هل ثبت أن نورا يخرج من مقبرة شهداء أحد بالمدينة المنورة؟ السؤال :
قرأت هذا الكلام في أحد المواقع فهل هو صحيح ؟ معجزة من معجزات الله
سبحانه ، تتجلى كل ليلة في مقبرة الشهداء بجانب جبل أحد في المدينة
المنورة , هذه المعجزة - وكما يرويها لـ ( صحيفة طيبة ) - أحد الأشخاص
الذين تابعوها عن كثب , تتمثل في ظهور نور ساطع يخرج من أحد القبور بمقبرة
الشهداء , ويروي المصدر أنه يشاهد كل ليلة - وفي تمام الساعة الثانية بعد
منتصف الليل - خروج هذا النور الغريب من أحد القبور في المقبرة , ويضيف أن
هذا القبر الذي يتوهج نورا يعتقد أنه قبر الصحابي الجليل " حمزة بن عبد
المطلب " رضي الله عنه .
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
أما
الجانب الإخباري لهذا النور فلم نجد وبعد البحث الشديد لهذه القصة مصدرا معتبرا ،
إلا ما نسب إلى صحيفة " طيبة " الإلكترونية ، والصحيفة لم تسند الخبر إلى ثقة كي
يطمئن الناس إلى صحته ، وإنما نقلت الصورة التي يبدو فيها نور أخضر بارز من جهة أحد
القبور ، ولا يخفى أن الصورة وحدها لا تكفي لإثبات الخبر ، لأن التصرف في الصور
والإضافة والتعديل فيها من أسهل ما يمكن إجراؤه اليوم مع توفر برامج الرسم والتصوير
الحديثة ، فلا ينبغي التسليم والتصديق بالصور الصادرة من جهات غير معتمدة .
والذي يغلب على الظن في شأن هذه القصة أنها لم تثبت ، وذلك لأنها لو كانت حقيقة
واقعة لانتشر خبرها عبر الرواة الثقات ، وتناقلتها وسائل الإعلام المتثبتة ، ولعرف
ذلك العلماء والصالحون ، ولما لم يكن شيء من ذلك فإن القلب لا يطمئن إلى التصديق
بهذه القصة ، ولذلك أنكرها بعض أهل العلم المعاصرين ، كالشيخ عبد الرحيم السحيم ،
والشيخ محمد العويد .
وقد
كثر الآن بسبب تقدم وسائل الاتصال والإعلام وتنوعها انتشار الأخبار التي لا أصل لها
، ثم يتناقلها الناس فيما بينهم ويصدقون بما فيها ، والذي ينبغي في مثل هذه الأخبار
هو التثبت منها ، وعدم نشرها حتى يتأكد الإنسان من صحتها ، لأن الله تعالى يقول :
(وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ
وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً) الإسراء/36 .
ويخطئ البعض حيث يتساهل في نقل هذه الأخبار وتصديقها .
قال
ابن خلدون رحمه الله :
"
وكثيرا ما وقع للمؤرخين والمفسرين وأئمة النقل من المغالط في الحكايات والوقائع
لاعتمادهم فيها على مجرد النقل غثًّا أو سمينًا ، ولم يعرضوها على أصولها ، ولا
قاسوها بأشباهها ، ولا سبروها بمعيار الحكمة والوقوف على طبائع الكائنات ، وتحكيم
النظر والبصيرة في الأخبار ، فضلوا عن الحق ، وتاهوا في بيداء الوهم والغلط " انتهى
باختصار .
"
المقدمة " (ص/9-10) .
ولمزيد الفائدة يراجع جواب السؤال رقم (102056)
.
ثانياً :
يؤمن أهل السنة والجماعة بوقوع الكرامات للأولياء والصالحين وعباد الله المتقين ،
وهي بعض أنواع من خوارق العادات ، يظهرها الله لبعض أوليائه إكراما لهم ، وإظهارا
لفضلهم بين العباد ، كإكرام الله مريم أم عيسى عليه السلام بطعام الصيف في الشتاء
وطعام الشتاء في الصيف ، وإكرام أهل الكهف بالنوم الطويل في كهفهم ، ونحو ذلك ،
فليس من المحال شرعا أن يسطع نور من قبور بعض الصالحين كرامة لهم من الله ، ودلالة
على صلاحهم وتقواهم ، وقد روى اللالكائي في " كرامات الأولياء " بعض حوادث الكرامات
التي ظهرت في قبور بعض الصالحين، ولم يستنكرها العلماء ، ولا ردوها .
ولا
شك أن شهداء أحد رضي الله عنهم وعن الصحابة أجمعين هم من خيار أولياء الله المتقين
، وعلى رأسهم عم الرسول صلى الله عليه وسلم حمزة بين عبد المطلب : أسد الله ، وأسد
رسوله ، رضي الله عنه ، فلا يبعد أن يظهر الله تعالى لهم بعض الكرامات ، كخروج
النور من قبورهم ، أو قبور بعضهم .
غير
أننا لا نثبت كرامة لأحد من الناس إلا إذا كانت ثابتة بالفعل .
والله أعلم .