي كتبت فيها حروف المصحف وفقًا للمصاحف العثمانية. إن القرآن في عهد النبي وفي عهد عثمان كذلك لم يكن مكتوبًا بنفس الطريقة التي نراها اليوم، فقد كانت الكتابة آنذاك خالية من التشكيل والنقط والأرقام، ومعتمدة على السليقة العربية التي لا تحتاج لهذا التشكيل. ولم يتغير هذا الحال إلى أن بدأت الفتوحات واختلط العرب بالعجم، وبدأ غير الناطقين بالعربية يقعون في أخطاء في قراءته. فكان من الضروري كتابة المصحف بالتشكيل والنقاط حفاظًا عليه من أن يُقرأ بطريقة غير صحيحة. وكان التابعي أبو الأسود الدؤلي (16 ق.هـ. - 69 ه) أول من وضع ضوابط اللسان العربي، وقام بتشكيل القرآن بأمر من علي بن أبي طالب (21 ق.هـ. - 40 ه). وجعل آنئذ علامة الفتحة نقطة فوق الحرف، وعلامة الكسرة نقطة أسفله، وعلامة الضمة نقطة بين أجزاء الحرف، وجعل علامة السكون نقطتين. وبعد موت أبي الأسود الدؤلي بردح من الزمن تابع وسار على منواله بعض العلماء، من بينهم الخليل بن أحمد الفراهيدي (100-174 هـ) الذي كان أول من صنف كتابًا في رسم نقط الحروف وعلاماتها، وهو أول من وضع الهمزة والتشديد وغيرها من علامات الضبط، ثم دوّن علم النحو ليكون ضابطًا لقراءة القرآن ليقرأ بشكل سليم لا يخل بمعناه. ثم بعد ذلك مر رسم المصحف في طور التجديد والتحسين على مر العصور، وفي نهاية القرن الهجري الثالث، كان الرسم القرآني قد بلغ ذروته من الجودة والحسن والضبط، حتى استقر المصحف على الشكل الذي نراه عليه اليوم من الخطوط الجميلة وابتكار العلامات المميزة التي تعين على تلاوة القرآن تلاوة واضحة جيدة واتباع قواعد التجويد. كراسي القرآن:
منذ بداية نزول القرآن وانشغال المسلمين البالغ به وبتعلمه، تفرَّعت حوله عدة علوم ومعارف، منها ما كان هدفه تفسير القرآن والوقوف على معانيه، ومنها ما اختص بالطريقة الصحيحة لتلاوته وغيرها من العلوم التي قامت حول القرآن وفي خدمته. وعلوم القرآن كثيرة ومتنوعة. وكان قراء الصحابة هم الأوائل في معرفة علوم القرآن، والعِلْم بالناسخ والمنسوخ، وبأسباب النزول، ومعرفة الفواصل والوقف، وكل ما هو توقيفي من علوم القرآن. وخلال فترات التاريخ الإسلامي برز في كل عصر علماء اختصوا في مجال من مجالات علوم القرآن، فألفوا في مختلف فنون هذا العلم. فمنذ عهد النبي كان الصحابة يستفسرون منه عما أُشكل عليهم من معاني القرآن، واستمروا يتناقلون هذه المعاني بينهم لتفاوت قدرتهم على الفهم وتفاوت ملازمتهم للنبي، وبذلك بدأ علم تفسير القرآن. والذي روي عن هؤلاء الصحابة والتابعين لا يتناول علم التفسير فحسب، بل يشمل أيضًا علومًا أخرى منها علم غريب القرآن وعلم أسباب النزول وعلم المكي والمدني وعلم الناسخ والمنسوخ وعلم القراءات وغيرها من العلوم. وقد كتب العديد من المفسرين مصنفات في تفسير القرآن منهم الطبري والترمذي وابن كثير، والزمخشري(معتزلي)، ومحمد حسين الطباطبائي(شيعي). (انظر كتب التفسير). وبعد نسخ عثمان بن عفان للقرآن، سمي ب المصحف العثماني، وسميت كتابته ب الرسم العثماني، بدأ الاهتمام بـ "علم الرسم القرآني". وفي خلافة علي بن أبي طالب عندما وضع أبو الأسود الدؤلي بأمر منه قواعد النحو صيانةً لسلامة النطق وضبطً قراءة القرآن، بدأ علم "إعراب القرآن". ومع دخول غير الناطقين باللغة العربية في الإسلام، ظهرت الحاجة لظهور علوم أخرى تتعلق ب تلاوة القرآن تلاوة صحيحة، فظهر علم التجويد وأحكام القرآن. وبهذا استمر اهتمام المسلمين بالقرآن وبعلومه حتى يومنا هذا، فظهرت علوم أخرى مثل علم إعجاز القرآن. ومع انتشار الإسلام والفتوحات الإسلامية ووصول الإسلام إلى شتى أنحاء العالم، ظهرت الحاجة إلى ترجمة القرآن وترجمة علومه، فظهر علم الترجمة. وطبقا للشريعة الإسلامية ما زال القرآن نبعًا للمزيد من هذه العلوم لمن أراد أن يبحث في خيراته ويتأمل في عجائبه وإعجازه. ومهما كانت الترجمة دقيقة فلا يجوز التعبد بها ولا تعتبر نصا معجزا لأن النص العربي كل كلمة فيه تحمل معاني كثيرة وترجمتها لمعنى واحد منها يقصر الفهم في هذا المعنى ويحد من استنباط أحكام جديدة للقضايا والنوازل المستجدة على الدوام. وصف القرآن في القرآن:
