2011-04-16, 10:36 | المشاركة رقم: |
إحصائية العضو | الجنس : | المساهمات : 43 | نقاط : 75 | السمعة : 0 |
| | موضوع: [ سورة الفاتحة] » أسماءها » فضلها » معانيها » أحكامها [ سورة الفاتحة] » أسماءها » فضلها » معانيها » أحكامها سورة الفاتحة
[ مكية وآياتها سبع نزلت بعد المدّثّر ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (2)الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (3)مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ(4) إِيَّــاكَ نَعْـبُدُ وَإِيَّــاكَ نَسْتَـعِينُ (5) اهْـدِنَا الصِّــراطَ الْمُسْــتَقِيمَ (6) صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ (7)
ما اشتملت عليه السورة :
تضمنت هذه السورة معاني القرآن العظيم ، واشتملت على أصول الدين وفروعه ، و تناولت العقيدة ، و العبادة ، و التشريع ، و الإيمان بالبعث وبصفات اللّه الحسنى ، و إفراده بالعبادة و الاستعانة و الدعاء ، والإرشاد إلى طلب الهداية إلى الدين الحق والصراط المستقيم ، وتجنب طريق المنحرفين عن هداية اللّه تعالى.
أسماء سورة الفاتحة :
للفاتحة اثنا عشر اسما ذكرها القرطبي وهي :
[[ الصلاة ]] .. : للحديث القدسي : « قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين »
[[ الحمد ]] .. : لأن فيها ذكرالحمد
[[ فاتحة الكتاب ]] .. : لأنه تفتتح قراءة القرآن بها لفظا وكتابة ، وتفتتح بها الصلوات
[[ أم الكتاب ]] و [[ أم القرآن ]] .. : في رأي الجمهور ،لقوله صلّى اللّه عليه وسلم : « الحمد للّه : أمّ القرآن ، وأمّ الكتاب ، والسبع المثاني »
[[ المثاني ]] .. : لأنها تثنى في كل ركعة
[[ القرآن العظيم ]] .. : لتضمنها جميع علوم القرآن ومقاصده الأساسية
[[ الشفاء ]] .. : لقوله صلّى اللّه عليه وسلم : « فاتحة الكتاب شفاء من كل سم »
[[ الرّقية ]] .. : لقوله صلّى اللّه عليه وسلّم لمن رقى بها سيد الحي : « ما أدراك أنها رقية »
[[ الأساس ]] .. : لقول ابن عباس : « ... وأساس الكتب : القرآن ، وأساس القرآن الفاتحة ، وأساس الفاتحة : بسم اللّه الرّحمن الرّحيم »
[[ الوافية]] .. : لأنها لا تتنصف ولا تحتمل الاختزال ، فلو نصفت الفاتحة في ركعتين لم يجز عند الجمهور
[[ الكافية ]] .. : لأنها تكفي عن سواها ، ولا يكفي سواها عنها
هذه هي أسماء سورة الفاتحة ، وأشهرها ثلاث : الفاتحة ، وأم الكتاب ، والسبع المثاني.
فضل سورة الفاتحة :
ثبت في الأحاديث الصحيحة فضل الفاتحة ، منها :
قوله صلّى اللّه عليه وسلم : « ما أنزل اللّه في التوراة ولا في الإنجيل مثل أم القرآن ، وهي السبع المثاني ، وهي- كما قال اللّه عز وجل في الحديث القدسي- مقسومة بيني وبين عبدي ، ولعبدي ما سأل »
ومنها أن النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال لأبي سعيد بن المعلّى : « لأعلّمنك سورة هي أعظم السور في القرآن : الحمد للّه رب العالمين ، هي السبع المثاني ، والقرآن العظيم الذي أوتيته »
وهذان الحديثان يشيران إلى قوله تعالى : وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ [الحجر 15/ 87] لأنها سبع آيات تثنى في الصلاة ، أي تعاد.
المفردات اللغوية لسورة الفاتحة :
الْحَمْدُ : الثناء بالجميل على الفعل الاختياري ، وهو أعم من الشكر ، لأن الشكر يكون مقابل النعمة.
اللَّهِ : علم على الذات العلية المقدسة ، ومعناه : المعبود بحق ، وقيل : إنه اسم اللّه الأعظم ، ولم يتسمّ به غيره. أما « الإله » فهو المعبود بحق أو باطل ، يطلق على اللّه تعالى وعلى غيره.
رَبِّ : الرب المالك والسيد المعبود والمصلح والمدبر والجابر والقائم ، فيه معنى الربوبية والتربية والعناية بالمخلوقات.
الْعالَمِينَ : جمع عالم ، وهو كل موجود سوى اللّه تعالى ، وهو أنواع كعالم الإنسان والحيوان والنبات والذر والجن. ولفظ العالم : اسم جنس لا واحد له من لفظه ، مثل رهط وقوم.
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ : صفتان للّه مشتقتان من الرحمة ، لوحظ في كل منهما معنى معين ، فالرحمن : صيغة مبالغة بمعنى : عظيم الرحمة ، وهو اسم عام في جميع أنواع الرحمة ، وأكثر العلماء على أن الرَّحْمنِ اسم مختص باللّه عزّ وجلّ ، ولا يجوز أن يسمى به غيره. والرَّحِيمِ بمعنى دائم الرحمة. ولما كان في اتصافه تعالى ب رَبِّ الْعالَمِينَ ترهيب ، قرنه بالرحمن الرحيم.
مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ : أي مالك يوم الحساب والمكافأة والجزاء على الأعمال ، والأمر كله في قبضته يوم القيامة ، ومن عرف أن اللّه ملك يوم الدين ، فقد عرفه بأسمائه الحسنى وصفاته المثلى.
إِيَّاكَ نَعْبُدُ : نخصك بالعبادة ولا نعبد غيرك ، ومعناه نطيع ، والعبادة : الطاعة والتذلل وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ : أي نطلب العون والتأييد والتوفيق ، ونخصك بطلب المعونة ، فأنت مصدر العون والفضل والإحسان ، ولا يملك القدرة على عوننا أحد. وقد جاء الفعلان « نعبد ونستعين » بصيغة الجمع ، لا بصيغة المفرد « إياك أعبد وإياك أستعين » للاعتراف بقصور العبد وحده عن الوقوف أمام اللّه ، فكأنه يقول : لا يليق بي الوقوف وحدي وبمفردي في مناجاتك ، وأخجل من تقصيري وذنوبي ، بل أنضم إلى سائر المؤمنين ، وأتوارى بينهم ، فتقبل دعائي معهم ، فنحن جميعا نعبدك ونستعين بك.
اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ : عرفنا ووفقنا ودلنا على الطريق الموصل إلى الحق ، وأرشدنا إليه ، وأرنا طريق هدايتك الموصلة إلى أنسك وقربك. والصراط المستقيم : الطريق المعتدل : طريق الإسلام الذي بعثت به أنبياءك ورسلك ، وختمت برسالاتهم رسالة خاتم النبيين ، وهو جملة ما يوصل إلى السعادة في الدنيا والآخرة ، من عقائد وأحكام وآداب وتشريع ديني ، كالعلم الصحيح باللّه والنبوة وأحوال الاجتماع.
صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ : أي طريق من أنعمت عليهم ، من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين السابقين ، وحسن أولئك رفيقا. غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ : أي لا تجعلنا مع أولئك الحائدين عن طريق الاستقامة ، المبعدين عن رحمة اللّه ، المعاقبين أشد العقاب ، لأنهم عرفوا الحق وتركوه ، وضلوا الطريق. ويرى الجمهور أن المغضوب عليهم هم اليهود ، والضالين هم النصارى. والحق : أن المغضوب عليهم : هم الذين بلغهم الدين الحق الذي شرعه اللّه لعباده ، فرفضوه ونبذوه. والضالون : هم الذين لم يعرفوا الحق ، أو لم يعرفوه على الوجه الصحيح ، وهم الذين لم تبلغهم رسالة أو بلغتهم بنحو ناقص .. التأمين : « آمين » دعاء أي تقبل منا واستجب دعاءنا ، وهي ليست من القرآن ، ولم تكن قبلنا إلا لموسى وهارون عليهما السّلام ، ويسن ختم الفاتحة بها ، بعد سكتة على نون وَلَا الضَّالِّينَ ليتميز ما هو قرآن مما ليس بقرآن.
ودليل سنيتهاما رواه مالك والجماعة (أحمد والأئمة الستة) عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال : « إذا أمّن الإمام فأمنوا ، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة ، غفر له ما تقدم من ذنبه » .
