أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
26 – (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ) أي يستر عوراتكم ، واللباس المذكور هنا هو لباسان أحدهما مادّي والآخر أثيري ، فالمادّي هو عامّ لكلّ الناس ، أمّا الأثيري فهو خاص للأنبياء والأولياء والصالحين وذلك بعد الموت ، لأنّ الإنسان إذا مات خرجت النفس من الجسم وهي عريانة فإن كانت من الصالحين أنزلت لَها الملائكة ثوباُ من السماء تستر به عورتها . أمّا اللباس المادّي فهو من صوف الأنعام وأوبار الإبل تُصنع منها ثياب بعد الغزل والنسيج ، وإنّما قال تعالى (قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ) لأنّ الأنعام نزلت من الجبل الذي خلق الله تعالى فيه آدم ولَمّا نزل آدم من ذلك الجبل نزلت تلك الأنعام إلى الأرض المستوية لأنّ المياه جفّت فوق الجبل والنباتات يبست فلم يبقَ للأنعام ما تأكل وتشرب ، والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة الزمر {وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ ..الخ} أي أنزلها من الجبل ، ثمّ اتّخذ الناس من أصوافها لباساً وأثاثاً . أمّا قوله (وَرِيشًا) يريد به الأفرشة والأثاث التي تصنع من الصوف والشعر والوبر ، ومِمّا يؤيّد هذا قوله تعالى في سورة النحل {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} . وكذلك الطيور نزلت من ذلك الجبل فاتّخذ الناس من ريشها مقاعد ومساند وغير ذلك .
(وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ) أي وأنزل لكم لباساً تتّقون به ضرب عدوّكم ، وهي الدروع والمجنّ والخوذ المصنوعة من الحديد ، والمعنى أنزل عليكم الحديد فاتّخذتم منه دروعاً تتّقون بِها ضرب عدوّكم وتحميكم من القتل ، والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة النحل {وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ} . أمّا كونه أنزلها من السماء فهو قوله تعالى في سورة الحديد {وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} .
وتعليل ذلك أنّ في الفضاء نيازك تدور حول الأرض كما يدور القمر وقد يسقط بعضها أحياناً على الأرض فيجد الناس في تلك النيازك قطعاً من الحديد الطلق فيأخذونه ويعملون منه دروعاً لأنّ الناس كانوا قبلاً لا يعرفون تعدين الحديد من خاماته ولا يوجد الحديد طليقاً على وجه الأرض لشدّة اتّحاده بالأوكسجين لذلك كانوا يفتّشون عن الحديد في قطع النيازك الساقطة من الفضاء ، وإنّما يوجد الحديد طليقاً في النيازك لأنّ الأوكسجين معدوم في الطبقة التي فيها النيازك ، أمّا قوله تعالى (ذَلِكَ خَيْرٌ) أي لباس التقوى خير لكم من الريش لأنّه يصونكم من الضرب ويحرسكم من القتل (ذَلِكَ) الحديد والنيازك (مِنْ آيَاتِ اللّهِ) أي من عجائبه وإتقان مصنوعاته وهي النيازك تسير فوقنا كالسحاب ولا تسقط وقد شرحنا عنها في كتابنا (الكون والقرآن) شرحاً وافياً :
http://www.quran-ayat.com/kown/2.htm#النيازك_
، وقوله (لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) أي يتّعظون إذا عرفوا هذه النعم وفكّروا فيها وفي صناعاتها وإتقانها تكفيهم دلالةً على أنّ الله واحد لا شريك له ، وأنّ الأصنام لا قدرة لها على شيء من ذلك .
31 – خطب النبيّ يوماً فأخذ في ذمّ الدنيا وغدرها وفي مدح الآخرة ونعيمها ، فاجتمع نفر من المسلمين وقالوا لنترك كلّ طعام طيّب ولا نأكل إلاّ خبز الشعير ونلبس المسوح ولا نتزيّن بلباس ونتفرّغ للعبادة ونترك الدنيا . فنزلت فيهم هذه الآية (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ) تصلّون فيه ، والمسجد كلّ مكان يقوم الناس فيه للصلاة والعبادة ، والمعنى لا تلبسوا المسوح وتسكنوا الصوامع كما تفعل اليهود بل تزيّنوا بلباسكم وتطهّروا وتعطّروا وصلّوا فإنّ ذلك مباح لكم والله يحبّ المتطهّرين (وكُلُواْ) من طيّب الطعام ولا تحرّموا على أنفسكم إلاّ ما حرّمه الله عليكم (وَاشْرَبُواْ) من المشروبات الطيّبة إلاّ المسكّرات فإنّها محرّمة عليكم (وَلاَ تُسْرِفُواْ) في الأكل والشرب (إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) لأنّ الإسراف في الأكل والشرب يوقعكم في المرض . وإنّما قال تعالى (يَا بَنِي آدَمَ) ولم يقل يا أيّها الذين آمنوا لأنّ قصّة آدم سبق ذكرها ولأنّ الخطاب لجميع الناس .
32 – (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ) من الثياب واللباس (الَّتِيَ أَخْرَجَ) يعني التي أخرجها زرعاً من الأرض ، وذلك كالقطن والكتّان والإبريسم النباتي والحرير الاصطناعي (وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ) التي رزقكم الله إيّاها ، يعني مَن حرّمها عليكم من الأنبياء حتّى تحرّموا ذلك على أنفسكم (قُلْ) يا محمّد (هِي) مباحة (لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) وإنّهم يجدونها (خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ) أي خالصة من الشوائب والتعفّن والتلف فلا تتلف ولا تتعفّن لأنّها أثيرية (كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ) أي نبيّنها على التفصيل (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) ويعقلون .