التفكك الاسري بالأمس كان أجدادنا وأباؤنا يفتخرون بأحاديثهم عن الماضي ويسردون علينا القصص والأمثال التي تتميز بالمحبة والصدق والإخلاص والحفظ والغيرة على الجار من أي مكروه إضافة إلى الأمانة المتبادلة بين بعضهم البعض دون كتابة ورقة ومستند وشهود.
كان الجار عندما يطلب من جاره مساعدة أو مبلغاً معيناً يأخذه إلى مكان بعيد عن الناس ويعطيه دون علم أحد حفظاً على سمعته وعدم إحراجه، وكان الرجل الكبير في السن والمقام قدوة واحتراماً للجميع والكل يصغي لحديثه بكل احترام وتقدير وينفذون أوامره دون تردد لأنها صادقة وعادلة إضافة لحل المشكلات في لحظتها دون اللجوء إلى المحاكم ومخافر الشرطة..حقاً لقد مضت تلك الأيام وذهبت مع رياح الزمان تاركة الذكرى لأجيالنا الحالية يتحدثون بها فقط دون أن يتقيدوا بها. لقد تغيرت الحياة والزمان وأصبح الأخ والأخت والابن والأب على غير وفاق مع بعضهم البعض والجار يحسد جاره والصديق يبحث عن مطب لصديقه ولعنة الزمان حلت علينا وأصبح الكره والحسد والحقد والفرقة تحلّ مكان المحبة والصدق والوفاء والأمانة.
وأبواب المحاكم مشرعة والسجون ممتلئة وأقسام الشرطة على مدار24 ساعة ترحب بالظالم و المظلوم.
بالله عليكم إلى أين ذاهبون...؟
سيدي القارئ سوف أقص عليك هذه القصة لكنها ليست من صنع الخيال بل حقيقة حدثت منذ شهرين.
أسرة مؤلفة من أب وأم وثمانية ابناء والجميع متأهل، منهم من يعيش داخل القطر ومنهم خارجه.
الأب يملك منزلاً كبيراً في ضواحي دمشق ويسكن معه أحد أبنائه مع زوجته وأولاده . علماً بأن هذا الابن يملك عدة بيوت في مدينة دمشق وريفها وقد لجأ لتأجير هذه البيوت التي يملكها مستفيدا منها ببقائه مع عائلته في منزل الأب.. توفيت الأم قبل سبع سنوات إثر حادث مروري وبقي الأب في منزله مع ابنه وزوجته وبعد عدة سنوات عجز الأب بسبب مرضه وكبر سنه الذي تجاوز الثمانين عاما وكان أولاده المقيمون في مدينة دمشق يترددون عليه باستمرار وشبه يومي، ثم اتفق الأبناء على أن يأتوا له بإمرأة تعينه بالمأكل والمشرب والملبس مقابل راتب شهري بحدود عشرين ألف ليرة سورية. لكن للأسف لم تعمل أكثر من شهرين بسبب المضايقات التي حصلت عليها من زوجة ابنه المقيم معه. بعد ذلك تم الاتفاق مع زوجة ابنه بأن تقوم العمل نفسه لخدمته مقابل أن تحصل على المبلغ المذكور وهكذا دام مرض وعجز الأب حتى توفي منذ شهرين تقريبا.
والمفاجأة التي حصلت بعد وفاة الأب للأبناء حصولهم على قيد عقاري بأن الأب باع زوجة ابنه المقيمة معه المنزل بمبلغ سبعة آلاف ليرة سورية وحسب العقد المرفق بالسجل العقاري يقول بأنه امتنع المالك أي الأب عن التسجيل والفراغ لها مما ساعدها على رفع دعوى على عمها والد زوجها بمساعدة ابنته المحامية التي كانت تمتلك وكالة عامة عن أبيها وبموجب الوكالة تم تسجيل الملكية في السجل العقاري علما أن الأب كان على فراش الموت وفاقد الصحة والوعي وبقيت هذه المبايعة سرا حتى بعد وفاته ومن دون علم باقي الورثة..
وتقدر القيمة الحقيقية لهذا المنزل بما لا يقل عن خمسة ملايين ليرة سورية.
ومن هنا نطرح السؤال كيف يرضى أخ أن يمتلك هو وزوجته منزل والده ويحرم باقي اخوته من دون وجه حق من ورثة والدهم كذلك كيف تتآمر أخت محامية مع زوجة أخيها وتستخدم وكالة عامة عن أبيها المريض والعاجز بالبيع والفراغ دون علم باقي اخوتها الورثة.
بالله عليكم لا تعتبوا علي عندما قلت بأن زمان الأخلاق وصدق المحبة قد ولّى وذهب ولا تستغربوا عندما أقول لكم بأن الطمع والجشع يحول الأخوة إلى أعداء في هذه الأيام.