اشرف ولي العهد السعودي الراحل وزير الداخلية الامير
نايف الذي توفي السبت عن 79 عاما على محاربة تنظيم القاعدة في المملكة التي
تتبع نهجا سياسيا محافظا.
وكان الملك عبد الله بن عبد العزيز قرر اواخر تشرين الاول/اكتوبر الماضي
اختيار اخيه غير الشقيق الامير نايف وليا للعهد بالاضافة الى توليه وزارة
الداخلية منذ العام 1975، رغم متاعبه الصحية.
ويقول خبراء مختصون في شؤون المملكة ان الامير نايف كان مصابا بسرطان الدم المزمن ومرض السكري وداء المفاصل.
والامير نايف توجه الى الخارج في 26 ايار/مايو لاجراء فحوصات طبية مجدولة، هي الثانية في غضون ثلاثة اشهر.
وقد نشرت وسائل الاعلام خبر استقباله مسؤولين سعوديين في جنيف قبل ايام،
كما كان نائبه في وزارة الداخلية شقيقه الامير احمد اعلن للصحافة في
الثالث من الشهر الحالي انه يتمتع بصحة جيدة وسيعود الى المملكة قريبا.
وبوفاته، من المرجح ان يتولى شقيقه وزير الدفاع الامير سلمان بن عبد العزيز منصب ولاية العهد.
وكان الامير نايف عين خلفا لشقيقه الامير سلطان الذي توفي عن 86 عاما
الخريف الماضي، ما يؤكد ان الجيل الاول من ابناء الملك المؤسس اصبحوا
طاعنين في السن في اول بلد مصدر للنفط في العالم ويلعب دورا محوريا في شؤون
المنطقة.
ويعتبر كثيرون الامير نايف اكثر صرامة من الملك عبد الله الاصلاحي الحذر، لكنه كان براغماتيا يرغب في وصف نفسه بانه في خدمة الملك.
ونظرا لاحتفاظه بوزارة الداخلية لنحو اربعة عقود، اعتبره السعوديون
الاكثر كفاءة في محاربة القاعدة، كما انه قادر على قمع اي حركة معارضة
اخرى.
وقد اقام الامير نايف علاقات جيدة في معظم انحاء العالم العربي، لكنه اتخذ موقفا متشددا حيال ايران بسبب عدم ثقته بقادتها.
وقال دبلوماسيون غربيون انه لعب دورا مهما في قرار المملكة استضافة
الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي في كانون الثاني/يناير، وارسال
جنود الى البحرين للمساعدة في ترسيخ الامن اثر تظاهرات قادها الشيعة في
المملكة الصغيرة المجاورة.
كما اقام علاقات وثيقة مع الاوساط الدينية المحافظة التي تعارض انفتاحا اكبر في المجتمع السعودي.
ولد الامير نايف،الولد الثالث والعشرين للملك المؤسس، العام 1933 في
الطائف وتولى امارة الرياض عندما كان في العشرين من العمر قبل ان يعين
نائبا لوزير الداخلية العام 1970 ومن ثم يتسلم الوزارة ذاتها العام 1975.
وواجهت وزارته تحديات الصعود القوي للقاعدة مع تشعباتها في السعودية
التي تعرضت لهجمات دامية ضمن موجة من الاعتداءات بين العامين 2003 و 2006.
وادت الحملات الامنية الى فرار قادة التنظيم وعناصره باتجاه اليمن حيث
اتحدوا مع الفرع المحلي تحت مسمى "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" التي تشكل
تهديدا للمصالح السعودية.
كما حلت اجهزة وزارة الداخلية الهيئات التي تجمع التبرعات لشبكة اسامة بن لادن.
وتم تكليف نجله الامير محمد بن نايف برنامج المناصحة لتاهيل المتطرفين
العائدين من غوانتانامو، وقد تعرض في اب/اغسطس 2009 لمحاولة اغتيال نفذها
احد عناصر القاعدة قادما من اليمن.
الا ان وزارة الداخلية قمعت كذلك ناشطين حقوقيين الامر الذي دفع بمنظمات حقوق الانسان الى انتقادها.
ودليلا على نهجه المحافظ، كان الامير نايف اعلن للصحافة انه لا يرى
فائدة من انتخاب اعضاء مجلس الشورى، وعددهم 150 يعينهم الملك، او من وجود
النساء في المجلس.
كما دافع احيانا عن رجال هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر المتهمين بسوء التصرف في بعض الاوقات.
وفي الاشهر المنصرمة، حرصت اجهزة وزارة الداخلية على عدم انطلاق تظاهرات
مماثلة لما يجري في بعض البلدان العربية. وتقدم الامير نايف بالشكر علنا
للسعوديين نظرا لعدم تجاوبهم مع دعوات للتظاهر اطلقها ناشطون محليون.
وتشرف وزارة الداخلية كذلك على الامن في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط،
حيث تعيش غالبية الاقلية الشيعية التي تشهد حراكا تعتبره الرياض بايعاز من
ايران التي تتهمها بالتدخل في شؤونها الداخلية.
والامير نايف من "الاشقاء السبعة" الذين انجبهم الملك المؤسس عبد العزيز
من زوجته الاميرة حصة السديري، وابرزهم الملك فهد والامير سلطان الراحلان
ووزير الدفاع الامير سلمان.