( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَمُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ
حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ )
فمن أراد أن يعلم ماله عند الله فلينظر ما الله عندهم
فأحذر أن يفضحك ميراثك عند موتك.
أخي أختي أمامك عظيمات خالدات صالحات شرفهم ميراثهم عند موتهم
معاذة العدوية
" لأني لا أراني أدرك بعد ذلك فرضًا"
كانت معاذة العدوية إذا جاء النهار قالت: هذا يومي الذي أموت فيه، فما تنام حتى تمسي وإذا جاء الليل
قالت: هذه ليلتي التي أموت فيها فلا تنام حتى تصبح وإذا جاء البرد لبست الثياب الرقاق حتى يمنعها البرد من النوم.
و كانت تقول : عجبت لعين تنام وقد عرفت طول الرقاد في ظلم القبور
وعن ثابت البناني أن صلة بن أشيم في مغزى مع ابن له فقال : أي بني تقدّم فقاتل حتى أحتسبك ، فحمل فقاتل حتى قُتل
ثم تقدم فقُتل فاجتمعت النساء عند أمرأته معادة العدوية فقالت : مرحبا إن كنتُنّ جئتن تهنئنني و إن كنتن جئتن لغير فارجعن
ولما احتضرت معاذة العدوية بكت ثم ضحكت. فقيل لها: مِمّ بكيتِ ثم ضحكتِ. فممّ البكاء وممّ الضحك؟
قالت: أما البكاء الذي رأيتم فإني ذكرت مفارقة الصيام والصلاة والذكر فكان البكاء لذلك، وأما الذي
رأيتم من تبسمي وضحكي فإني نظرت إلى أبي الصهباء قد أقبل في صحن الدار، وعليه حلتان خضراوان
وهو في نفر، والله ما رأيت لهم في الدنيا شبها فضحكت إليه ولا أراني أدرك بعد ذلك فرضا.
فماتت قبل أن يدخل وقت الصلاة.
زهراء الوالهة
وموتها شوقًا إلى ربها
عن محمد بن سلمة قال: سمعت ذا النون المصري بينما أنا في بعض أودية بيت المقدس إذ سمعت صوتاً يقول:
يا ذا الأيادى التي لا تُحصى , ويا ذا الجود والبقاء , متِّع بصر قلبي في الجولان في بساتين جبروتك
واجعل همتى متصلة بجود لطفك، يا لطيف, وأعذنى من مسالك المتجبرين بجلالك وبهائك يا رءوف
واجعلنى لكفي الحالات خادماً وطالباً وكن لى يا منور قلبى وغاية طلبى صاحباً
قال ذو النون : فطلبت الصوت فإذا امرأة كأنها عود محترق عليها درع صوف وخمار أسود قد أضناها
الجهد وذوبهاالحب وقتلها الوجد. فقلت لها: السلام عليكم.فقالت:و عليك السلام يا ذا النون
فقلت لها : بالله عليكِ كيف عرفتنى وعرفتِ اسمى وأنتِ لم ترينى من قبل
فقالت: كشف عن سري الحبيب فرفع عن قلبى حجاب العماء فعرّفنى باسمك
فقلت : ارجعى إلى مناجاتك فقالت: أسالك يا ذا البهاء أن تصرف عنى شر
ما أجد وأعانى فقد استوحشت الحياة ثم خرت ميتة وفارقتها الروح
فبقيت متحيراً متفكرًافى أمرى حتى أقبلت امرأة عجوز فنظرت إليها ثم قالت:
الحمد لله الذي كرّمها فقلت لها : من هذه ؟ فقالت: ألم تسمع بزهراء الوالهة؟
هذه ابنتى توهّم
الناس منذ عشرين سنة أنها مجنونة وإنما قتلها الشوق إلى ربها
ابنة مُنيبة البصرية
التراب يحثى على شبابي ولم أشبع من طاعـة ربي
قال أبوعياش القطان: كانت امرأة بالبصرة متعبدة يقال لها مُنيبة، ولها ابنة أشد عبادة منها، فكان الحسن
كلما رآها تعجب من عبادتها على حداثتها، فبينما الحسن ذات يوم جالس إذ أتاه آتٍ، فقال : أما علمت أن الجارية قد نزل بها الموت؟
فوثب الحسن فدخل عليها، فلما نظرت إليه بكت، فقال لها: ما يبكيك؟
فقالت له: يا أبا سعيد، التراب يُحثي على شبابي ولم أشبع من طاعة ربي، يا أباسعيد، انظر إلى
والدتي وهي تقول لوالدي: احفر لابنتي قبراً واسعاً، وكفَّنها بكفن حسن، والله لو كنت أجهَّز إلى مكة
لطال بكائي، كيف وأنا أجهز إلى ظلمة القبور، ووحشتها، وبيت الظلمة والدود؟
موت عابدة بصرية
ويحك أنام رب العالمين؟؟
قال ابن الجوزي : - رحمة الله- : "بلغنا أن بعض المتعبدات البصريات وقعت في نفس رجل مهلبي
وكانت جميلة وكانت تخطب فتأبى فبلغ المهلبي أنها تريد الحج فاشترى ثلاثمائة بعير ونادى من أراد الحج
فليكتر من فلان المهلبي فاكترت منه فلما كان في بعض الطريق جاءها ليلًا فقال: إما أن تزوجيني نفسك وإما غير ذلك.
