لطالما
عاش مانشستر سيتي في ظل إنجازات جاره وعدوه اللدود مانشستر يونايتد،
فبينما كان الشياطين الحمر يصولون ويجولون محققين اللقب تلو الآخر ويبسطون
سيطرتهم ليس فقط على المدينة لكن على كامل إنجلترا وفي بعض السنوات أوروبا
1999 والعالم 2008، كان السيتي يُآسي ويلات الحروب ما بين البقاء حياً بين
أندية النخبة أو الترشح من الدرجة الأولى للدوري الممتاز.
الأزرق
السماوي عرف الكثير من الفترات المتقطعة من النجاح وكان تاريخه مليئاً
بالتقلبات وخيبات الأمل والتنقل الشبه دائم بين مختلف درجات الدوري
الإنجليزي، لكن كما يقول المثل العربي
"فدوام الحال من المحال"، وها هو المال الإماراتي يحرك ثورة ويُعيد لنادٍ عريق كتابة تاريخ جديد.
هذه
الثورة بدأت منذ نهاية الموسم الماضي تُهدد سيطرة الشياطين الحمر على
مدينة مانشستر حين قاد يحيى توريه الفريق للفوز على اليونايتد في نصف نهائي
كأس الاتحاد الإنجليزي (أقدم بطولة في تاريخ المستديرة)، ومع انطلاقة
الموسم الجاري وحتى كتابة هذا التحليل تواصلت الثورة على صعيد الدوري
المحلي بمنافسة اليونايتد منذ الجولة الثامنة وتصدر البطولة لمدة 20 جولة
كاملة.
لكن يبقى السؤال المطروح حالياً:
هل تستمر هذه الثورة؟ وكيف؟ وماذا
يجب فعله في المستقبل المنظور وغير المنظور للاستمرار بتطوير وتقوية
النادي الأزرق السماوي، لتصل الإدارة الإماراتية إلى الهدف الذي وضعته منذ
توليها مسؤولية الانفاق وإدارة الفريق، فالوصول إلى القمة سهل المنال لكن
المحافظة عليه صعب وصعب جداً ويحتاج لعمل شاق
هناك جانبان سنتحدث
عنهما في هذا التحليل المفصل عن ثورة مانشستر سيتي، هما الجانب الإداري
ويحتوي على الاستراتيجيات التي يجب إتباعها والجانب الفني بما يتضمن من
تدعيم لبعض المراكز وجوانب فنية أخرى لضمان نجاح مبتغى النادي.
سياسات إدارية
-تدعيم الثقة في مانشيني: رغم كل ما يقال عنه، فالمدير
الفني الإيطالي أثبت وبرغم بعض الأشياء التي تعاب عليه عن حنكة وقدرة
للوقوف بوجه كل الصعوبات والضغوطات كما عن حزم وشخصية قوية قادرة على
التعامل والإستيعاب الجيد للنجوم الكثيرة المتواجدة في الفريق، وتغيير
المدرب حالياً وسط عملية بناء الفريق لن يكون شيئاً حكيماً أبداً.
-
ضخ المزيد من الأموال: وعدم
التأثر بأي نوع من التهجمات والإستفزازات التي تهدف الى الإستهزاء من كمية
الأموال التي يضخها الملاك الإيماراتيين بالنادي، فمن الواضح أن مطلقي هذه
التهجمات يهدفون عبر إستراتيجيتهم الهجومية هذه الى الحد من سطوة النادي
وإستقطابه للنجوم، وإنما تهجمهم هذا هو للحفاظ على سيطرة أنديتهم وخوفاً من
صعود العملاق الأزرق، وهم ومع كامل الإحترام لهم إلا أن أنديتهم دائماً ما
كانت تستعمل الأموال للبقاء على القمة، وإن لم تصدقوا فإنظروا إلى فاتورة
الإنتقالات لدى أندية مثل برشلونة وريال مدريد في آخر خمس سنوات وهي التي
صرفت بجنون مع أن فريقها كان يمتلك الأساسات الصلبة فما بال فريق في مرحلة
التأسيس كالسيتي.
والأمثلة على إستخدام كافة الأندية للمال تتنوع في إنجلترا بالذات، فأندية
كليفربول وتشيلسي لم تبخل أبداً على فريقها عندما إحتاج التدعيم، ومؤخراً
فحتى إدارة المدفعجية أكثر الفرق المشهورة بالتقشف أعلنت عن رصد 120 مليون
يورو لتدعيم النادي بالصيف، لذا فأنا أجزم أن ملَاك هذه الأندية لو كانوا
يملكون القدرة الشرائية الموجودة لدى السيتي لما قصروا أبداً بالصرف.والعجب
العجاب أيضاً عندما يستغرب الكل مؤخراً عرض السيتيزن 210 آلاف باوند كراتب
أسبوعي لفان بيرسي ويتناسون أن روني وزلاتان يقبض كلٌ منهما 200 ألفاً،
رونالدو 230 وميسي 220 .
-
توسيع قاعدة أكاديمية الشباب: على المدى الطويل فأكاديمية الشباب إن كانت على المستوى المطلوب ستشكل
إضافةً كبيرةً للفريق على الجانبين المادي والفني، فإضافةً إلى توفير المال
بالمستقبل عبر الإعتماد على خريجي الأكاديمية، ولكن دورها الأهم هو إمداد
النادي بالروح والشخصية وذلك عبر تزويده بلاعبين من أبناء النادي ممن
يتمتعون بالإنتماء والوفاء الكامل لألوان الفريق، الذي سيضفي وجودهم روحاً
قتالية وإستبسال أكبر بتشكيلة الفريق مما سيشكل بكل تأكيد نقطة قوة إضاقية
ستميز النادي عن غيره.
خيارات فنية
-
انتداب قلب دفاع على مستوى عالمي: برغم تواجد عناصر
رائعة في خط وسط وهجوم السيتيزن إلا أن الخطوط الخلفية للنادي لا تبدو على
نفس المستوى وخصوصاً في مركز قلب الدفاع، ومن المعروف أن بناء أي فريق كبير
يبدء من الخلف، فاليونايتد أيام العز كان يملك فيديتش وفيرديناند، تشيلسي
لما سيطر كان يلعب بخطه الخلفي كارفالو وتيري وبرشلونة يمتلك الثنائي بويول
وبيكيه الذي ما إن نزل مستواهما حتى تذبذب أداء الفريق ككل، أما السيتي
حالياً فيمتلك كومباني كمحور دفاع رائع، ولكن لنكون صريحين فباقي قلوب
الدفاع بالنادي ليسوا على المستوى العالمي الذي يطمح إليه الفريق، فليسكوت
وتوري لا يصلحان ليلعبا أساسيان بشكلٍ دائم وظهر هذا الشيء بوضوح مع غياب
كومباني، حيث عانت الخطوط الخلفية للفريق بشكلٍ واضح.
لذلك على مانشيني وإدارة النادي الإلتفات صيفاً إلى القيام بصفقة كبيرة على
الصعيد الدفاعي بإستقدام أحد الأسماء القادرة على تشكيل ثنائي دفاعي على
مستوى عالمي مع كومباني وإبقاء دفاع الفريق متماسكاً بحال إصابة أو طرد
قائد الفريق البلجيكي، وأبرز الأسماء الدفاعية المتاحة إذ ما رصدت إدارة
النادي المبلغ المناسب هي : الألماني الدولي ماتس هومل نجم وصخرة دفاع
بروسيا دورتموند، قائد فريق أياكس وزميل كومباني في المنتخب الهولندي يان
فرتونجهن و مدافع بورتو المميز الأرجنتيني الدولي الشاب نيكولا أوتومندي،
وأعتقد أنه مع القدرة الشرائية العالية للفريق فهذه الأسماء الثلاثة ستكون
بمتناول السيتي إن هم فعلاً رغبوا بضم أحدهم، ويمكن إضافة إسم تياجو سيلفا
على هذه اللائحة بالرغم من صعوبة تنازل الميلان عنه، ولكن مع التمويل
الإماراتي الهائل فمن يدري؟
-
اللعب بمهاجمين: بالرغم من التنظيم الدفاعي الرائع الذي يقوم به مانشيني، يعاب على الإيطالي
الإنكماش الدفاعي غير المبرر ببعض المباريات السهلة على الورق، فلقد
فاجأنا الإيطالي باللعب بمهاجم واحد في العديد من المناسبات رغم إمتلاكه
للعديد من الأوراق الهجومية المميزة، ومما يجعل من هذا التصرف مستغرب أن
الفريق كل ما لعب بثنائي بالهجوم يقدم الأداء العالي ويحقق النتائج
العريضة، لذا فالمتابع لا يستطيع إلا أن يتعجب من خوف مانشيني من الإعتماد
على مهاجمين بشكلٍ دائم.
-
حل مسألة كارلوس تيفيز نهائياً: لا يمكن أن تبقى وضعية الأباتشي
كما هي الآن، فعلى الرغم من إمكانيات الأرجنتيني الفنية الكبيرة، إلا أن
وجوده بهذا الشكل وكما يقال "لا معلَق ولا مطلق" سيساهم على المدى الطويل
بظهور مشاكل على صعيد إنضباط اللاعبين بالفريق، وقد يقدم لاعبين آخرين
وأولهم بالوتيلي مثلاً على القيام بمثل تصرفات تيفيز إن إستمر تهاون النادي
مع الأباتشي، لذا على الإدارة مانشيني وبغض النظر عن النتائج الآنية أن
يكونا حاسمين أكثر مع الأباتشي ولا يتهاونوا معه مهما كانت النتائج، وذلك
حفاظاً على هيبة الإدارة، الإنضباط المستقبلي وجعل كل اللاعبين يدركون
العواقب الوخيمة لأي عملية تمرد على المدرب والإدارة، فلا يمكن أن يرجع
الأباتشي للعب بعد كل ما فعله وكأن شيئاً لم يكن حتى لو إعتذر، فهذا
التهاون سيحرض لاعبين آخرين بالمستقبل وعند أي سوء تفاهم مع الإدارة إلى
التمرد والعصيان عندما يرون أن العواقب لن تكون كبيرة.