الحيـــــــــــاء في الإســـــــــــــلام وعلى أله وصحبهِ أجمعين
وارضى اللهم عن الصحابة ومن إهتدى بهديهم واستن بسنتهم إلى يوم الدين ,
أبرءُ من الثقة إلا منك ,
ومن الأمل إلا فيك ,
ومن التسليم إلا لك ,
ومن الطلب إلا منك ,
ومن الصبر إلا على بابك ,
ومن الذل إلا في طاعتك ,
ومن الرجاء إلا بما في يديك الكريمتين,
ومن الرهبة إلا لجلالك العظيم,
اللهم تتابعت الركى واتصل خيرك
وكمل عطائك وعمت فواضلك
وتمت نوافلك وبر قسمك
وصدق وعدك وحُقَ على أعدائك وعيدك
فلم تبقى حاجة لنا إلا قضيتها برحمتك يا أرحم الراحمين ,
أيها الأخوات والأخوة :
مازلت وإياكم مع شجرة الإيمان والإسلام ,
نقطتف من ثمارها اليانعة
نقتطف من أخلاقها
ومن أخلاق هذا الدين العظيم
الذي جاء به الإسلام أمراً بهِ المسلم
ليكون مسلماً حقا مؤمناً صدقا ,
واليوم نتكلم عن
( خُلق الحياء في الإسلام)
وقد عرف أهل العلم الحياء بقولهم :
هو الكف عن كل مايستخفه العقل ويهجهُ الذوق
وإستنكار كل ما لايرضى به الخالق والمخلوق
وهو خٌلق شريف يمنع المرء فعل المحرمات وإتيان المنكرات
ويصونهُ عن الوقوع في الأوزار والآثام
ومن فقد الحياء
فقد مروئته
ومن فقد مروئته خسر كل خير وفضل
والحياء صفة من صفات الأنبياء والمرسلين
وقد وصِفَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحياء
فمما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه يقولُ :
كان النبي صلى الله عليه وسلم
(أشد حياء من العذراء في خدرها) في الصحيحين
والنبي عليه الصلاة والسلام بين لنا خُلق الحياء
وأنه من أعظم الأخلاق وأميزها التي يتميز بها المسلم والمسلمة
فقال عليه الصلاة والسلام :
(الإيمان بضعٌ وستون شعبة والحياء شعبةٌ من الإيمان ) رواه البخاري
(الإيمان بضعٌ وسبعون شعبة والحياء شعبةٌ من الإيمان ) رواه مسلم
فمن فقد حيائه فلا إيمان له
وقال رسول الله عليه الصلاة والسلام :
(الحياء لا يأتي إلا بخير) رواه البخاري ومسلم
السؤال :لا حياء في الدين هل هو حديث أم مقولة ؟
الـجواب :هذا ليس بِحديث بل هو من كلام الناس
وهم يَقصدون به : أن الدِّين لا يَمنع من السؤال ، هذا مقصود من يُطلق هذا القول .
والأولى أن يُستبدل باللفظ الشرعي ،
وهو قول أم سلمة رضي الله عنها حيث قالت :
يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق ، فهل على المرأة من غسل إذا احتلمت ؟
قال (إذا رأت الماء ,فَغَطّتْ أم سلمة ,تعني وجهها
وقالت :يا رسول الله ! وتحتلِم المرأة ؟!
قال (نعم ترِبت يمينك فبِمَ يشبهها ولدها ) رواه البخاري ومسلم
المفتي :الشيخ عبد الرحمن السحيم
لذلك على المسلم أو المسلمة أن يقولا:
(إن الله لا يستحيي من الحق)
أما القرأن فقد ذكر لنا قصة موسى مع شعيب عليهما الصلاة والسلام ,
وذكر لنا قصة إبنة شعيب التي جأت إلى موسى عليه السلام تطلب منه ان يكلم والدها
وقد شبه القرأن مشية إبنة شعيب ( بالمشية العظيمة التي اتسمت فيها خبرة العفة والوقار)
قال سبحانه وتعالى :
(فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا
فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) القصص 25
الحياء امرٌ معنوي وكأن الحياء بساطٌ مُدَ تحت قدميها
والنبي موسى عليه الصلاة والسلام
إتصف الحياء بالحياء
والعفة بالعفة
والمُكرُمة بالمُكرُمة
والخُلق بالخُلق
طلب منها أن تسير خلفه وان تقذف لهُ بالحصى عسى أن تدله على الطريق ,
أي حياء هذا وأي مكرُمة
وأي وصف إتصف به موسى عليه السلام
واتصفت به إبنة شعيب عليه السلام
وما أجمل الحياء في المرأة
وما أجمل الخُلق في المرأة
لأن المرأة إذا حفظت حيائها :
حفظت كرامة زوجها
حفظت كرامة أهلها
حفظت كرامة عائلتها
وإذا المرأة ضيعت حيائها ومروئتها وكرامتها
عندها أقم عليها وعلى عائلتها مأتماً ؟؟
وقد قال العلماء :
الحياء في الرجل يدلُ على كرمهِ وأخلاقهِ
والحياء بالمرأة يدلُ على عفتها
والحياء بالولد يدلُ على ذكائهِ وأدبه
قال الشاعر :
إذا قلَ ماء الوجه قلَ حيائهُ ولا خير في وجهٍ إذا قلَ مائهُ
حيائكَ فاحفظه عليك فإنما يدلُ على فعل الكريم حيائهُ
وقال الشاعر أيضا :
رأيتُ الحر يجتنبُ المخازي ويحميه عن الغدر الوفاءُ
يعيش المرء ماستحيا بخير ويبقى العود مابقي اللحاءُ
فلا والله مافي العيش خير ولا الدنيا إذا ذهب الحياء ُ
إذا لم تخشى عاقبة الليالي ولم تستحي فافعل ماتشاءُ
وقال الشاعر أيضا:
إذا لم تصن عرضاً وتخشى خالقا وتستحي مخلوقا فما شئت فاصنع
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( إذا لم تستحي فاصنع ماشئت ) رواه البخاري
لماذا ؟؟؟؟
لأن الأنسان إذا ذبح الحياءُ من قلبهِ
وذبح الحياءُ من صميمه
فهو قبر يسير على الأرض
وهو دابةٌ بصورة بشر !!!
والمجتماعات اليوم ما هوت وما فسقت
إلا عندما ذبح الحياء من قلوب وعقولِ بعض الرجال
قال الحكماء :
(إذا ذهب الحياء نزل البلاء )
ونحنُ اليوم في فصل الشتاء
ذهب أيلول وتشرين الأول وتشرين الثاني
ومازال الورق الأخضرُ