فقالت ويحك اتق الله فقال ما هو إلا ما تسمعين والله ما أنا بجمال ولا خرجت
في هذا إلا من أجلك .فلما خافت على نفسها قالت :ويحك انظر أبقي في الرجال أحد لم ينم قال لا
قالت: عد فانظر. فمضى وجاء فقال: ما بقي أحد إلا وقد نام .فقالت :ويحك أنام رب العالمين ثم شهقت شهقة وخرت ميتة
وخر المهلبي مغشيًا عليه ثم قال :ويحي قتلت نفسًا ولم أبلغ شهوتي فخرج هاربًا "
أم عثمان بن سودة الطفاوي
الراهبة العابدة
عن عثمان بن سودة، وكانت أمه من العابدات يقال لها: راهبة، قال: فلما احتضرت رفعت رأسها
إلى السماء، فقالت: يا ذخري وذخيرتي عند الموت، لا توحشني في قبري.
فرأها ذات ليلة في منامه فقال: يا أماه، كيف أنت؟
قالت: يا بُني أن للموت لكربة شديدة، وأنا بحمدالله في برزخ محمود، نفترش فيه
الريحان، ونتوسد السندس والإستبرق إلى يوم النشور.قلت: ألك حاجة؟ قالت: نعم، لا تدع ما أنت عليه
من زيارتنا والدعاء لنا، فإني لأبشر بمجيئك يوم الجمعة إذا أقبلت، يقال: يا راهبة هذا ابنك قد أقبل من أهله
زائراً لك، فأسر بذلك، ويسر به من حولي من الأموات.
رابعة العدوية
الزاهدة العابدة الوجلة المحبة الربانية
قال محمد بن عمرو : كانت رابعة أذا ذكرت الموت أنفضت وأصابتها رعدة وإذا مرت بقوم عرفوا فيها العبادة.
وعن عبدة بنت شوال وكان من خيار إماء الله وكانت تخد م رابعة قالت:
كانت رابعة العدوية تصلى الليل، فإذا طلع الفجر هجعت فى مُصَلاها هَجْعَة خفيفة حتى يسفر الفجر
فكنت اسمعها إذا وتثب من مرقدها وهي فزعة وتقول: يا نفس كم تنامين؟ وإلى كم تقومين؟
يوشك أن تنامي نومة لا تقومين منها، إلالصرخة يوم النشور. وكان هذا دأبها
دهرها حتى ماتت، ولما حضرتها الوفاة دعتني وقالت: يا عبدة لا تؤذني بموتي أحداً، وكفنيني في جبتي
هذه، وهي جبة من شعر كانت تقوم فيها إذا هدأت العيون. قالت: فكفناها في تلك الجبة،
وفي خمار صوف كانت تلبسه ثم رأيتها بعد ذلك بسنة أو نحوها في منامي عليها حلة إستبرق خضراء وخمار من سندس أخضر لم ار شيئاً
قط أحسن منه، فقلت: يا رابعة، ما فعلت بالجبة التي كفناك فيها والخمار الصوف؟ قالت: إنه والله نزع عني
وأبدلت به ما ترينه علي، فطويت أكفاني وختم عليها، ورفعت في عليين ليكمل لي بها ثوابها يوم القيامة
فقلت لها: لهذا كنت تعملين أيام الدنيا، فقالت: وما هذا عندما رأيت من كرامة الله عز وجل لأوليائه؟
فقلت لها: فما فعلت عبيدة بنت أبي كلاب؟ فقالت: هيهات هيهات سبقتنا والله إلى الدرجات العلا،
فقلت: وبم وقد كنت عند الناس، أي أكبر منها؟ قالت: إنها لم تكن تبالي على أي حال أصبحت من الدنيا
وأمست، فقلت لها: فما فعل أبو مالك؟ أعني ضيغماً، قالت: يزور الله عز وجل متى شاء، قلت: فما فعل بشر بن منصور؟
قالت: بخ بخ، أعطي والله فوق ما كان يؤمل، قلت: فمريني بأمر أتقرب به إلى الله عز وجل، قالت: عليك بكثرة ذكره،
يوشك أن تغتبطي بذلك في قبرك، رحمهما الله تعالى.