حديث وائل بن حجر : « سمعت النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم قرأ : غير المغضوب عليهم ولا الضالين ، فقال : آمين ، يمدّ بها صوته »
التفسير والبيان لسورة الفاتحة :
أرشدنا اللّه تعالى إلى أن نبدأ كل أعمالنا وأقوالنا بالبسملة ، فهي مطلوبة لذاتها ، محققة للاستعانة باسمه العظيم. وعلمنا سبحانه كيف نحمده على إحسانه ونعمه ، فهو صاحب الثناء بحق ، فالحمد كله للّه دون سواه ، لأنه مالك الملك ورب العوالم والموجودات كلها ، أوجدها ورباها وعني بها ، وهو صاحب الرحمة الشاملة الدائمة ، ومالك يوم الجزاء والحساب ليقيم العدل المطلق بين العباد ، ويحقق للمحسن ثوابه ، وللمسيء عقابه. فهذه الصفات تقتضينا أن نخص اللّه بالعبادة وطلب المعونة ، والخضوع التام له ، فلا نستعين إلا به ، ولا نتوكل إلا عليه ، ولا نعبد إلا إياه ، مخلصين له الدين ، لأنه المستحق لكل تعظيم ، والمستقل بإيجاد النفع ودفع الضر.
وقد تعصف الأهواء بالنفوس ، وتزيغ بالعقول ، فلا غاصم من التردي في الشهوات ومتاهات الانحراف إلا اللّه ، لذا أرشدنا الحق سبحانه إلى طلب الهداية والتوفيق منه ، حتى نسير على منهج الحق والعدل ، ونلتزم طريق الاستقامة والنجاة ، وهو طريق الإسلام القديم المستمر الذي أنعم اللّه به على النبيين والصديقين والصالحين . وهذا شأن العبد العابد الناسك العاقل العارف حقيقة نفسه ومصيره في المستقبل ، لا شأن الكافر الجاحد الضال المنحرف ، الذي أعرض عن طريق الاستقامة عنادا ، أو ميلا مع الأهواء ، أو جهلا وضلالا ، وما أكثر الضالين عن طريق الهداية ، المتنكبين منهج الاستقامة ، الذين استحقوا الغضب والسخط الإلهي!
فاللهم أدم علينا البقاء في طريق الهداية ، وتقبل ثناءنا ودعاءنا واحفظنا من الغواية والضلال. وبه تبين أن الناس فريقان : فريق الهدى ، وفريق الضلال
فقه الحياة أو الأحكام :
لا يوجد في القرآن آية بدون معنى أو فائدة أو حكمة أو تشريع ، فهو كلام اللّه المعجز دستور الحياة البشرية ، وبناء عليه ، يقصد بالآيات القرآنية تحقيق فائدة الإنسان في حياته الدينية والدنيوية والأخروية ، وتربطه بالحياة.
و تكون بالتالي الأحكام المستفادة من معاني الآيات مرتبطة ارتباطا وثيقا إما بالعقيدة أو بالعبادة أو بالأخلاق والسلوك أو بالتشريع الصالح للفرد والجماعة
و المعاني أو الأحكام المستفادة من الفاتحة تشمل صلة الإنسان باللّه ، وتحدد طريق مناجاته وترسم له نوع مسيرته في الحياة ، وتلزمه باتّباع المنهج الأقوم والطريق الأعدل ، الذي ل اانحراف فيه قيد أنملة عن جادّة الاستقامة ، ولا قبول بأي لون من ألوان الضلال والغيّ والانحراف. ومعنى البسملة في الفاتحة : أنّ جميع ما يقرر في القرآن من الأحكام وغيرها هو للّه ومنه ، ليس لأحد غير اللّه فيه شي ء.
1- كيفية حمد اللّه : الفاتحة تلك الآيات العاقدة للصلة مع اللّه ، والذي علّمنا اللّه إياها ، يقرؤها المؤمن في كل المناسبات ، في الصلاة وغيرها ، لأن بدايتها على تأويل : قولوا : الحمد للّه ربّ العالمين ، وذلك يقضي أن اللّه أمرنا بفعل الحمد ، وعلمنا كيف نحمده ونثني عليه ، وكيف ندعوه ، ويفهم منه أنّ من آداب الدعاء : أن يبدأ بحمد اللّه والثناء عليه ، ليكون ذلك أدعى إلى الإجابة.
2- قراءة الفاتحة في الصلاة : للعلماء رأيان في وجوب قراءة الفاتحة في الصلاة.
