أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
161 – لَمّا رجع المنهزمون من أصحاب النبيّ يوم أحد واعتذروا إليه قبل عذرهم وعفا عنهم ، فقال بعضهم لبعض لو كنّا مع قريش وكانت هذه الهزيمة منّا لم يقبل عذرنا أبو سفيان بل لأهاننا عليها وحقد قلبه علينا ولكنّ النبيّ قبل عذرنا وعفا عنّا . فنزلت هذه الآية (وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ) وتقديره ما كان لنبيٍّ أن يهين قومه وما كان له أن يغلّ ، يعني وليس له أن يكون حقوداً عليهم . فالغلّ يريد به الحقد ، والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة الأعراف في وصف أهل الجنة {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ} يعني من حقدٍ . وقال أيضاً في سورة الحشر{وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} . وقوله (وَمَن يَغْلُلْ) يعني ومن يحمل قلبه غيظاً وحقداً على قومه (يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) يعني يأتي بحقده عليهم فلا يشفع لهم ، ولكنّنا لم نختر للرسالة أناساً حقودين بل جعلناهم مسامحين (ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ) من قومه جزاء (مَّا كَسَبَتْ) في دار الدنيا من خير أو شرّ (وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ) في حقّهم .
162 - ثمّ بيّن سبحانه بأنّ الأنبياء لا تقاس بالكفرة والمشركين فقال (أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللّهِ) وهو محمّد (كَمَن بَاء بِسَخْطٍ مِّنَ اللّهِ) وهو أبو سفيان ، والمعنى أتقيسون محمّداً الذي اتّبع رضا الله بأبي سفيان الذي باء بسخط من الله فتقولون لوكنّا من أصحابه وحدثت هذه الحادثة في معسكره لأهاننا وحقد قلبه علينا (وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ) يوم القيامة (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) يكون مصيره .
وأظنّك تقول أنّ النبيّ قد عفا عن أبي سفيان يوم فتح مكّة وقال من دخل دار أبي سفيان فهو آمِن . أقول هذا صحيح ولكنّ النبيّ من سجاياه الكرم والعفو والشفقة على قومه ولذلك عفا عنه ، ولقد عفا عن كثير من الناس ليس أبو سفيان وحده ، ولكنّ أعمال أبي سفيان وجرائمه لا تغتفر فقد كان رأس الفتنة وسبب العداوة وقائد جيش الكفر ، فقد أهان المسلمين وقتلهم وشرّدهم ، ولكنّ النبيّ عفا عنه بحسن أخلاقه وكريم سجاياه كما قال الشاعر :
فَحَسبُكمُ هذا التفاوُتُ بَينَنا وكلّ إناءٍ بِالذي فيهِ يَنضحُ
فقد قال الله تعالى في سورة المائدة {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ ...الخ} ثمّ يقول {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} فالتوبة تقبل قبل المقدرة لا بعد المقدرة .
163 – ثمّ بيّن سبحانه بأنّ الأنبياء درجات ومراتب وليس كلّهم سواء في الأخلاق والأعمال فقال (هُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ اللّهِ) يعني هم على مراتب ومنازل ، ومِمّا يؤيّد هذا قوله تعالى في سورة الإسراء {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ} ، (واللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ) فيعطي كلاً منهم على قدر اعماله .