عزف منفرد عزف منفرد | الأبطال يولدون مرتين
منيرة القحطاني
ياسر القحطاني موهبة وطنية سعودية قبل أن تكون هلالية نادراً ما يتكرر وجودها في الملاعب الرياضية. لم ينشغل الإعلام بلاعب مثله لاحقه كظله سلباً وإيجاباً، إن أبدع أسبغت عليه كل صفات العظمة والدهاء، وإن توارى بفعل الإصابات والضغوط النفسية جُرد من كل شيء، تعاقبت عليه الإصابات في العامين الأخيرين أدت إلى انحدار مستواه بشكل كبير، وانتظر الجميع من «الجواد الأصيل» أن ينهض من كبوته ويعاود الانطلاق، ولكن هذا الانتظار طال بشكل مزعج نفسياً لكل من كان يمنّي النفس بعودة قوية تعيد «ياسر2007»، ويكابر من يقول إن من نراه الآن هو ياسر، لا وربِّي فمن يلعب بالقميص رقم 20 ليس ياسراً ولا شبيهه.
من كان مضرب المثل في دهائه الكروي وحسن التصرف، أصبح مشتت الذهن غير مقنع أو مهاب الجانب لمن يعرفه جيداً، يتصرف أحياناً ببدائية في الكرات داخل منطقة الجزاء مع فقدان الكنترول الصحيح لتسلمها وتسليمها، وادعاء كثير للإصابة والتماوت مع كل كرة والتمثيل إن لزم الأمر والحدة في النقاش مع اللاعبين والحكام، والحصول على بطاقات مجانية بلا سبب وجيه.
ليس الهلال وحده من يحتاج إلى ياسر وينتظر منه الكثير، لأنه الهلال بإمكانه حل مشكلاته بإحضار مهاجم أجنبي متمكن قادر أن ينسي الجماهير ياسر، لكن المنتخب أكثر حاجةً ووضعه أشد حرجاً، فكلنا يعرف الأثر الذي تركه «الرباط الصليبي» على نايف هزازي وناصر الشمراني، وتدهور مستوى مالك معاذ وسعد الحارثي وكيف كان حال هجوم المنتخب في آسيا (هدف وحيد وليس بقدم مهاجم)، من هنا كانت الحاجة ملحة إلى ياسر أن يجلس مع نفسه جلسة مصارحة وشفافية لإعادة اكتشافها وصياغتها من جديد، يكون فيها هو الضيف والمحاور، فقد كبر ونضج وعليه أن يتعامل مع المستجدات باحترافية ويستوعبها جيداً ليدرك وبجلاء اختلاف الهلال عن القادسية وتميز من يلعب في الهلال على غيره، كونه تحت مجهر الإعلام الساطع وسيف الأقلام الحاد وأن يبتعد عن كل من خذلوه وتربصوا به الدوائر على ألا يستغني إن لزم الأمر عن العقلاء من النجوم الذين تعرضوا لمثل ما تعرض له.
الحفاظ على ياسر ليعود كما عهدناه «قناصاً» مرعباً يحتاج في نظري إلى إبعاده عن الاحتقان الداخلي وتشعباته وما فيها من قسوة في الطرح غايتها التحطيم وليس البناء، ويأتى ذلك بإعارته خارجياً لموسم واحد فيها يتحرر من كل الضغوط ويولد من جديد، لأن الأبطال ممن هم على شاكلة ياسر يولدون مرتين، والثانية عادة تكون أقوى تأثيراً وأشد توهجاً لأنها انتصار للذات العالية الهمة التي تأبى الاستسلام والخنوع.