صِلْ من قطعك، وأعطِ من حرمك، وأعرض عمن ظلمك
[size=21]
صِلْ من قطعك،
وأعطِ من حرمك،
وأعرض عمن ظلمك
أخي الكريم أختي الكريمة عليك بفواضل الأعمال،
ودع عنك قبيحها وسيئها، واعمل بوصية ربك ورسولك، وتخلق بخلق الأنبياء
الأخيار، واحذر سلوك الحمقى الأغمار.
عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه قال:
لقيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت بيده فقلت:
يا رسول الله، أخبرني بفواضل الأعمال؛ فقال:
“يا عقبة، صِلْ من قطعك، وأعطِ من حرمك، وأعرض عمن ظلمك”.
[56]
واحرص
أخي المسلم أن تكون سيرتك مع أهلك وأقاربك المحسنين منهم والمسيئين
كسيرة المقنع الكندي[57] مع أهله وعشيرته، لتسعد في آخرتك،
وتُحمد وتُشكر في دنياك،
حيث قال مبيناً منهجه ومعاملته لهم:
يعـاتبني في الديـن قومي وإنمـا ديوني في أشيـاء تكسبهـم حَمْداً
أسُـدُّ به ما قد أخلـوا وضيعـوا حقـوق ثغـور ما أطاقوا لها سداً
و لي جفنة لا يغلق البـاب دونهـا مكللــة لحمــاً مدفقـة ثـرداً
ولي فرس نهـد عتيــق جعلته حجـاباً لبيتي ثم أخـدمته عبــداً
وإن الـذي بيني وبيـن بني أبي وبيـن بني عمي لمختلـف جـداً
إذا أكلوا لحمي وفـرتُ لحومهـم وإن هدمـوا مجدي بنيتُ لهم مجداً
وإن ضيعوا غيبي حفظتُ غيوبهم وإن هُمْ هَووا غيِّي هويتُ لهم رشداً
وليسوا إلى نصري سراعاً وإن هُمُ دَعَـوْني إلى نصـر أتيتُهم شـداً
وإن زجروا طيراً بنحس يمـر بي زجـرت لهم طيـراً يمر بهم سَعْداً
ولا أحمل الحقـد القديـم عليهـم وليس رئيسُ القوم من يحملُ الحقدا
لهم جـلُّ مالي إنْ تتـابع لي غنى وإن قـلَّ مـالي لم أكلفهم رفــداً
وإني لعبـد الضيف مـا دام نازلاً وما شيمة لي غيرهـا تشبه العبـدا
وأخيراً اعلم أن العبرة بسلامة الصدر، وتقارب القلوب، ونقاء الطوية والسريرة،
ولله در ابن عباس حين قال:
“قد تقطع الرحم، وقد تكفر النعمة، ولا شيء كتقارب القلوب”؛ وفي رواية عنه:
“تكفر النعمة، والرحم تقطع، والله يؤلف بين القلوب لم يُزحزحها شيء أبداً”؛
ثم تلا:
“لو أنفقتَ ما في الأرض جميعاً ما ألفتَ بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم”.
[58]
اللهم ألف بين قلوب المسلمين، واهدهم سبل السلام،
وجنبهم الفتن والإحن والآثام.
ونسألك اللهم قلباً سليماً، ولساناً صادقاً، ونسألك شكر نعمتك، وحسن عبادتك، ونسألك من خير ما نعلم، ونعوذ بك من شر ما تعلم، ونستغفرك لما تعلم،
إنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور،
وصلى الله وسلم وبارك على محمد صاحب القلب السليم،
والقدر العظيم، وعلى آله وصحبه الطاهرين الطيبين،
وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين