احتفل
عدد من أنصار برشلونة والمنتخب الإسباني خلال الدور ربع النهائي من يورو
2012 بكسر "تشافي هيرنانديز" الرقم القياسي المُسجل في تاريخ بطولات أمم
أوروبا باسم الفرنسي الجزائري "زين الدين زيدان" لأدق لاعب في التمرير
بأكثر من 700 تمريرة. لكن المثير أن زين الدين زيدان كان يُمرر من أجل
هدف معين ومُحدد من أجل تسجيل زملائه للأهداف أو لصناعة الهجمات الخطيرة
على مرمى الخصوم وليس التمرير العرضي وإلى الخلف كما يفعل نجم البرسا
وإسبانيا. هذا ليس انتقاصاً بكل تأكيد من تشافي فهو من أفضل لاعبي الوسط
في العالم لكن في الآونة الأخيرة مستواه انخفض بشدة بسبب تقدمه في السن
على النقيض من زيدان الذي حتى يومنا هذا حين يظهر في مباريات ودية نضرب
كفاً على كف لإعتزاله المستديرة.
وسوف
نضرب كفاً على كف كذلك حين يأتي اليوم الذي يَعتزل فيه "بيرلو وجيرارد
وأوزيل" وهذه النوعية من اللاعبين المَهرة في التمرير الأرضي والعرضي
والطولي (بغرض) تسجيل الأهداف وإمتاع العيون وليس لحصد المزيد من الأرقام
وتكسير الأساطير بالكم لا بالكيف. المفارقة، تكمن في أن تشافي هيرنانديز
قد مَرر 509 تمريرة صحيحة من 5 مباريات لعبها مع إسبانيا في يورو 2012 وهو
أعلى مُعدل تمريرات صحيحة في البطولة بفارق ضئيل عن أقرب مُنافس له "تشابي
ألونسو" الثاني برصيد 497 تمريرة، ويأتي الألماني باستيان شفاينيشتايجر في
المرتبة الثالثة برصيد 415 تمريرة ثم بوسكيتس رابعاً وإنييستا خامساً، وفي
المركز السادس الإيطالي "آندريا بيرلو" برصيد 366 تمريرة. فهل
التمريرات الـ509 لتشافي بقيمة التمريرات الـ366 لبيرلو في الخمس مباريات
الماضية؟ بالتأكيد ليس بنفس القيمة والمفارقة مُستمرة لأن تشافي حتى الآن
وهو يلعب في نفس مركز بيرلو (وفي نفس سنه تقريباً)، لم يصنع ولم يُسجل أي
هدف في البطولة، بينما بيرلو بـ366 تمريرة ساعد بالوتيلي على الانفراد خمس
مرات في البطولة وكاسانو مرتين وصنع هدفين الأول لدي ناتالي أمام إسبانيا
والثاني لكاسانو أمام جمهورية أيرلندا وسجل هدف رائع من ركلة ثابته تُدرس
أمام كرواتيا فضلاً عن ركلة جزاءه الرائعة أمام إنجلترا والتي صارت حديث
العالم. وفي قائمة التمريرات التي فتحت اللعب وأدت لحدوث هجمات للفريق،
يحتل تشافي المركز الثاني في تلك القائمة برصيد 20 تمريرة ويأتي من بعده
"شنايدر" برصيد 19 تمريرة ويحتل بيرلو المركز السادس برصيد 16 تمريرة فتح
بها اللعب، ومن هنا تخرج لنا مفارقة أخرى، فأكثر لاعب يُسدد على مرمى
الخصوم بفضل التمريرات القادمة من الخلف هو كريستيانو رونالدو برصيد 27
تصويبة لكن مَن يليه؟ (ماريو بالوتيلي) برصيد 17 تصويبة ثم كريم بنزيمة
برصيد 12 تصويبة وهو نفس رصيد إنييستا 12 تصويبة ولا يوجد سوى لاعب إسباني
واحد في قائمة أعلى 10 مصوبين على المرمى بينما يوجد بالوتيلي كما أسفلت
بـ17 تصويبة وكاسانو بـ11 تصويبة أي أن الهجوم الإيطالي لديه 28 تصويبة
بالتالي فإن التمريرات التي تصل للهجوم ذات قيمة وليست مُجرد تمريرات.
الكيف أهم من الكم في كرة القدم، يُمكن أن تُسجل بغزارة في مباراة واحدة كمهاجم لكنك في النهائي لا تسجل
وتهدر الانفرادات بغرابة، فيصبح كل ما قدمته عديم الفائدة، ويمكن أن تمرر
إلى الخلف وبالعرض وتصبح حسب الاحصائيات المُمرر الأعظم مثل تشافي لكن
الحقيقة غير ذلك، فما جدوى الاكثار من التمرير دون الذهاب نحو مرمى
المنافس؟ ومن الممكن أن تصبح حسب احصائيات عدد التسديدات المنتخب الأشرس
هجومياً مثل البرتغال مع كريستيانو رونالدو برصيد 50 تصويبة لكن عدد
الأهداف 5 بينما منتخب أخر مثل اليونان سدد في كل البطولة 10 تسديدات وسجل
5.