حديث عما مضى.. بل، حديث عما سيأتي !
تعالوا لنرجع إلى الوراء أربعين أو خمسين سنة :تعالوا لنتخيّل وضع أسرة
سعودية - ورب هذه الأسرة - الذي قرّر بشجاعة أن يخرج بناته من المنزل
ليذهبن إلى المدرسة ، وذلك في مجتمع محافظ جداً يرفض مثل هذا العمل
ويستهجنه .. إن لم يكفّره!يخيّل لي أن رب هذه الأسرة وجد - في ذلك الوقت -
من يطعنه في شرفه وشرف بناته!والآن ... كم يستحق هذا الرجل وبناته (وأمثاله
من الرجال الذين قرّروا أن يعلموا بناتهم) الكثير الكثير من الشكر
والامتنان منّا .فلقد أصبح الأمر، أسهل وأقل حرجاً، للذين أتوا بعدهم .بل
إن كل فتاة تعلمت في هذه البلاد عليها دين تجاه هذا الرجل وبناته ، والذين
تحملوا الكثير لكي يصبح هذا الأمر سهلاً ومقبولاً من الجميع.حدثني أحد
الأصدقاء ، وقال:قبل أربع سنوات بالضبط...كنا مجموعة من الأصدقاء، تجمعنا
إحدى الاستراحات، وكان الحديث الذي يدور بيننا، يحمل الكثير من النقد
القاسي "لأحدهم" لأنه اشترى لزوجته هاتفاً نقالاً !الآن.. جميعنا، دون
استثناء، زوجاتنا يمتلكن هذه الأجهزة ، وعندما يتم فصلها نحن الذين نسارع
لسداد الفواتير!أين هي المشكلة؟هل نحن "مجتمع" جبان .. ينتظر دائما "الفرد"
الذي يأتي ليبادر ويغامر بارتكاب البداية ، وتحمل لعناتها ، ثم نأتي نحن
بعده بعد أن مهّد لنا الطريق؟أم إننا مثل أي مجتمع "محافظ " يخاف من
الجديد، ويتعامل معه بريبة وحذر، ونحتاج لسنوات لكي نقبل هذا الجديد، ونعرف
ما هو نافع فيه وما هو ضار؟هناك من يناضل الآن ، لفعل شيء ما ...هناك من
تناضل الآن ، لقول شيء ما ...وهناك - أيضاً - الكثير الكثير من المراقبين
الذين يصبون عليهم اللعنات صباح مساء .ترى .. هل نحتاج إلى خمسين سنة قادمة
، لكي ننتبه ، ونقول لهم : شكراً!أحد الأصدقاء ، قال:أنا مع حريّة المرأة
... شرط ألا تكون من أقاربي !- " مرثية " -يسجنونهيجلدونهيقتلونهوبعد
مُدّه..يجون أحفادهم، يرمون وردهفوق قبره، ويشكرونه!