السعادة في سطور السعادة في سطور ,
السعادة في سطور
السطرالأول: فكّرواشكر:
والمعنى
أن تذكر نعم الله عليك فإذا هي تغمرك من فوقك؟من تحت قدميك ((وإن تعدوا
نعمت الله لا تحصوها)) صحة في بدن أمن في وطن غذاءوكساء وهواء وماء لديك
الدنيا وأنت ما تشعر تملك الحياة وأنت لا تعلم ((وأسبغعليكم نعمه ظاهرة
وباطنة)) عندك عينان ولسان وشفتان ويدان ورجلان ((فبأي ءالآءربكما تكذبان
)) هل هي مسألة سهلة أن تمشي على قدميك وقد بترت أقدام وأن تعتمدعلى ساقيك
وقد قطعت سوق أحقير أن تنام ملء عينيك وقد أطار الألم نوم الكثير وأنتملأ
معدتك من الطعام الشهي وأن تكرع من الماء البارد وهناك من عكر عليه
الطعامونغص عليك الشراب بأمراض وأسقام. تفكر في سمعك وقد عوفيت من الصمم
وتأمل في نظركوقد سلمت من العمى وانظر إلى جلدك وقد نجوت من البرص والجذام
والمح عقلك وقد أنعمعليك بحضوره ولم تفجع بالجنون والذهول.
أتريد
في بصرك وحده كجبل أحد ذهباأتحب بيع سمعك وزن ثهلان فضة هل تشتري قصور
الزهراء بلسانك فتكون أبكم هل تقايضبيديك مقابل عقود اللؤلؤ والياقوت لتكون
أقطع إنك في نعم عميمة وأفضال جسيمةولكنك لا تدري تعيش مهموما مغموما
حزينا كئيبا وعندك الخبز الدافئ. والماءالبارد والنوم الهانئ والعافية
الوارفة تتفكر في المفقود ولا تشكر الموجودتنزعج من خسارة مالية وعندك
مفتاح السعادة وقناطير مقنطرة من الخير والمواهبوالنعم والأشياء فكر واشكر
(( وفى أنفسكم أفلا تبصرون )) فكر في نفسك وأهلكوبيتك وعملك وعافيتك
وأصدقائك والدنيا من حولك ((يعرفون نعمت الله ثمينكرونها)).
السطرالثاني: ما مضى فات:
تذكر
الماضيوالتفاعل معه واستحضاره والحزن لمآسيه حمق وجنون وقتل للإرادة
وتبديد للحياةالحاضرة. إن ملف الماضي عند العقلاء يطوى ولا يروى يغلق عليه
أبدا في زنزانةالنسيان يقيد بحبال قوية في سجن الإهمال فلا يخرج أبدا ويوصد
عليه فلا ترى النورلأنه مضى وانتهى لا الحزن يعيده لا الهم يصلحه لا الغم
يصحح! لا الكدر يحييه؟لأنه عدم- لا تعش في كابوس الماضي وتحت مظلة الفائت
أنقذ نفسك من شبح الماضيأتريد أن ترد النهر إلى مصبه والشمس إلى طلعها
والطفل إلى بطن أمه واللبن إلىالثدي والدمعة إلى العين إنك بتفاعلك مع
الماضي وقلقك منه واحتراقك بنارهوانطراحك على أعتابه وضعا مأساويا رهيبا
مخيفا مفزعا.
القراءة في دفترالماضي ضياع للحاضر وتمزيق للجهد ونسف
للساعة الراهنة ذكر الله الأمم وما فعلتثم قال: (تلك أمة قد خلت )- انتهى
الأمر و.قضي ولا طائل من تشريح جثة الزمانوإعادة عجلة التاريخ.
إن
الذي يعود للماضي كالذي يطحن الطحين وهو مطحونأصلا وكالذي ينشر نشارة
الخشب. وقديما قالوا لمن يبكي على الماضي: لا تخرج الأمواتمن قبورهم وقد
ذكر من يتحدث على ألسنة البهائم أنهم قالوا للحمار_أجلّكم الله_ لم لا
تجتر؟ قال: أكره الكذب.
إن بلائنا أننا نعجز عن حاضرنا
ونشتغلبماضينا نهمل قصورنا الجميلة ونندب الأطلال البالية ولئن اجتمعت
الإنس والجن علىإعادة ما مضى لما استطاعوا لأن هذا هو المحال بعينه.
إن
الناس لا ينظرونإلى الوراء ولا يلتفتون إلى الخلف لأن الريح تتجه إلى
الأمام والماء ينحدر إلىالأمام والقافلة تسير إلى الأمام فلا تخالف سنة
الحياة.
