الإيمان والاستقامة
حمداً لله تعالى مشفوعاً بالتوحيد والتقديس0
حمداً لله الذي خَصّ نبيَّه محمّداً وأهلَ بيته عليه وعليهم أفضل الصلوات والتسليم بالاجتباءِ والاصطفاء، والتطهيرِ والتكريم، وأمرَ بالصلاةِ عليه وعليهم كما أمرَ بالصلاةِ على إبراهيم وآلِ إبراهيم، وجعل معرفتَهم براءةً من النار، ومحبّتَهم جوازاً على الصراط، وولايتَهم أمْناً مِن العذابِ الأليم.
والصلاة والسلام على سيدنا محمّدٍ النبيِّ الأُمّيِّ الذي هو على خُلُقٍ عظيم، وبالمؤمنين رؤوفٌ رحيم.
وعلى ذريّتهِ وأهل بيته وعترته , الذين بذِكْرهم تُستدفَعُ نوازلُ البلاء والضرر، ويُستعاذُ من سوء القضاء وشرّ القَدَر، ويُستنزل بهم في المُحول نَوافعُ المطر، ويُستقضى بهم على غلَبات اليأس وجوامعِ الوَطَر, جَمالُ ذي الأرضِ كانوا في الحياةِ , وهُم بـعـد المـمـاتِ جـمالُ الكُتْـبِ والـسِّيَـرِ
عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال : قلت يا رسول الله ( صلي الله عليه وسلم) قل لي قولاً في الإسلام لا أسأل عنه أحداً بعدك , قال قل آمنت بالله فاستقم
هذا حديث عظيم الشأن ورفيع القدر جرى للصحابي الجليل سيدنا سفيان بن عبد الله الثقفي مع سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم حين أراد أ يظفر بقبس من هدي النبوة والاستغناء عن ألتماس النصيحة من أحد بعد سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم , حيث سأله قائلاً يا رسول الله ( صلي الله عليه وسلم) قل لي قولاً في الإسلام لا أسأل عنه أحداً بعدك!
علمني يا رسول الله ( صلي الله عليه وسلم) قولاً في الإسلام جامعاً كافياً في المقاصد التي تكفل الاستقامة والصلاح للفرد والمجتمع , كلاماً جامعاً لمعاني الدين بحيث لا أحتاج لتفسير من غيرك 0
فأجابه سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم قائلاً قل آمنت بالله0
جدد إيمانك دائماً بالقلب ذاكراً باللسان مستحضراً لمعاني الإيمان الشرعية التي جاء به سيدنا جبريل عليه السلام 0
روى الشيخان من حديث سيدنا أبي هريرة عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنهما في هذا الحديث
( 000000 قال أخبرني عن الإيمان قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الأخر وتؤمن بالقدر خيره وشره قال صدقت 0
أما الاستقامة فهي السلوك الصحيح للإيمان والطريق السوي والمنهج السليم في العقيدة والخُلق والعبادة والمعاملة من صحة الإيمان بالله وإتباع ما جاء به سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم0
قال عنها سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه الاستقامة أن تقوم على الأمر والنهي ولا تروغ عنه رواغان الثعلب
قال الله تعالي (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ) هود 112
الأمر هنا للتأكيد من الله تعالي إلي سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم للتأكيد علي الاستقامة لأنه صلي الله عليه وسلم كان علي الاستقامة دائماً , وأمر الله تعالي أتباع سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم بالثبات والدوام علي الاستقامة فقال تعالي (وَمَنْ تَابَ مَعَكَ)
وامتدح الله تعالي من امتثل منهم الأمر وأذعن فقال تعالي ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ* نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ) الآيات 30- 32 فصلت
وإذا كان هذا هو الكرامة المعجلة فكيف بالمؤجلة ؟
فالإيمان أقوال وأفعال وإذعان وامتثال , والقول الخالي من العمل كجسد بدون روح لا خير فيه ولا يرجى منه نفع
وهكذا تلقي سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم هذه التعاليم من الله تبارك وتعالي بالوحي الكريم الذي لا يقبل التحريف أو التبديل فقال تبارك وتعالي (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) 41- 42 فصلت
ثم نقله سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي الأمة في أكمل صورة وأتم معنى فأيقظ به قلوباً غافلة وأحيا نفوساً ميتة , قال تبارك وتعالي (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) 122 الأنعام