الرأي الأول- للحنفية : وهو عدم وجوب قراءة الفاتحة ، وإنما الواجب للإمام والمنفرد مطلق قراءة ، وهو قراءة آية من القرآن ، وأقلها عند أبي حنيفة آية بمقدار ستة أحرف ، مثل : ثُمَّ نَظَرَ [المدثر 74/ 21] ولو تقديرا ، مثل : لَمْ يَلِدْ إذ أصله : « لم يولد » [الإخلاص 112/ 3]. وقال الصاحبان : فرض القراءة ثلاث آيات قصار أو آية طويلة. واستدلوا بالكتاب والسنة والمعقول.
أما الكتاب : فقوله تعالى : فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ [المزمل 73/ 20] ، وهو أمر بمطلق قراءة ، فتتحقق بأدنى ما يطلق عليه اسم القرآن.
وأما السنة :فحديث المسيء صلاته : « إذا قمت إلى الصلاة ، فأسبغ الوضوء ، ثم استقبل القبلة ، فكبّر ، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن »
وأما حديث : « لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب » ، فمحمول على نفي الفضيلة ، لا نفي الصحة ، أي لا صلاة كاملة.
وأما المعقول : فهو أنه لا تجوز الزيادة بخبر الواحد الظني على ما ثبتت فرضيته بالدليل القطعي في القرآن ، ولكن خبر الواحد يقتضي وجوب العمل به ، لا الفرضية ، فقالوا بوجوب قراءة الفاتحة فقط ، أي أن الصلاة تصح بتركها ، مع الكراهة التحريمية. ولا قراءة مطلقا على المقتدي عند الحنفية ، سواء أكانت الصلاة سرية أم جهرية ، واستدلوا أيضا بالكتاب والسنة والقياس.
أما الكتاب : فقوله تعالى : وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ ، فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا ، لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون [الأعراف 7/ 204]
وهي تأمر بالاستماع والإنصات ، والاستماع خاص بالجهرية ، والإنصات يعمّ السريّة والجهريّة.
وأما السّنة : فقول النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم : « من صلّى خلف إمام ، فإن قراءة الإمام له قراءة » ، وهو يشمل السرية والجهرية .
وأما القياس : فهو أنه لو وجبت القراءة على المأموم ، لما سقطت عن المسبوق ، كسائر الأركان ، فقاسوا قراءة المؤتم على قراءة المسبوق في حكم الصلاة ، فتكون غير مشروعة.
الرأي الثاني - للمالكية والشافعية والحنبلية : وهو وجوب قراءة الفاتحة بعينها في الصلاة للإمام والمنفرد ، لقوله صلّى اللّه عليه وسلّم : « لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب »
وحملوا النفي على نفي الحقيقة ، لأن الأصل والأقوى أن النفي على العموم ، أي لا صلاة صحيحة ، ونفي الصحة أقرب إلى نفي الحقيقة.
وقوله عليه الصلاة والسلام أيضا : « لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب » ولفعله صلّى اللّه عليه وسلّم كما روى مسلم ، مع خبر البخاري : « صلوا كما رأيتموني أصلي »
قال القرطبي : الصحيح من هذه الأقوال قول الشافعي وأحمد ومالك في القول الآخر ، وأن الفاتحة متعينة في كل ركعة ، لكل أحد على العموم.
وتتعين عند الشافعية قراءة الفاتحة ، في كل ركعة ، للإمام والمأموم والمنفرد ، سواء أكانت الصلاة سرية أم جهرية ، فرضا أم نفلا ، لحديث : « لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب » وحديث : « صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الصبح ، فثقلت عليه القراءة ، فلما انصرف ، قال : إني أراكم تقرؤون وراء إمامكم ؟ » قال : قلنا : يا رسول اللّه ، إي واللّه ، قال : « لا تفعلوا إلّا بأمّ القرآن ، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ فيها »
فهو نص صريح خاص بقراءة المأموم ، دال على فرضيتها ، وظاهر النفي متجه إلى الإجزاء ، أي لا تجزئ ، وهو كالنفي للذات في المآل ، وقراءة الفاتحة مستثناة من النص القرآني الآمر بالاستماع إلى القرآن والإنصات له.
ورأى المالكية والحنابلة : أنه لا يقرأ المأموم الفاتحة في الصلاة الجهرية ، وإنما يستحب أن يقرأها في السرية ، لأن الأمر القرآني بالاستماع والإنصات للقرآن خاص بالصلاة الجهرية ، بدليل « أن النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة ، فقال : هل قرأ أحد منكم آنفا ؟ فقال رجل : نعم ، يا رسول اللّه ، قال : فإني أقول : ما لي أنازع القرآن ، فانتهى الناس عن القراءة مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فيما يجهر فيه من الصلوات بالقراءة ، حين سمعوا ذلك من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم »
وهذا صريح في كراهة القراءة للمؤتم حالة الجهر . وأما دليلهم على استحباب القراءة في حالة السرّ : فهو قول النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم : « إذا أسررت بقراءتي فاقرءوا »
3- استحضار معاني الفاتحة : على المصلي أن يستحضر في صلاته كل معاني الفاتحة من كون اللّه أعظم من كل عظيم ، وأكبر من كل شيء ، وأن كل ثناء جميل هو للّه تعالى استحقاقا وفعلا ، من حيث إنه الرّب خالق العالمين ومدبّر جميع أمورهم ، وأنّ رحمة اللّه مقرونة بعظمته وملكه وسلطانه وتصرفه دون غيره يوم الحساب ، فهو المستحق للعبادة وحده ، ومنه وحده تطلب المعونة على العبادة وعلى جميع الشؤون ، وهو سبحانه الدّال بتوفيقه ومعونته إلى طريق الخير والحق في العلم والعمل ، وللمؤمن في مناجاته قدوة حسنة وهم أولئك الذين أنعم اللّه عليهم بالإيمان والعمل الصالح ، من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، كما أن أمامه عبرة وعظة وهم الذين غضب اللّه عليهم بإيثارهم الباطل على الحق ، وترجيحهم الشّر على الخير ، والضّالون عن طريق الحق والخير بجهلهم ، الذين ضلّ سعيهم في الحياة ، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ، فمصيرهم إلى جهنم وساءت مصيرا. و أما الذين جاءوا على فترة من الرّسل كأهل الفترة في عصر الجاهلية ، فلا يكلفون في رأي الجمهور بشريعة ، ولا يعذبون في الآخرة ، لقوله تعالى :وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا [الإسراء 7/ 15]. وقال جماعة من العلماء : إنهم يكلّفون ويعذّبون ، لأن العقل وحده كاف في التكليف ، فمتى أوتيه الإنسان ، وجب عليه النظر في ملكوت السموات والأرض ، والتدبّر والتفكّر في خالق الكون ، وما يجب له من عبادة وإجلال ، بقدر ما يهديه عقله ، ويصل إليه اجتهاده ، وبذلك ينجو من العذاب.
4- قراءة غير العربي : أجمع الفقهاء على أنه لا تجزئ قراءة القرآن بغير العربية ، ولا الإبدال بلفظها لفظا عربيا ، سواء أحسن قراءتها بالعربية أو لم يحسن ، لقوله تعالى : قُرْآناً عَرَبِيًّا [يوسف 12/ 2] ، وقوله سبحانه : بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ [الشعراء 26/ 195] .
5- تأمين المصلي : يؤمن المنفرد اتّفاق ا. وأما الإمام : فيؤمن سرّا عند أبي حنيفة وفي الراجح عند المالكية ، لأنه دعاء . وروي عن مالك أنه قال :لا يؤمن وإنما يقول ذلك من خلفه وقال الشافعية والحنابلة : يجهر الإمام بالتأمين في الصلاة الجهرية ، كما بيّنا سابقا. والصحيح تأمين الإمام جهرا ، فإن ابن شهاب الزهري قال : وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول : آمين ، خرجه البخاري ومسلم وغيرهما ، و في البخاري :حتى إن للمسجد للجّة من قول الناس : آمين. وأما المأموم : فيؤمّن سرّا عند الحنفية والمالكية ، وجهرا فيما يجهر فيه بالقراءة ، ويخفيه فيما يخفي فيه القراءة عند الشافعية والحنابلة.
. .
نهــايـة : ما أجمل أن اكون ملم بجميع معاني هذه السورة الجليلة تـم نقـل الـتفسير لهذه السورة مع بعـض التـصرف مـن كــتاب : التفسير المنير فى العقيدة والشريعة والمنهج المؤلف : وهبة بن مصطفى الزحيلى .
|
| |