أسبانيا.. حضارة وتاريخ عريق
هي إحدى الدول الأوربية الشهيرة والتي تقترب كثيراً من قارة
إفريقيا حيث يفصل بينهما مضيق جبل طارق، وتعرف أسبانيا كواحدة من الدول
الأوربية التي تتمتع بتاريخ عريق وحضارة كبيرة، ونظراً لفتح المسلمين لها
ومكوثهم بها ما يقارب من ثمانية قرون أدى هذا لوجود حضارة عربية كبيرة
بها مازالت أثارها باقية إلي الآن من معالم أثرية ومباني عتيقة شيدت على
الطراز العربي وتجلى الفن المعماري الإسلامي في العديد من المدن
الأسبانية.
عرفت أسبانيا كواحدة من أهم المراكز الثقافية في أوروبا ولقد ظلت هكذا
لعدد كبير من القرون، ولأسبانيا طابع ثقافي وأثري ومعماري مميز يجعل
الكثير من السياح يفدون عليها من مختلف أنحاء العالم هذا بالإضافة لضمها
عدد من الجزر الرائعة والتي يعد من أشهرها جزر الكناري والتي تجد إقبال
سياحي هائل عليها.
عرفت أسبانيا باسم " هسبانيا " بعد الاحتلال الروماني لها وبعد أن أصبحت
مقاطعة رومانية، واسم أسبانيا في اللغة الأسبانية هو إسبانا والذي اشتق من
الاسم القديم هسبانيا.
الموقع
تقع مملكة أسبانيا جنوب غرب القارة الأوروبية، وتشترك في حدودها الشمالية
مع فرنسا ومن الشمال والشمال الغربي مع المحيط الأطلنطي، ومن الغرب مع
البرتغال، ويفصلها عن القارة الإفريقية جنوباً مضيق جبل طارق، وتمتد
سواحلها الشرقية على البحر الأبيض المتوسط، وتطل من الجهة الجنوبية أيضاً
على كل من البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلنطي.
وتقع جزر البليار في البحر الأبيض المتوسط وجزر الكناري في المحيط
الأطلنطي وتمثلان الإقليمين الجزريين للحكم الذاتي بأسبانيا، كما تنضم
مدينتي سبتة ومليلية إلي الحكومة الأسبانية.
معلومات عامة عن أسبانيا
المساحة : تبلغ مساحة أسبانيا 504.782 كم2.
عدد السكان: يبلغ عدد السكان 40.448.191 نسمة.
العاصمة : مدريد
اللغة: اللغة الرسمية هي اللغة الأسبانية، الكاستيانو وعدد من اللغات الأخرى مثل الباسكية، الجايجو، الكتلان.
العملة : اليورو
الديانة: الغالبية العظمي من الرومان الكاثوليك
مظاهر السطح
تشترك أسبانيا مع البرتغال في شبه الجزيرة الإيبيرية حيث تحتل أسبانيا
معظمها، وتغطي هضبة الميزيتا معظم الأراضي الأسبانية وهي هضبة واسعة
منبسطة ترتفع عليها العديد من السلاسل الجبلية والتي يعد من أهمها جبال
سييرا نيفادا في الجنوب، وعلى الحدود الفرنسية الأسبانية تمتد جبال
البرانس في الشمال، وتنقسم مظاهر السطح لأسبانيا إلي عدد من الأقاليم:
أول هذه الأقاليم هو إقليم الميزيتا وهو كما سبق أن ذكرنا هضبة واسعة جافة
منبسطة تغطي معظم أسبانيا يرتفع على هذه الهضبة العديد من الجبال
والتلال، كما تجري بها العديد من الأنهار منها نهر تاجو والذي يعد من أطول
الأنهار ولمسافة 1.007 كم وينبع من الميزيتا ماراً بالبرتغال ويصب في
المحيط الأطلنطي.
تأتي بعد ذلك منطقة الجبال الشمالية والتي تتكون من جبال البرانس وهي
سلاسل جبلية تقع في الجزء الشمالي الشرقي من أسبانيا على الحدود الأسبانية
الفرنسية، كما توجد جبال جاليسيا في الجهة الغربية، وجبال كانتابريا في
المنطقة الوسطى، تقوم الغابات بتغطية المنحدارات الشمالية ويتدفق العديد
من الأنهار القصيرة عبر الجبال.
من الأنهار الهامة الموجودة في أسبانيا نهر الأبيرو ويتكون حوض الأبيرو من
سهول عريضة تمتد في محاذاة النهر في الشمال الشرقي من أسبانيا ويعد واحد
من أطول الأنهار فيها فيمتد لمسافة تبلغ 909كم، وتعد المنطقة المحيطة به
منطقة زراعية هامة.
تمتد منطقة السهول الساحلية بامتداد الساحل الأسباني على البحر الأبيض
المتوسط، وتتميز هذه السهول بخصوبتها العالية وتعد من المناطق الزراعية
الغنية بأسبانيا، ومن المناطق الخصبة أيضاً حوض الوادي الكبير والذي يقع
في جنوب غرب أسبانيا ويمتد بمحاذاة نهر الوادي الكبير وهو من أعمق انهار
أسبانيا ومن أكثر الأنهار الصالحة للملاحة، وعلى الرغم من جفاف الحوض إلا
انه يندرج ضمن المناطق الخصبة بأسبانيا.
من المناطق التابعة للدولة الأسبانية جزر البليار والتي تتكون من خمس جزر
رئيسة بالإضافة لعدد من الجزر الصغيرة، من الجزر الكبيرة ميوركا،
مينوركا، إبيزا وهي مجموعة من الجزر الخصبة ويوجد بها عدد من السلاسل
الجبلية المنخفضة على امتداد الشاطئ الشمالي الغربي.
تعد منطقة جزر الكناري الواقعة في المحيط الأطلنطي أيضاً من المناطق
التابعة لأسبانيا وتضم سبع جزر رئيسية ويعتبر جبل بيكودي تيدي من أعلى
الجبال الأسبانية حيث يبلغ ارتفاعه 3.707 م ويقع في جزيرة تنريف.
المناخ
يختلف المناخ في أسبانيا باختلاف مظاهر السطح فالمناخ على خليج بسكي
والمحيط الأطلنطي معتدل حيث يكون بارداً رطباً، أما الهضبة الوسطى فيسودها
مناخ شديد الجفاف فالصيف بها حار جاف حتى أن مجاري الأنهار تجف وتعاني
الأرض من الجفاف، وتنخفض درجات الحرارة في مدريد في فصل الشتاء حيث تقترب
من الصفر، أما في فصل الصيف فترتفع درجات الحرارة حتى أنها تصل إلي 42
درجة مئوية، أما في الجنوب وعلى ساحل البحر الأبيض المتوسط فيسود مناخ شبه
استوائي حيث يسود في الصيف طقس حار جاف وفي الشتاء طقس بارد.
نظام الحكم
نظام الحكم بأسبانيا ملكية برلمانية، والملك خوان كارلوس الأول دى بوربون
هو الحاكم الحالي لأسبانيا، وولي عهده "أمير أستورياس" الأمير فيليبي دى
بوربون.
تحولت أسبانيا تبعاً لدستور عام 1978م إلي نظام الملكية البرلمانية بعد أن
ساد نظام الحكم المطلق للجنرال فرانثيسكو فرانكو في الفترة ما بين
(1939-1975م).
يحكم الدولة ملك بالوراثة وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة، وتتكون
السلطة التنفيذية من رئيس الحكومة الذي يقوم الملك بترشيحه ويتم اختياره
من قبل مجلس النواب وهو المسئول عن تعيين أعضاء مجلس الوزراء، وتتمثل
الهيئة الاستشارية في مجلس الدولة، وتضم السلطة التشريعية البرلمان والذي
يتكون من مجلس النواب "الكونجرس"، ومجلس الشيوخ "السنادو".
يرأس السلطة القضائية المجلس العام للسلطة القضائية ورئيسه هو رئيس
المحكمة العليا وهي أعلى محكمة في البلاد بالإضافة للمحكمة الدستورية.
كما يوجد عدد من الأحزاب السياسية في أسبانية ويعد حزبي " الحزب الشعبي" ،
" والحزب الاشتراكي العمالي الأسباني" أكبر كتلتين برلمانتين في
أسبانيا، بالإضافة لوجود عدد من الأحزاب الأخرى منها حزب اليسار المتحد،
حزب التقارب والوحدة، الحزب القومي الباسكي وغيرهم.
نبذة تاريخية
توالت على أسبانيا العديد من الحقب التاريخية والتي أثرت في التاريخ
الأسباني كثيراً ومازالت معالمها واضحة إلى الآن في المباني والأشكال
الأثرية التي مازالت قائمة قام الرومان بالدخول إلي الأراضي الأسبانية
واحتلالها لأكثر من أربعمائة عام فقاموا بأعمارها وإقامة العديد من
المنشات مثل الجسور والمباني والتي برز فيها الطراز الروماني كثيراً
بالإضافة لقناة سيجوفيا، توغلت الجيوش الرومانية في البلاد خلال الحرب
البونية الثانية ودخلت إلي البرتغال أيضاً وبذلك أخضعت شبه الجزيرة
الإيبيرية بأكملها للحكم الرومانين فتوافد عليها الرومانيين واستوطنوها
وأقاموا بها المدن وحفروا القنوات، وأصبحت الديانة المسيحية هي الديانة
الرسمية للبلاد.
وبعد أن دام حكم الرومان فترة من الزمن قامت القبائل الجرمانية باقتحام
الإمبراطورية الرومانية الغربية والتي تشمل أسبانيا فانهارت وأصبح القوط
هم المسؤلون عن الحكم في البلاد، وامتد حكمهم حتى أوائل القرن الثامن
الميلادي، حتى جاء الفتح الإسلامي لأسبانيا بقيادة طارق بن زياد وتحت
إشراف موسى بن نصير وكان ذلك في عام 711م، وتمكن المسلمون من فرض سيطرتهم
على المملكة القوطية الغربية وذلك في عام 718م.
شمل العصر الإسلامي في أسبانيا التقدم والازدهار وكان هناك نهضة علمية
عالية في العديد من المجالات هذا بالإضافة لإنشاء العديد من المباني
والمساجد والقصور التي سيطر عليها الطراز الإسلامي والتي مازال الكثير
منها موجود وشاهداً على مدى ازدهار هذه الحقبة في التاريخ الأسباني.
كما تبدأ الممالك قوية يحل بها الضعف في النهاية فانهار الحكم الإسلامي
للبلاد في أوائل القرن الحادي عشر الميلادي وانقسمت البلاد لعدد من
الدويلات الصغيرة، فلقد بدأت الممالك الشمالية والتي لم تخضع للحكم
الإسلامي في التوسع والامتداد جنوباً ، وانكمش الحكم الإسلامي في أسبانيا
لينحصر في غرناطة بعد سلسلة من المعارك بين المسلمين والممالك
النصارانية.
وبدأت أسبانيا سلسلة متتابعة من مراحل الهبوط والصعود وتنقلت بين العديد
من الممالك حتى تأسست الإمبراطورية الأسبانية، والتي سعت في إخضاع العديد
من الدول إلي سيطرتها.
المدن والسياحة
تعتبر السياحة إحدى مصادر الدخل الهامة لأسبانيا، وتتميز المدن الأسبانية
بوجود تنوع كبير في مظاهر السياحة بها فيجد السائح السياحة الثقافية
والسياحة الساحلية وغيرها، فنظراً لموقع أسبانيا المتميز المطل على سواحل
بحرية ممتدة على كل من البحر المتوسط شرقاً والمحيط الأطلنطي غرباً
بالإضافة لعدد من الجزر الرائعة القابعة في البحر المتوسط نجد أن سياحة
الشواطئ والمنتجعات تمتد على سواحل أسبانيا الرائعة مما يجذب العديد من
السياح، هذا بالإضافة لوجود العديد من معالم الحضارة الإسلامية المنتشرة
بين المدن الأسبانية.
من المعالم الأثرية والثقافية الموجودة بأسبانيا نذكر منها على سبيل
المثال وليس الحصر متحف البرادو في العاصمة الأسبانية مدريد والذي يضم
العديد من اللوحات الفنية التي تعبر عن العصور الفنية في أسبانيا وأوروبا،
كما يوجد متحف الملكة صوفيا للفن الحديث بمدريد ويضم أهم لوحات فناني
أسبانيا المعاصرين ممن عاشوا خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر
والقرن العشرين.
كما توجد كاتدرائية العائلة المقدسة في برشلونة، ومبنى لابيدريرا وهو احد
المعالم الأثرية المعمارية الهامة والذي قام المهندس المعماري غاودي
بتصميمه هو والكاتدرائية السابقة.
كما يوجد بأسبانيا العديد من القصور الملكية والكاتدرائيات، ومن القصور
الهامة والتي يفد عليها العديد من السياح قصر الحمراء بغرناطة ، هذا
بالإضافة للعديد من المعالم الأثرية التي خلفتها الحضارات السابقة والتي
توافدت على البلاد فنجد العديد من معالم الحضارة الإسلامية المتمثلة في
المساجد والمباني والقصور ذات الطراز الإسلامي، كما يوجد أيضاً ملامح من
الاثار الرومانية وغيرها العديد من المعالم الأثرية الاخرى التي تجذب
العديد من السياح.