أفلا تَتفكّرون بِسم اللطيفُ الخبير
لِكُلّ مقام مَقال
ما إنْ ينتهي الإنْسان مِنْ أمر
حتّى يُفَكّر في آخَر
وما أنْ تصْفوا حياتَهُ مِنْ أمرِ
حتّى يُكَدّرهُ آخر
وبينَ هّذِه وتِلْك
يعْجَز الإنْسان عن وصْف حالِه
تَقَلُّبات تشابُهات تناقضات
لا يَدري أينَ يَضعَ نفْسَه
فَتُقام تِلْك الحُروب الظروس
وتَشْتَعِلُ النّيران في كُلِّ مكان
وما إنْ تَضع الحروب أوزارها
وينْقَشِع غُبار اليأس
وتَنْجَلي تِلْكَ الغمامَة السّوداء
حتّى يَرى الإنسان نَفْسَهُ
على جُرِفٍ هاو
ما إنْ يَنْظُر إليهِ
حتّى يَرى تِلْكَ السِّباع
الّتي تخْطِف الأجْساد
وتنهَش اللحْم
وتلْعَقُ الدِّماء
فليُتَبصِر الإنْسان لِنَفْسهِ
في ذاك المَكان السّحيق
الّذي يَطْلُب المَزيد
ويَُبْصِر نفسهُ أيضاً
في مكانٍ آخَر
ما إنْ تقومَ تِلْكَ الحروب الظّروس
حتّى نَرى مَنْ يُكْفينا شرّ القِتال
وكَفَى الله المؤمِنونَ شرّ القِتال
ما إنْ نَتَفَكّر في خلقِِ الله
حتّى تَنْدَحِر تِلْك السّنون
و ينْقّشِع غُبار الظّنون
ويتَجَلّى الله بِرَحمته
الّتي وسِعَتْ كُلّ شيء
خلَق فأبْدَع
وصوّرَ فأحسَنْ
وعَدَلَ فأمّن
وسَخّرَ لَنا الخيْرات
ما لذّ وطاب
وسالَ لهُ اللعاب
و تَذَّوّقَهُ اللسان
وصَحّت فيهِ الأبدان
ويَشْحَن فيْنا الطّاقة
قبْل قِيام السّاعة
لِنَتَفَكّر في خَلْق السّماوات والأرض
واخْتِلاف الليل والنّهار
أفَلا تَتَفَكّرون