أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
185 – (كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ) أي كلّ نفس تشعر بالموت وتذوق آلامه ، ولكنّ النفس لا تموت لأنّها أثيرية ، والإنسان الحقيقي هو النفس أي الروح لا الجسم ، وقد شرحت هذا الموضوع بالتفصيل في كتابي "الإنسان بعد الموت" وفي كتاب "ساعة قضيتها مع الأرواح" ، وقوله (وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ) أي تُعطَون جزاء أعمالكم وافياً (يَوْمَ الْقِيَامَةِ) إن خيراً فثواب وإن شرّاً فعقاب (فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ) فوزاً عظيماً .
تحشر النفوس يوم القيامة في الفضاء حول الشمس فتأتي الملائكة وتسحب النفوس الصالحة من جاذبية الشمس وتأخذها إلى الجنّة ، أمّا النفوس الشريرة الكافرة فتبقى في مكانها معذّبة تحت جاذبية الشمس . فهذا معنى قوله تعالى (فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ) يعني فمن زحزحته الملائكة عن الشمس وعن جاذبيّتها وأخذته إلى الجنّة فقد فاز ، وأمّا من بقي فيها مقيّداً بجاذبيّتها فقد هلك (وَما) متاع (الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ) ، ومعناه وما لذّات الدنيا وشهواتها وزينتها إلاّ أسباب الغرور فهي تغرّكم كما يغرّ الصيّاد بحبّاته فإذا نزل الطير ليأكله وقع في فخّ الصيّاد فكونوا على حذر ولا تقعوا في فخّها .
وقد سئل المسيح (ع) لِمَ لا تتزوّج ، فقال : "إذا تزوّجت صار لي أولاد ، والأولاد إن عاشوا فتنوا وإنْ ماتوا أحزنوا ."
187 – (وَ) اذكر لهم يا محمّد (وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ) يعني اليهود ، والميثاق هو العهد ، والمعنى : وذكّرهم يا محمّد بالعهد الذي أخذه الله عليهم بأن لا يعبدوا البقر ولا الحجر ولا النجم ولا الشجر بل يعبدوا الله وحده ولا يشركوا به شيئاً ، وأكّد على علمائهم وأحبارهم بقوله تعالى لهم (لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ) أي يجب عليكم أيّها الأحبار أن تذكّروا أصحابكم وقومكم بهذا العهد وتبيّنوه لهم جيلاً بعد جيل لئلاّ ينسوه ويلتفتوا إلى الأصنام فيعبدوها (وَلاَ تَكْتُمُونَهُ) أي ولا تكتموا العهد عن قومكم خوفاً من رؤسائكم وملوككم بل يجب عليكم أن تذكّروهم على الدوام .
فأخبر الله تعالى عنهم بأنّهم نقضوا العهد الذي أخذه عليهم وعبدوا الأصنام والنجم والشجر فقال تعالى (فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ) وهذا مثل عند العرب يقال في العهد إذا نقضوه أو في شيء تركوه ، ومعناه : وتركوا عهد الله جانباً ولم يَفُوا به (وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً) يعني استبدلوا به مالاً يسيراً ، وذلك أنّ رؤساءهم وملوكهم أعطَوا الأحبار من المال والهدايا ليسكتوا عن الدعوة إلى التوحيد وبقائهم على عبادة الأصنام فأخذوا المال وسكتوا (فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ) أي بئس المال الذي أخذوه بدل تذكير قومهم على العهد ودعوتهم إلى عبادة الله لأنّ المال يزول وآخذي المال يُعاقَبون يوم القيامة .
188 – ثمّ أخذ سبحانه في ذمّ أحبار اليهود الذين أخذوا المال وفرحوا به وسكتوا عن عبادة قومهم للأوثان وتركوا الدعوة إلى التوحيد فقال (لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أوتُواْ) من المال (وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ) بين قومهم فيحترمونهم ويمدحونهم ويقبّلون أيديهم (بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ) من فعل يستحقّون عليه المدح بين الناس أو يستحقّون به الثواب عند الله بل لمجرّد أنّهم أحبار (فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ) أي لا تظنّ أنّهم ينجون من العذاب يوم القيامة بعذرهم حيث يقولون إنّنا لم نعبد الأصنام كما عبد قومنا ، فنقول لهم ألم تكونوا علماء قومكم وأحبارهم فلم لم تعلّموهم وتذكّروهم بالعهد الذي أخذه الله عليهم بل سكتّم عنهم وفرحتم بالمال الذي أخذتموه من مرؤوسيكم ، فهؤلاء لهم الخزي في البرزخ (وَلَهُمْ) يوم القيامة (عَذَابٌ أَلِيمٌ) .