أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
الحمد لله والصَّلاة والسَّلام على رسول الله ومن اهتدى بهداه أمَّا بعد:
حديثنا عن خطرٍ عظيمٍ وشرٍّ مدلهم يطلُّ علينا برأسه من جهة المشر،ق الخطر الَّذي نتكلم عنه، خطرٌ معلومٌ مجهولٌ، فالنَّاس بطبيعتهم مجبولون على الخوف من المجهول، فكيف إذا كان هذا المجهول معلومًا؟! ما بالك أيُّها المتحدث؟؟ هل تركت الأسلوب الصَّريح وبدأت تتكلَّم بالألغاز؟!
أيُّها القارئ الكريم إنِّي محدِّثك عن خطرٍ عظيمٍ يطل ُّعلينا من الشَّرق من جهة خراسان (بلاد واسعة أوَّل حدودها ممَّا يلي العراق، وآخر حدودها ممَّا يلي الهند)، إنَّ هذا الخبر لم يأتِ إلينا من وثيقةٍ مسرَّبةٍ، وإنَّما هو خطر حذِّر منه نوحٌ وإبراهيم وموسى وعيسى وأنبياء الله كلهم -عليهم السلام- حذِّروا من هذا الخطر، وجاء النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-، ليكون تحذيره أشدَّ التَّحذير وأقوى النَّذير فقال -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «فإنَّه لم يكن نبيّ إلا قد حذَّر أمَّته، وسأحذركموه بحديث لم يحذره نبيّ أمَّته» [حسَّنه الألباني 1361 في صحيح الجامع].
ليس شيءٌ بين خلق آدم وقيام السَّاعة أكبر من فتنة الدَّجال، إنَّه شرٌّ غائبٌ ينتظر.
بلغ من عناية النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-، بهذا الأمر أنَّه بلَّغ وحذَّر في كلِّ موطنٍ، عبر كلِّ وسيلةٍ يستطيعها، وفي ذات مرَّةٍ نودي بين يدي النَّبيِّ -علية الصَّلاة والسَّلام- "الصَّلاة جامعةٌ، الصَّلاة جامعةٌ"، فاجتمع النَّاس، فصعد النَّبيُّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- المنبر، ثمَّ أخذ يحذِّر النَّاس من صفة الدَّجال ويجليه ويوضحه حتَّى لا يبقى ثمة لبسٍ عند النَّاس، حتَّى قال الصَّحابة: «ذكر رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- الدَّجال ذات غداةٍ، فخفض فيه ورفع حتَّى ظنناه في طائفة النّخل» أي كأنَّه شيء، وبدأ الصَّحابة يخافون من ذلك، فقال النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «غير الدَّجال أخوفني عليكم، إن يخرج وأنا فيكم، فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم، فامرؤ حجيج نفسه، والله خليفتي على كلِّ مسلمٍ» [رواه مسلم 2937].
- صفة الدَّجال:
عن عبادة بن الصَّامت -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: «إنِّي قد حدثتكم عن الدَّجال حتَّى خشيت أن لا تعقلوا، إنَّ مسيح الدَّجال رجلٌ قصير أفحج جعد أعور مطموس العين ليس بناتئة ولا حجراء، فإن ألبس عليكم فاعلموا أنَّ ربَّكم ليس بأعور» [رواه أبو داود 4320 وصحَّحه الألباني]، وفى حديث عن أنس -رضي الله عنه- عن النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وآله وسلَّم- قال: «الدَّجال ممسوح العين مكتوب بين عينيه كافر ثمَّ تهجاها ك ف ر. يقرؤه كلُّ مسلمٍ» [رواه مسلم 2933]، ومن صفاته أنَّه عقيم لا عقب له.
- مدَّة مكوثه في الأرض:
الدَّجال، يمكث في الأرض أربعين يومًا، قال -عليه الصَّلاة والسَّلام-: «يوم كسنةٍ، ويوم كشهرٍ، ويوم كجمعة، وسائر أيَّامه كأيَّامكم» [رواه مسلم 2937].
وهنا وقفةٌ تحسب لصحابة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- لا بد أن نقف معها، الحديث عن الدَّجال وعن فتنته حديث ممتد من آدم -عليه السَّلام- إلى النَّبيِّ -عليه الصَّلاة والسَّلام-، إذاً أمام هذه الفتن يحقُّ للذِّهن أن يذهل عن كلِّ شيءٍ، وأن يشتغل بهذه الفتنة، ولكنَّ أصحاب النَّبيَّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- تعلَّقت قلوبهم بالصَّلاة الَّتي كانت لب إهتماماتهم، فقالوا: «يا رسول الله! فذلك اليوم الَّذي كسنة، أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: «لا، اقدروا له قدره» [رواه مسلم 2937].
- فتنة الدَّجال:
الدَّجال يمسح الأرض مسحا يتبعه اليهود والنِّساء، قال -عليه الصَّلاة والسَّلام-: «يتبع الدَّجال من يهود أصبهان سبعون ألفًا عليهم الطَّيالسة» [رواه مسلم 2944]، وجعل الله له من الخوارق ما يكون ابتلاءً للخلق واختبارا لهم، فإنَّه سريع كما قال -عليه الصَّلاة والسَّلام-: «كالغيث استدبرته الرِّيح» [رواه مسلم 2937].
الدَّجال هذا الكذاب المموه معه جنَّةٌ ونارٌ، عن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- أن النَّبيَّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-، قال: «لأنا أعلم بما مع الدَّجال منه معه نهران يجريان أحدهما رأى العين ماء أبيض، والآخر رأى العين نار تأجج، فإمَّا أدركن أحد فليأت النَّهر الَّذي يراه نارًا وليغمض ثمَّ ليطأطئ رأسه فيشرب منه، فإنَّه ماء بارد» [رواه مسلم 2934].
الدَّجال من فتنته أنَّه يأتي بالموت والحياة، ويقول للأعرابي أرأيت إن أنا بعث لك أباك وأمَّك أتشهد أنِّي ربُّك؟ فيقول الأعرابي: نعم، فيتمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمّه فيقولان يا بني اتبعه فإنَّه ربّك، هل هناك فتنه أعظم من ذلك؟ لذلك فإنَّ أعظم النَّاس شهادة عند ربِّ العالمين، من يأت الدَّجال وهو يحيي ويميت بقدر الله -جلَّ وعلا- ثمَّ يأتي هذا الرَّجل المؤمن بعد أن يريد الدَّجال أن يأتي مدينة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، ولكن هيهات، على كلِّ نقبٍ منها ملائكة يحرسون المدينة حافين لا يستطيع أن يطأ مكة ولا المدينة، فيقول هذا الرَّجل الَّذي هو من خير النَّاس: أشهد أنَّك الدَّجال الَّذي حدثنا رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- حديثه، فيقول الدَّجال للنَّاس: أرأيتم إن قتلت هذا ثمَّ أحييته، هل تشكون في الأمر؟ فيقلون لا، فيقتله ثمَّ يأمر به فيحيى مرَّة أخرى، فيقول ذلك الرجَّل: "والله ما كنت فيك أشد بصيرة مني اليوم، فيريد أن يقتله فلا يسلط عليه".
الدَّجال: من فتنته أنه يأمر القوم فيدعوهم إلى ربوبيَّته وألوهيَّته فلا يؤمن به، فيأمر السَّماء أن تمسك، والأرض أن تمسك، فينصرف عنهم وقد أصابهم القحط، ويمرُّ على قومٍ فيدعوهم إلى عبادته وأنَّه الرَّبُّ -تعالى الله وجلَّ الله- فيؤمنون به فيأمر السَّماء فتمطر، والأرض فتنبت، فيغادرهم وهم في نعمه، يمرُّ على الأرض الخربة فيقول أخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب النَّحل.
- شبهةٌ:
الدَّجال ليس إلهًا ولا ربًّا -تعالى الله- ولذلك كان النَّبيُّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- حريصًا أشدَّ الحرص على بيان هذه القضية فقال: «فاعلموا أنَّ ربَّكم ليس بأعور»[/COLOR] [رواه أبو داود 4320 وصحَّحه الألباني]، وكذلك لو كان ربًّا لما استطاع أحدٌ رؤيته في الدُّنيا؛ لقوله -عليه الصَّلاة والسَّلام-: «تعلموا أنَّه لن يرى أحدٌ منكم ربَّه -عزَّ وجلَّ- حتَّى يموت» [رواه مسلم 169].
- الدَّجال، كيف الخلاص منه؟ وكيف النَّجاة من فتنته؟
1- علينا التَّعوُّذ بالله منه دبر كلَّ صلاةٍ، فإن النَّبيَّ -صلى الله عليه وآله وسلَّم-، لم يكن يدع دبر كلّ صلاةٍ أن يقول: «اللهمَّ إنِّي أعوذ بك من عذاب القبر، وعذاب النَّار، وفتنة المحيا والممات، وشرِّ المسيح الدَّجال» [رواه مسلم 588].
2- وكذلك من طرق الخلاص منه أن ينأ الإنسان عنه إذا سمع به، فالنَّبيُّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- قال: «من سمع بالدَّجال فلينأ عنه» [رواه أبو داود 4319 وصحَّحه الألباني]، فلا مخاطرةٌ في قضايا الدِّين بل البعد أشدّ ما يكون والحرص أحرص ما يكون الإنسان على دينه وعلى عقيدته: الدِّين رأس المال فاستمسك به***فضياعه من أعظم الخسران
3- ومن أسبابا لوقاية من الدَّجال حفظ عشر آيات من أوَّل سورة الكهف، فقد ثبت عن النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم- أنَّه قال: «من حفظ عشر آيات من أوَّل سورة الكهف عصم من الدَّجال» [رواه مسلم 809]، هذا ما تيسَّر ذكره حول أعظم فتنة ابتلى الله بها المؤمنين، كفانا الله وإيَّاكم شرها، وأعاذنا منها، اللهمَّ يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، يا مصرف القلوب صرف قلوبنا إلى طاعتك، اللهمَّ إنَّا نعوذ بك من عذاب القبر ومن عذاب جهنَّم ومن فتنة المحيا والممات ومن شرِّ فتنة المسيح الدَّجال، وصلِّ اللهمَّ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله ربِّ العالمين.