السطرالثالث: يومك يومك:
إذا أصبحت فلا
تنتظر المساء اليوم فحسب ستعيش فلا أمسالذي ذهب بخيره وشره ولا الغد الذي
لم يأت إلى الآن. اليوم الذي أظلتك شمسهوأدركك نهاره هو يومك فحسب عمرك يوم
واحد فاجعل في خلدك العيش لهذا اليوم وكأنكولدت فيه وتموت فيه حينها لا
تتعثر حياتك بين هاجس الماضي وهمه وغمه وبين توقعالمستقبل وشبحه المخيف
وزحفه المرعب لليوم فقط اصرف تركيزك واهتمامك وإبداعك وكدكوحدك فلهذا اليوم
لابد أن تقدم صلاة خاشعة وتلاوة بتدبر واطلاعا بتأمل وذكرابحضور واتزانا
في الأمور وحسنا في خلق ورضا بالمقسوم واهتماما بالمظهر واعتناءبالجسم
ونفعا للآخرين. لليوم هذا الذي أنت فيه فتقسم ساعاته وتجعل من دقائقهسنوات
ومن ثوانيه شهور تزرع فيه الخير تسدي فيه الجميل تستغفر فيه من الذنبتذكر
فيه الرب تتهيأ للرحيل تعيش هذا اليوم فرحا وسرورا
وأمنا
وسكينةترضى فيه برزقك بزوجتك بأطفالك بوظيفتك ببيتك بعلمك بمستواك ((فخذ ما
ءاتيتكوكن من الشاكرين )) تعيش هذا اليوم بلا حزن ولا انزعاج ولا سخط ولا
حقد ولا حسد.
إن عليك أن تكتب على لوح قلبك عبارة واحدة تجعلها
أيضا على مكتبك تقولالعبارة: يومك يومك. إذا أكلت خبزا حارا شهيا هذا اليوم
فهل يضرك خبز الأمس الجافالرديء أو خبز غد الغائب المنتظر.
إذا شربت ماء عذبا زلالا هذا اليومفلماذا تحزن من ماء أمس الملح الأجاج أو ماء غد الآسن الحار.
إنك
لو صدقتمع نفسك بإرادة فولاذية صارمة عارمة لأخضعتها لنظرية: لن أعيش إلا
هذا اليوم. حينهاتستغل كل لحظة في هذا اليوم في بناء كيانك وتنمية مواهبك
وتزكية عملك فتقول: لليوم فقط أهذب ألفاظي فلا أنطق هجرا أو فحشا أو سبا أو
غيبة لليوم فقط سوف أرتببيتي ومكتبتي فلا ارتباك ولا بعثرة وإنما نظام
ورتابة. لليوم فقط سوف أعيش فأعتنيبنظافة جسمي وتحسين مظهري والاهتمام
بهندامي والاتزان في مشيتي وكلامي وحركاتي.
لليوم فقط سأعيش فأجتهد
في طاعة ربي وتأدية صلاتي على أكمل وجه والتزودبالنوافل وتعاهد مصحفي
والنظر في كتبي وحفظ فائدة ومطالعة كتاب نافع.
لليوم فقط سأعيش فاغرس في قلبي الفضيلة واجتث منه شجرة الشر بغصونهاالشائكة من كبر وعجب ورياء وحسد وحقد وغل وسوء ظن.
لليوم
فقط سوف أعيشفأنفع الآخرين وأسدي الجميل إلى الغير أعود مريضا أشيع جنازة
أدل حيران أطعمجائعا أفرج عن مكروب اقف مع مظلوم اشفع لضعيف أواسي منكوبا
اكرم عالما ارحمصغيرا أجل كبيرا.
لليوم فقط سأعيش فيا ماض ذهب
وانتهى اغرب كشمسك فلن. أبكي عليك ولن تراني أقف لأتذكرك لحظة لأنك تركتنا
وهجرتنا وارتحلت عنا ولن تعودإلينا أبد الآبدين.
ويا مستقبل أنت في
عالم الغيب فلن أتعامل مع الأحلامولن أبيع نفسي مع الأوهام ولن أتعجل
ميلاد مفقود؟ لأن غدا لا شيء لأنه لم يخلقولأنه لم يكن مذكو ر ا.
يومك يومك أيها الإنسان أروع كلمة في قاموسالسعادة لمن أراد الحياة في أبهى صورها وأجمل حللها.
السطرالرابع: اترك المستقبل حتى يأتي:
((أتى
أمر اللهفلا تستعجلوه)) لا تستبق الأحداث أتريد إجهاض الحمل قبل تمامه
وقطف الثمرة قبلالنضج إن غدا مفقود لا حقيقة له ليس له وجود ولا طعم ولا
لون فلماذا نشغلأنفسنا به ونتوجس من مصائبه ونهتم لحوادثه ونتوقع كوارثه
ولا ندري هل يحال بينناوبينه أو نلقاه فإذا هو سرور وحبور المهم أنه في
عالم الغيب لم يصل إلى الأرضبعد إن علينا أن لا نعبر جسرا حتى نأتيه ومن
يدري؟ لعلنا نقف قبل وصول الجسر أولعل الجسر ينهار قبل وصولنا وربما وصلنا
الجسر ومررنا عليه بسلام.
