Bongarts
خالف لاعب نادي ماينز الألماني ابن
مدينة بورسعيد المصرية "محمد زيدان" كل التوقعات والأعراف، ووجه صفعة
لأبناء قطره لا تأتي من لاعب ناشئ لا يمتلك الخبرة، وهذا عقب عدم احترامه
لملايين المصريين المكلومين بفاجعة سقوط مئات الضحايا ومشجعي كرة القدم في
الملعب الذي بدأ من خلاله -النجم كما يلقبه البعض- مسيرته مع كرة القدم.
ويبدو أن
السنوات التي عاشها زيدان خارج مصر سواء في الدنمارك أو ألمانيا أنسته
نشأته المصرية حيث أصبح يعبأ بمشاعر الألمان ويهتم بهم عن المصريين بعدما
أفرط في فرحته احتفالاً بهدفه الأول مع فريقه ماينز في مرمى شالكه بعد
يومين على مجزرة بورسعيد وتكرر نفس المشهد في مباريات هانوفر هوفنهايم
وكايزر سلاوترن بجانب احتفاله بطفله سعيدا
لم أكن أفكر في الكتابة عن هذا الموضوع أو إضاعة وقتي ووقتكم الكريم في البحث عمّا اقترفه زيدان، ولكن استفزني كثيراً تصريح للاعب
قبيل لقاء نادي ماينز و بروسيا دورتموند منذ يومين في إطار الجولة الأخيرة
من البوندسليجا، حين صرح زيدان وأكد بأنه لن يحتفل في هذا اللقاء إذا ما
قام بالتسجيل في مرمى فريقه السابق من أجل مراعاة شعور جماهير السيجنال
إيدونا بارك معقل نادي دورتموند الذي لعب له زيدان 3 سنوات ونصف.
لا
يعنيني في شيء سواء احتفل زيدان أو لم يحتفل بهدفه الذي سجله بعد يومين من
الحادثة التي ذرف لها العالم الدموع، رفض زيدان للاحتفال لن يطفئ نيران
أمهات الضحايا أو يُبردها، ولكن الكارثي حقيقة أنه التزم الصمت ورفض حتى
التعبير عن فرحته
.. و لم يحتفل عند تسجيله التعادل ضد دورتموند
فما الفارق إذا يا من تتغنى بمصريتك أمام الجميع!!؟ لن أجادل كثيراً من قال بأن هذه حرية شخصية له ولا يجب أن يفرض أحد
عليه تأبين الضحايا، ولكن هل دفع أحد كريستيانو رونالدو لارتداء قميص داخلي
مع ريال مدريد كتب عليه اسم مدينته التي نشأ بها في الصغر "ماديرا" عندما
ضربها الفيضان؟ .. وهل نصح أحد نجم الكرة العالمية "ليونيل ميسي" من أجل
الدعاء للأطفال المصابين بمرض وراثي لعين في كلاسيكو 2008 على ملعب
السانتياجو بيرنابيو!!؟...
النجومية لا تتجزأ بل النجم الحقيقي هو
من يواكب العالم حوله وهو من يستمد مشاعره من جماهيره ومحبيه، فمن غير
الطبيعي أن يبات مُعجبيك والدمع على خديه وأنت تذهب وتعبر عن فرحة صاخبة
وعارمة بعد تسجيل هدف حتى لو كان هذا الهدف جاء بعد صيام طويل وابتعاد عن
المشاركة أو عقب احتفال بطفلك الوحيد الذي شب أول خطواته قبل المباراة
بساعات قليلة.
زيدان تحدث
بعد الضغط الكبير الذي واجهه عقب الاحتفال في مباراة شالكة في أحد البرامج
وقال بأن العقوبات المادية هي من وقفت حائلاً بينه وبين تأبين الشهداء بأي
لافتة أو حتى ارتداء شارة سوداء، ووعد بعدها الجماهير المصرية بتقديم بادرة
في مباراة هانوفر خلال نفس البرنامج التلفزيوني وما كان منه إلا أن أخرج
"البزازة" ليحتفل بطريقة استفزت الجميع وكأنه تناسى المثل المصري الذي يقول
"اللي مالوش خير في أهله مالوش خير في حد".
موقف
زيدان نشط في ذاكرتي البادرة النبيلة لنجمي اللعبة الذي تستطيع وصفهم
بالنجوم وقلبك مطمئن المالي "عمر كانوتي" والمصري "محمد أبو تريكة" اللذان
لم يهبا العقوبة التي ستفرض عليهما بعد رفعهما لقمصان تساند الشعب
الفلسطيني والأطفال الفلسطينية، في موقف بطولي بالرغم من العقوبات
والغرامات المادية التي يخشاها حالياً زيدان من أجل الترويح عن أبناء وطنه،
وأتذكر جيداً عند مشاهدتي لمباراة في فلسطين منذ شهور رفع طفل لا يتجاوز
الخامسة عشر من عمره لقميص حمل صورة لمحمد أبو تريكة الذي يحبه ويرتبط به
لأنه نجم حقيقي يعبر عن مشاعره بمصداقية أمام الملايين.
أعتقد أن النجومية تتنصل الآن من "محمد زيدان" بعد هذا الموقف المتناقض
الذي أثبت حقيقة تصريحاته وتمسكه بالجنسية المصرية بجانب الألمانية، فهو
يحتاج في بعض الأوقات للقدوم إلى وطنه من أجل التباهي والتعالي بنجوميته
لأنه اللاعب الوحيد الذي يلعب في دوري قوي يسجل فيه الأهداف ويتألق لتكون
زياراته القصيرة إلى مصر كتلك التي يُستقبل فيها الملوك ورؤساء الدول، لذا
لا أعتقد بأن الشعب المصري بعد ذلك سيصدق أحاديث أشباه النجوم ودموعهم
الهاوية التي تتحول بعد ثواني لضحكات وصرخات احتفال.