أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
17 – (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ) اي التي ضمن على نفسه قبولَها بفضله (لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ) أي يعملون الذنوب الصغائر بجهالة ، يعني جاهلين عقابَها وعاقبتها ، فالإنسان لم يزل جاهلاً حتّى يبلغ الأربعين من عمره فحينئذٍ يزداد عقله بالتجارب ويذهب جهله بالتدريج وفي ذلك قال الشاعر:
(ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ) أي من وقت قريب لليوم الذي عملوا فيه الذنب ، والمعنى يتوبون بعد فراغهم بوقت قريب (فَأُوْلَـئِكَ) التائبون (يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ) اي يقبل توبتهم (وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً) بمصالح العباد (حَكِيماً) فيما يعاملهم به .
18 – (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ) المقبوله عند الله هي (لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ) على الدوام (حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ) ملك (الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ) فأولائك لا تقبل توبتهم (وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ) فأولائك لا تقبل توبتهم بعد الموت و (أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا) أي أعددنا يعني هيّأنا (لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) في الآخرة .
29 – (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) أي لا يأخذ بعضكم أموال بعض بدون استحقاق ، وذلك كالرشوة والقمار والربا وغير ذلك من اغتصاب أموال الناس (إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً) أي مبايعة (عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ) أي تجارة صادرة عن تراضٍ منكم (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ) لسبب من الأسباب ، فإنّ بعض الناس ينتحر لسبب فقر أصابه أو كرب أو ضيق أو شدّة ، فإن أصابك كرب أو مصيبة فلا تقتل نفسك بل اسأل من ربّك أن يفرّج كربك واصبر قليلاً فإنّ الله تعالى سيفرّج عنك كربك ويزيل همّك ويشرح صدرك ، فقد قال الله تعالى في سورة الشرح {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} وقيل في المثل : الصبر مفتاح الفرج (إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) فلا يريد الله أن يديم عليكم العسر بل يريد أن يمتحنكم بذلك فيرى هل تصبرون أم تكفرون .
30 – (وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ) فيأكل أموال الناس (عُدْوَانًا) أي تجاوزاً لحدود الله وذلك كالسلب والنهب والسرقة (وَظُلْمًا) وذلك كالرشوة والربا وإنكار الأمانة وغير ذلك (فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا) يصلى بِها يوم القيامة (وَكَانَ ذَلِكَ) العذاب في النار (عَلَى اللّهِ يَسِيرًا) أي هيّناً لا يمنعه منه مانع ولا يدفعه عنه دافع . واعلم أنّ الدنيا مدرسة للإنسان فالحوادث والمصائب تكسب الإنسان معلومات فيزداد عقله تدريجياً فيصبح عالماً بالأمور وفي ذلك قيل :
جزَى الله الشدائدَ كلّ خيرٍ عرفتُ بِها عدوّي مِن صديقي
ولو كُشِف الغطاء عن الإنسان لعلم أن ليس في الدنيا مصيية حتّى الموت ، وإليك مثلاً في ذلك : إنّ أعزّ الأشياء على الإنسان في الدنيا إبنه الصغير إذا كان عمره بضع سنوات لأنّه يأنس به ويلاعبه ، فإذا مات هذا الولد فموته أكبر مصيبة على والديه ، وفي ذلك قيل : موت الولد صدع في الكبد لا ينجبر إلى الأبد . فلو كشف الغطاء عن والده وعَلِم عِلْمَ اليقين لرأى أنّ موتَ ابنه الصغير نعمة من الله عليه وليست مصيبة . ولعلّك أنكرت عليّ ايّها القارئ الكريم قولي هذا فتقول : كيف يكون موت الولد نعمة ؟ أقول لك إنّ الإنسان لا يموت بل ينتقل بموته من عالم مادّي إلى عالم أثيري ، وأرواح الأطفال لا تكبر بل تبقى على ما كانت عليه حين موتِها ، فالإنسان لا يتناسل في عالم الأثير ولا يكون له أولاد إلاّ من مات وهو طفل صغير ، فإذا مات أبوه وجد ابنه هناك فيفرح به ويبقى الولد عند أبويه يأنسان به ويلاعبانه في عالم الأثير ، فحينئذٍ يعلمان علم اليقين بأنّ موت ابنهما وهو طفل صغير كان نعمة من الله عليهما إذ لو لم يمت لَما كان لهما طفل في عالم الأثير يأنسان به ، فحينئذٍ يشكران الله على موت ابنهما في سنّ الطفولة .
وهكذا كلّ المصائب لو صبرنا عليها لوجدناها في العاقبة نعمة وليست مصيبة ، فهوّن عليك الأمور ولا تحزن لِما فاتك ولا تفرح بِما آتاك .
31 – لَمّا نزل قوله تعالى في سورة الزمر {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} ، قال بعض الصحابة يا رسول الله أيغفر الله الكبائر والصغائر ؟ فنزلت هذه الآية (إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ) والمعنى إن تجتنبوا الكبائر نكفّر عنكم الصغائر إذا تبتم ، يعني إن تبتم عن ذنب صغير نقبل توبتكم ، وإن تبتم عن ذنب كبير فلا نقبل توبتكم حتّى يقام عليكم الحدّ إن كان فيه حدّ وترجعوا أموال الناس وحقوقهم إن كنتم اغتصبتم حقوقهم ثمّ تتوبون فحينئذٍ نقبل توبتكم .
فالسارق يجب عليه أن يعيد المال الذي سرقه إلى صاحبه ثمّ يتوب ، وعاقّ الوالدين يجب عليه أن يرضي أبويه ثمّ يتوب ، وقاتل النفس يجب عليه أن يدفع ديتها ثمّ يتوب ، والذي يرمي المحصنة بالفحشاء1 يجب عليه أن يطلب رضاها فيدفع لها الأموال أو يعمل معها معروفاً حتّى ترضى عليه وتغفر له زلّته ثمّ يتوب ، وهكذا يجب عليه أن يؤدّي حقوق الناس التي اغتصبها ثمّ يتوب فتقبل توبته وإلاّ فلا .
والكبائر كلّ ذنب يقام عليه الحدّ ، أو اغتصاب حقّ من حقوق الناس ، وأعظم الكبائر الإشراك بالله ، ومن الكبائر قتل النفس المؤمنة وأكل الربا وأكل مال اليتيم وقذف المحصنة وعقوق الوالدين والفرار من الزحف في قتال الكافرين ، والزنا بامرأةٍ متزوّجة ، ومنع المرأة من الزواج ، والفتنة بين صديقين حتّى تكون بينهما العداوة ، وإيقاع المحصنة بالزنا وغيرها من الذنوب (وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا) اي مكاناً طيباً حسناً وذلك لِمن تجنّب الكبائر وتاب عن الصغائر .
---------------------------
1 أي يتّهمها بالزنا وهي غير زانية فيجب عليه أن يعترف بخطيئته عند من ذكرها عنده بالزنا .