إنإعطاء الذهن مساحة أوسع للتفكير في
المستقبل وفتح كتاب الغيب ثم الاكتواء بالمزعجاتالمتوقعة ممقوت شرعا؟ لأنه
طول أمل ومذموم عقلا؟ لأنه مصارعة للظل. إن كثيرا منهذا العالم يتوقع في
!قبله الجوع والعري والمرض والفقر والمصائب وهذا كله منمقررات مدارس
الشيطان ((الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم- بالفحشاء والله يعدكم مغفرةمنه
وفضلا)).
كثير هم الذين يبكون؟ لأنهم سوف يجوعون غدا وسوف يمرضون
بعدسنة وسوف ينتهي العالم بعد مائة عام. إن الذي عمره في يد غيره لا ينبغي
له أنيراهن على العدم والذي لا يدري متى يموت لا يجوز له الاشتغال بشيء
مفقود لا حقيقةله.
اترك غدا حتى يأتيك لا تسأل عن أخباره لا تنتظر زحوفه؟ لأنك مشغولباليوم.
وإن تعجب فعجب هؤلاء يقترضون الهم نقدا ليقضوه نسيئة في يوم لمتشرق شمسه ولم ير النور فحذار من طول الأمل
السطرالخامس: كيف تواجهالنقد الآثم :
الرقعاء
السخفاء سبوا الخالق الرازق جل في علاه وشتمواالواحد الأحد لا إله إلا هو
فماذا أتوقع أنا وأنت ونحن أهل الحيف والخطأ إنك سوفتواجه في حياتك حربا
ضروسا لا هوادة فيها من النقد الآثم المر ومن التحطيم المدروسالمقصود ومن
الإهانة المتعمدة مادام أنك تعطي وتبني وتؤثر وتسطع وتلمع ولن يسكتهؤلاء
عنك حتى تتخذ نفقا في الأرض أو سلما في السماء فتفر من هؤلاء أنا وأنت
بينأظهرهم فانتظر منهم ما يسؤك ويبكي عينك ويدمي مقلتك ويقض مضجعك.
حسدواالفتى إذ لم ينالوا سعيه فالناس أعداء له وخصوم
إن
الجالس على الأرض لايسقط والناس لا يرفسون كلبا ميتا لكنهم يغضبون عليك
لأنك فقتهم صلاحا أو علماأو أدبا أو مالا فأنت عندهم مذنب لا توبة لك حتى
تترك مواهبك ونعم اللهعليكوتنخلع من كل صفات الحمد وتنسلخ من كل معاني
النبل وتبقى بليدا غبيا صفرامحطما مكدودا هذا ما يريدون بالضبط.
إذا
فاصمد لكلام هؤلاء ونقدهموتشويههم وتحقيرهم (( أثبت أحد)) وكن كالصخرة
الصامتة المهيبة تتكسر عليها حباتالبرد لتثبت وجودها وقدرتها على البقاء.
إنك إن أصغيت لكلام هؤلاء وتفاعلت به حققتأمنيتهم الغالية في تعكير حياتك
وتكدير عمرك ألا فاصفح الصفح الجميل ألا فأعرضعنهم ولا تك في ضيق مما
يمكرون. إن نقدهم السخيف ترجمة محترمة لك وبقدر وزنك يكونالنقد الآثم
المفتعل. إنك لن تستطيع أن تغلق أفواه هؤلاء ولن تستطيع أن تعتقلألسنتهم
لكنك تستطيع أن تدفن نقدهم وتجنيهم بتجافيك لهم وإهمالك لشأنهم
وإطراحكلأقوالهم (( قل موتوا بغيظكم )).
ما أبالي أنب بالحزن تيس أو لحاني بظهرغيب لئيم
بل تستطيع أن تصب في أفواههم الخردل بزيادة فضائلك وتربية محاسنكوتقويم اعوجاجك.
إذا محاسني اللاتي أدل بها كانت عيوبي فقل لي كيف أعتذر
إن كنت تريد أن تكون مقبولا عند الجميع محبوبا لدى الكل سليما من العيوبعند العالم فقد طلبت مستحيلا وأفلت أملا بعيدا.
قال حاتم:
وكلمةحاسد من غير جرم سمعت فقلت مر فانفذيني
وعابوها علي ولم تعبني ولم يندلها أبدا جبيني