عليك السمع والطاعة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عليك
السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك رواه مسلم
الشرح
قال
المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث الواردة في وجوب طاعة ولاة
الأمور قال فيما نقله عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة اسمعوا
وأطيعوا يعني الزموا السمع والطاعة لولاة الأمور حتى لو استعمل عليكم عبد
حبشي . والنبي صلى الله عليه وسلم هنا يخاطب العرب يقول ولو استعمل عليكم
عبد حبشي غير عربي عبد أصلا وفرعا خلقه كأن رأسه زبيبة لأن شعر الحبشة غير
شعر العرب فالحبشة يكون في رؤوسهم حلق كأنهم الزبيب وهذا في باب المبالغة
في كون هذا العامل عبدا حبشيا أصلا وفرعا وهذا يشمل قوله : وإن استعمل
فيشمل الأمير الذي هو أمير السلطان وكذلك السلطان . فلو فرض أن السلطان غلب
الناس وسيطر وليس من العرب بل كان عبدا حبشيا فعلينا أن نسمع ونطيع لأن
العلة واحدة وهي أنه إن لم نسمع ونطع حصلت الفوضى # وزال النظام وزال الأمن
وحل الخوف فالمهم أن علينا أن نسمع ونطيع لولاة أمورنا إلا إذا أمروا
بمعصية وكذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
عليك والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك السمع والطاعة لولاة
الأمور في المنشط والمكره & في المنشط يعني الأمر الذي إذا أمروك به
نشطت عليه لأنه يوافق هواك وفي المكره في الأمر الذي إذا أمروك به لم تكن
نشيطا فيه لأنك نشيطا فيه لأنك تكرهه اسمع في هذا وهذا وفي العسر واليسر
حتى إذا كنت غنيا فأمروك فاسمع ولا تستكبر لأنك غني وإذا كنت فقيرا فاسمع
ولا تقل لا أسمع وهم أغنياء وأنا فقير اسمع وأطع في أي حال من الأحوال حتى
في الأثرة يعني إذا استأثر ولاة الأمور على الناس فعليهم أيضا السمع
والطاعة في غير معصية الله عز وجل فلو أن ولاة الأمور سكنوا القصور الفخمة
وركبوا السيارات المريحة ولبسوا أحسن الثياب وتزوجوا وصار عندهم الإماء
وتنعموا في الدنيا أكبر تنعم والناس سواهم في بؤس وشقاء وجوع فعليهم السمع
والطاعة لأننا لنا شيء والولاة لهم شيء آخر فنحن علينا السمع والطاعة وعلى
الولاة النصح لنا وأن يسيروا بنا على هدى # رسول الله صلى الله عليه وسلم
لكن لا نقول إذا استأثروا علينا وكانت لهم القصور الفخمة والسيارات المريحة
والثياب الجميلة وما أشبه ذلك لا نقول والله ما يمكن أن نسمع وهم في
قصورهم وسياراتهم ونحن في بؤس وحاجة والواحد منا لا يجد السكن وما أشبه ذلك
هذا حرام علينا يجب أن نسمع ونطيع حتى في حال الأثرة وقد قال الرسول عليه
الصلاة والسلام للأنصار رضي الله عنهم إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى
تلقوني على الحوض يقول للأنصار ذلك منذ ألف وأربعمائة سنة من ذاك الوقت
والولاة يستأثرون على الرعية ومع هذا يقول اصبروا حتى تلقوني على الحوض
فليس استئثار ولاة الأمور بما يستأثرون به مانعا من السمع والطاعة لهم
الواجب السمع والطاعة في كل ما أمروا به ما لم يأمروا بمعصية . نسأل الله
أن يصلحنا جميعا رعية ورعاة وأن يهبنا منه رحمة إنه هو الوهاب