﴿ذلك الكتاب لا ريب فيه هدىً للمتقين﴾ سورة البقرة:2. المصدّق لسائر الكتب السماوية وهو الهدى والبشرى لأهل الإيمان: ﴿قل من كانَ عدوًا لجبريلَ فإنّه نزّله على قلبَك بإذن الله مصدّقًا لما بين يديه وهدىً وبشرى للمؤمنين﴾ سورة البقرة:97. المبين للناس والموعظة للمتقين: ﴿هذا بيانٌ للناس وهدىً وموعظةٌ للمتقين﴾ سورة آل عمران:138. المخرج للناس من الظلمات إلى النور: ﴿الر كتاب أنزلناهُ إليكَ لتخرجَ النّاس من الظّلمات إلى النّور بإذن ربهمْ إلى صراط العزيز الحميد﴾ سورة إبراهيم:1. المذكِّر: ﴿طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلاّ تذكرةً لمن يخشى﴾سورة طه:1-3، وكذلك الآية الأخيرة من سورة القلم. أحسن الحديث والكتاب المتشابه: ﴿اللهُ نزّلَ أحسنَ الحديث كتابًا متشابهًا مثانيَ تقشعرّ منهُ جُلود الذين يخشونَ ربّهم ثم تلين جلودُهُم وقلوبهُم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاءُ ومن يُضلل اللهُ فما لهُ من هاد﴾ سورة الزمر:23. هو خير من كل ثروة: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ سورة يونس:58[5]. إنه الهدى ومصدر الشفاء للذين آمنوا : ﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾ سورة فصلت:44[6]. القرآن معجزة:
قال الله :﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ سورة الإسراء:88. طبقا للشريعة الإسلامية فالقرآن هو معجزة الإسلام التي جاء بها النبي محمد. والمعجزة هي حدث لا يمكن تفسيره حسب قوانين الطبيعة. وهذا الحدث إنما هو تحدٍ للبشر المعارضين لأمر الدعوة لإثبات صدقها وأنها من عند الله. والبشر بطبيعتهم، كلما جاءهم نبي طلبوا منه معجزة كدليل على صدق نبوته. ويذكر القرآن أن النبي محمد قال له قومه: ﴿وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ﴾ سورة العنكبوت:50. ومن حكمة الله أنه كلما أعطى رسولًا معجزة كانت موافقة للمجال الذي برز فيه قوم هذا الرسول وتمكنوا منه. فقوم عيسى كانوا مهرة بالطب فكانت كذلك معجزة عيسى بأنه يحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله، فكانت معجزته أقدر من قدرتهم. وقوم موسى امتازوا بالسحر، فجاءت معجزته مبطلة لهذا السحر، فألقى العصى فأصبحت ثعبانًا يلتقط سحرهم، وكذلك كانت معجزة كل نبي في مجال امتياز قومه. والعرب في الجاهلية قبل الإسلام قد عُرفوا بفصاحة اللسان، وقدرتهم على الشعر، فقد كانوا مولعين بالفصاحة والبلاغة والجمال اللغوي ولهم معلقاتهم الشعرية والنثرية وكانت البلاغة العربية ذات شأن عظيم. فلما بدأت دعوة النبي محمد كانت معجزته، هي كتاب فيه من البلاغة والفصاحة وجمال الأسلوب اللغوي ما عجز فطاحلة العرب من الرد عليه والإتيان بمثله حتى عندما دعاهم لذلك كما في الآية: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ سورة البقرة:23 والآية: ﴿أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ، فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ﴾ سورة الطور:33-34. فطبقًا للشريعة الإسلامية القرآن معجزة لغوية عجز عن الرد عليها إلى اليوم كل البشر. وليس ذلك فحسب، بل القرآن من وجهة نظرهم فيه من المعجزات ما عجز البشر عن الرد عليه، لذلك يعتقد الكثير من المسلمين بوجود ما يسمونه بالإعجاز العلمي والطبي، الذين يعنون بهما وجود علوم في القرآن لم تكن معروفة في عهد النبي محمد، ولا يمكن لبشر أن يعرفها وقت نزول القرآن، بل بعضها أشياء اكتشفها العلم حديثًا، وتقام سنويا مؤتمرات للعلماء المسلمين لبيان أمور علمية جديدة موجودة في القرآن. سور القرآن وعددها: