أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
تفسير النساء ( 9 )[size=21]49 – (أَلَمْ تَرَ) يا محمّد (إِلَى) النصارى (الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ) من الذنوب ، يعني يزكّي بعضهم بعضاً . من عادات النصارى وعقائدهم أنّ المذنب منهم يأتي إلى القسّ فيعترف بذنبه فيغفر له القسّ ذنبه ويصفح عنه . فأنكر الله تعالى عليهم أعمالهم وسفّه عقائدهم فقال (بَلِ اللّهُ يُزَكِّي) من الذنوب (مَن يَشَاء) تزكيته ، وليست التزكية بيد القسّيسين ، فسيعذّبهم الله على أفعالهم (وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) أي قدر حبّة الفتيل . [ويسمّى حبّ العرفط]
50 – وقال القسّيسون إنّ الله أذن لنا أن نزكّي المذنبين . فردّ الله عليهم قولهم فقال (انظُرْ) يا محمّد (كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الكَذِبَ) بقولهم هذا (وَكَفَى بِهِ) أي بكذبهم (إِثْمًا مُّبِينًا) أي إثماً بيّناً واضحاً .
51 – سأل أبو سفيان نفراً من اليهود ما تقولون في محمّد هل هو مجنون أو عالم ؟ قالوا بل عالم دارس ، قال هو أعلم أم علماؤكم ؟ قالوا بل علماؤنا وخاصةً منهم الكاهن حي بن أخطب وكعب بن الأشرف ، قال ودينه حقّ أم دينكم ؟ قالوا بل ديننا ، قال وقرآنه من عنده أم وحي من السماء ؟ قالوا لو كان وحياً لنزل علينا فنحن أحقّ بالوحي منه ولو كانت نبوّة لكانت فينا . فنزلت هذه الآية (أَلَمْ تَرَ) يا محمّد (إِلَى) اليهود (الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ) يعني حصّة من الكتب السماوية وهي التوراة (يُؤْمِنُونَ بِ) علمائهم ويقلّدونهم ولو كانوا على ضلال ومع ذلك يقدّسونهم وخاصةً منهم (الْجِبْتِ) يعني الكاهن ، ويريد به حي بن أخطب (وَالطَّاغُوتِ) كناية عن كلّ شخص طاغٍ متكبّر ، ويريد بالطاغوت كعب بن الأشرف (وَيَقُولُونَ) يعني اليهود يقولون (لِلَّذِينَ كَفَرُواْ) يعني أبا سفيان وأصحابه لَمّا سألوهم هل محمّد أعلم أم علماؤكم ، فأجابوا (هَؤُلاء) إشارة إلى علمائهم (أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ) يعني من محمّد وأصحابه (سَبِيلاً) أي طريقاً غلى الصواب وأكثر علماً . فردّ الله عليهم قولهم وكذّبهم ولعنهم فقال تعالى (أُوْلَـئِكَ) إشارة إلى حي بن أخطب وكعب بن الأشرف ومن تبعهم (الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللّهُ) أي أبعدهم الله عن رحمته وجعلهم مِمّن يستحقّون العذاب (وَمَن يَلْعَنِ اللّهُ) أي ومن يلعنه الله (فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا) ينصره ويخلّصه من عذاب الله .
52 – ثمّ بيّن سبحانه بخل اليهود وحسدهم لرسول الله فقال (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ) وهنا تقدير محذوف وهو : هل الأرض ومن عليها ملكهم فيتصرّفون فيها كما يشاؤون فيريدون أن ينزل الوحي عليهم ولا ينزل على غيرهم أم لهم نصيب معنا في الملك ، أي حصّة من الملك فيعترضون علينا بنزول الوحي على محمّد (فَ) لو كان الملك بأيديهم (إِذًا لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا) يعني لم يعطوا العرب من الحبّ قدر ما ينقره الطير ، وهذا مثل يُضرَب في القلّة .
53– (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ) أي العرب (عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ) حيث بعث فيهم رسولاً (فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ) وهم محمّد وأصحابه ، والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة آل عمران {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ ..الخ} ، وقال تعالى مخاطباً المسلمين في سورة الحج {مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ} . فآل إبراهيم يريد بِهم المسلمين1 (الْكِتَابَ) هو القرآن (وَالْحِكْمَةَ) يعني العلم والفهم (وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا) في المستقبل ، يعني وقدّرنا لهم ملكاً عظيماً ينالونه في المستقبل ، فحسدكم أيّها اليهود لا يزيدكم إلاّ غماً وعنادكم لا يزيدكم إلاّ هماً ، وإنّما قطعنا الوحي عنكم وآتيناه آل إبراهيم لأنّكم تمرّدتم على الله وتكبّرتم وعبدتم العجل والبعليم وعشتاروث وغيرها مِمّا استهوتها أنفسكم بعد أن أخذ الله العهود والمواثيق أن لا تشركوا بالله شيئاً ولا تعبدوا بقراً ولا شجراً ولا حجراً فنكثتم العهود ونقضتم المواثيق مراراً عديدة وعبدتم الأوثان تكراراً فرفضكم الله واختار غيركم ، ذلك بِما كسبت أيديكم وأنّ الله ليس بِظلاّمٍ للعبيد .
1لأنّ نسل إبراهيم من إسرائيل قد انقرض جميعه ولم يبقَ منه بقيّة بنصوص التوراة نفسها كما جاء بكتاب (نهاية اليهودية) وأراد بالآل الرجال تمييزاً لهم عن الأهل أي النساء – المراجع
54 – (فَمِنْهُم) يعني من اليهود (مَّنْ آمَنَ بِهِ) يعني بالكتاب الذي سبق ذكره ويريد به القرآن (وَمِنْهُم مَّن صَدَّ عَنْهُ) ولم يؤمن (وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا) لِمن صدّ عنه ولم يؤمن بِه .
59 – (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ) فيما أمركم به ونهاكم عنه (وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ) لأنّه يدعو إلى الله ويعمل بأمر الله (وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ) أي وأطيعوا ولاة الأمر منكم إن حكموا بحكم القرآن وساروا بنهج الإسلام (فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ) من أمور دينكم (فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ) يعني فراجعوا كتاب الله وهو القرآن إن لم يكن رسوله حاضراً معكم ، أمّا إذا كان رسوله حاضراً فردّوا تنازعكم إليه وهو يفصل بينكم ، هذا في زمانه أمّا اليوم فقد ذهب الرسول إلى جوار ربّه وبقي الكتاب فيجب أن نردّ تنازعنا إلى كتاب الله ليفصل بيننا ، أمّا الأحاديث الواردة فلا اعتماد عليها لأنّ أكثر الأحاديث مدسوسة ولذلك اختلف المسلمون فصاروا فرقاً عديدة ، فكلّ حديث ينطبق مع القرآن نقبله وكلّ حديث لا ينطبق مع القرآن لا نقبله (إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) لأنّ من يؤمن بالله يقبل حكم القرآن ولا يعترض عليه (ذَلِكَ) الردّ إلى كتاب الله والرضا بحكمه (خَيْرٌ) لكم من التنازع والاختلاف فيما بينكم (وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) أي وأحسن عاقبة .
60 – كان بين رجل من اليهود ورجل من المسلمين خصومة فقال المنافقون لصاحبِهم تحاكم مع اليهودي عند رئيسهم كعب بن الأشرف فإنّه يحكم لك ، فأبى اليهودي أن يتحاكم عند كعب وقال بل نتحاكم عند رسول الله وجاء إلى النبيّ فحكم النبيّ لليهودي فلم يرضَ المنافق بذلك وقال تعال نتحاكم عند عمر ، فقال اليهودي لعمر قضى لي رسول الله فلم يرضَ خصمي بقضائه ، فقال عمر للمنافق أكذلك ؟ قال نعم ، فقال عمر مكانكما حتّى أخرج إليكما ، فدخل عمر فأخذ سيفه ثمّ خرج فضرب به عنق المنافق وقال هكذا أقضي لمن لم يرض بحكم الله ورسوله .